قصيدةٌ في مدْحِ النَّبيِّ
صلى الله عليه وسلم
***
بانتْ سعادُ و بنَّا عن ملامحِنا
و من سعادُ إذا مرَّتْ قوافلُها
لو قيل إنَّ رسولَ اللهِ أوْعَدنا
لا شئَ – لا أحدٌ – لا حسَّ يقلقنا
لا أحسبُ الأمرَ هذا اليومَ يزعجُنا
نحن الغثاءُ كثيرٌ إنَّما صدَقَت
أخبارُ عصرِكَ بالتفصيلِ نحفظُها
وصفُ الصحابةِ يُروى مثلَ أُحجيةٍ
للشعرِ و الخطبِ العصماءِ سيرتُهم
إرهابُهم لعدوِّ اللهِ مشكلةٌ
تمضي القرون على الدنيا و جذوةُ ما
من جاهِها بيتُنا الطينيُّ ترهبُهُ
يا سيدي قامت الدنيا وما قعدت
من يومها و عروشُ الملكِ مشفقةٌ
كأنَّ فاروقَك الفرَّاقَ يرصدُهم
يخفون خوفَ أبي ذرٍ كنوزَهمو
باعوا "المجاهدَ" و اللهُ اشترى بطلاً
أرضَوْا عدوَّكَ بل يخشَون دائرةً
يخشَوْنَ سيرتَك الغرَّاءَ لو تُليَتْ
أنْعِمْ بقصةِ ملكٍ لا قصورَ لهُ
لا إرثَ فيه و لا آريَّةٌ ملكَتْ
ملكٌ من الغارِ و الصدِّيقِ و انْتظمَتْ
غارٌ و مسرجةُ المنهاجِ موقَدةٌ
يا سيدي كافةً للناسِ ، عولمةً
أرسِلْتَ آيَتُكَ القرآنُ متَّسِقاً
وهجاً تسلسل لا شمسٌ و لا قمرٌ
هيهاتَ يُشبِهُ ما أُوتيتَ من صحفٍ
يا سيدي و أنا من عصرٍ ْارتحَلَتْ
فلا خلافةَ في عصري أُبايعُها
أهْوَتْ علينا كما أهْوَتْ لِقَصعتِها
إنَّ اليهودَ و عبَّاد الصليب بغَوْا
في القصف قبلتُك الأولى و أمَّتُنا
يا سيدي أضعفُ الإيمانِ قافيةٌ
ما فوق مدحِك في القرآن من شرفٍ
أرجو بذكرِك في شعري له سبباً
و ما نطقتُ و ما أبصرتُ أو خفقتْ
يا كم جنحتُ بأشعاري و كم جَرَحتْ
يا سيِّدي هى بلوى الشعرِ يَسْكُنُني
كأنَّهُ غُدَّةٌ في خَلقِ أوردتي
إني أقلِّب أعذاري فيفضحها
اللهُ عزَّ و جلَّ اللهُ أمهلني
فالحمد لله أن أحيا و أحمده
يا سيدي و عليك اللهُ في أزلٍ
مني الصَّلوةُ و تسليمي و موعدُنا
عُوجوا عَلى تُونسَ الخَضراءِ وَاِبتَهِجوا وَأَشفوا الظماءَ بِما تَحيي بِهِ المُهَجُ
وَشاهِدوا في مَعالي المَجد بَدرَ هُدىً أَعلامُهُ مِن حِبالِ النورِ تَنتَسِجُ
هُناكَ صادَحَةٌ في الأُفقِ يَطرِبَكُم عِندَ اِستِماع الثَنا مِن لَحنِها هَزَجُ
تَثني مُلوك البَرايا وَالشُعوب عَلى مَولى لِسانُ العُلى في مَدحِهِ لهجُ
الصادِقُ الفاضِلُ الفَردُ الَّذي اِنتَشَرَت صِفاتُهُ فَغَدا يُستَنشَقُ الأَرجُ
شَمسٌ مِن الغَرب قَد مَدَّت أَشِعَّتُها فَأَصبَحَ الشَرقُ يُبديها وَيَبتَهِجُ
قَد أَسَّسَ الهَدءَ في الأَقطارِ مُحتَفِظاً عَلى العِباد فَلا طَيشٌ وَلا هَوَجُ
وَشادَ لِلعَدلِ صَرحاً في مَعالِمِهِ فَشيَّدَ الحَقَّ لا زيغٌ وَلا عِوَجُ
في خَدِّ صارِمِهِ المَصقول مَنصله ماءُ الجَمالِ بِماءِ المَوتِ مُنَدَمِجُ
وَفي فَمِ القَلَمِ المَرفوعُ قائِمُهُ ماءُ الحَيوةِ بِماءِ الرُشدِ مُمتَزِجُ
طَوراً بِبَسط الهَنا تَجري إِرادَتُهُ وَتارَةً بِالقَضا المَحتوم تَندَرِجُ
في بَطنِ راحَتِهِ الأَقدارُ قَد كَتَبَت يا مَن بَغَى فَرَجاً هَذا هُوَ الفَرَجُ
وَفي سَما وَجهِهِ الهادي بِرَونَقِهِ صُبحُ الرَجاءِ إِلى الأَفكارِ مُنبَلِجُ
رِجالُهُ زانَتِ الأَعصارَ إِذ نُخِبَت مِن كُلِّ شَهمٍ بِهِ العَلياءُ تَبتَهِجُ
وَجيشُهُ الكاسِرُ الجَرّارُ عَسَكرُهُ بَحرٌ جُيوشُ المَنايا خَلفَهُ لَججُ
عِندَ الطرادِ طُيورٌ لا ثَباتَ لَها وَفي الثَباتِ قِلاعٌ لَيسَ تَنزَعِجُ
أَحيى المَعارفَ وَالآدابَ يَنشُرُها فَاِرتَدَّ للعَربِ ذاكَ الرَونَقُ البَهجُ
نورُ التَمَدُّن في آفاقِهِ سَطَعَت عَلى البَريَّةِ مِنهُ لِلهُدى سرُجُ
يا صادِحاً في أَعالي الكَون يُطرِبُهُ هَذي فَضائِلُهُ حدّث وَلا حَرَجُ
فَقَد تَفَرَّدَ في الإِفضالِ مُرتَقياً عَلى أَثيرٍ لَدَيهِ تَقصرُ الدرَجُ
يَحيي البَرايا نَداهُ وَهُوَ مُنسَكِبٌ وَمِن رِضاهُ بلايا الخُلقِ تَنفَرِجُ