كأنَّ الفجرَ القادمَ منكَ |
يَزيحُ عنِ القلبِ |
المتعبِ كلَّ ظلامِ الإعياءْ! |
مهلاً يَا قلبُ فقدْ أضنتْكَ |
فُصولُ الشوقِ |
أرْداكَ عقوقُ السَّيفِ |
الغارسِ في الأحْشاءْ |
وطعناتُ بنيكَ من الأعداءْ! |
فالفجرُ الصَّادقُ |
كانَ بعمقِ الجرحِ سرابا |
والليلُ الحالمُ |
كانَ على الأحشاءِ خرابا |
وكذلك سيفي، |
سيفُ الشُّعراءْ! |
يا وطنًا كانَ حييًّا |
كان لطيفًا بالأبناءْ |
الآنَ بنوك |
ينامون على أرصفةِ التِّيهِ |
يَرودونَ صحاري الغرباءْ! |
وبعضُ بنيكَ |
إحتلبوا كلَّ رحيقِ الوردْ، |
إستلبوا كلَّ فصولِ العمرْ، |
وباعونا بخسًا بخسًا |
للتّجَارِ وأفواجِ الغرماءْ! |
يا وطنًا يرقُدُ فينا |
نهرًا، مجرًى.. |
لحنًا، شعرا.. |
يا ويلَ الباعةِ |
يا ويلي، |
يا ويلَ الأعداءْ! |
يا وطنًا يلتحِفُ |
سماواتي ألقًا وبهاءْ! |
قليلٌ من زادِكَ زادي.. |
كثيرٌ فيكَ رجائي.. |
والشِّعرُ أنينٌ وبكاءْ! |
يا وطني هل أنتَ مَلاك؟ |
هل تدري أنَّ بنيكَ الآنَ |
يبيعون الدِّينَ على الطُّرُقاتِ، |
ويبيحونَ حليبَ الأثداءْ! |
إلهي مَنْ أرضعَ وطني |
من ثدي الذلِّ؟ |
إلهي مَنْ أسقاهُ حليبَ شقاءْ |
مَنْ أربَكَ خطوي |
وسقاني من كأسِ التُّعساءْ؟! |
الآنَ بودي ان أطرحَ |
رُمحي أرضًا أرضا.. |
أنْ أكسِرَ لَوْحي إرَبًا إرَبا.. |
مِنْ فَرْطِ الإعْياءْ! |
لكنِّي أعجزُ يا وطني |
يا وطنَ العشقِ |
الغارقِ في الأحشاءْ |
هذي كلماتٌ خَجْلَى |
أحفرُها ألقًا في |
ذاكرةِ الثُّوَّارِ |
وأنقشُها لفلولِ الدَّهْمَاءْ! |
جئتُكَ وَحْدي |
وقميصي يتبعُني |
كظِلالِ البدوِ العَرجاءْ! |
لا أحملُ سيفًا قرشيًّا.. |
لا أدركُ كهفًا سريًّا.. |
جئتكَ وحدي والله |
جئتُكَ أحمِلُ |
شوقَ الشُّرَفَاءْ! |
في حضرةِ ملكوتِكَ |
يَرتدُّ البصرُ بصيرا! |
يألفُ قلبي محرابَك |
ينبثِقُ ضياءْ! |
يتحسَّسُ قلبي |
كلَّ الغزواتِ حسيرا! |
أتحسَّسُ جلبةَ ثوَّارِ |
في المهدِ هديرا، |
يأتونَ من الغيبِ |
ويسُدُّونَ الأرجاءْ! |
من سنَّارَ و سنجةَ يأتون.. |
من عندِ السلطنةِ الزَّرقاءْ! |
مِنْ قبةِ شيخِ عركي |
بناحيةِ السُّنِّي، |
أضناهُ الشوقُ إلى اللهْ، |
فأبكاه الشوقُ وأسرى للهْ! |
من عندِ سلاطينِ الفورِ سيأتون.. |
من كَرْمَةَ من كنداكة كوش |
من الرَّجَّافِ من الجبليْنِ سيأتون! |
سيأتون حبيبي من كلِّ الأنحاءْ! |
سيأتونَ خِفافًا وثِقالاً |
بنَقْعِ الثُّوَّارِ ونارِ الغرماءْ! |
ثوارك يأتونَ من الغيبِ |
بسيوفٍ أعياها الحزنُ |
وأسكرَها رجمُ الأعداءْ! |
يا وطني لا تَحزنْ |
فالفجرُ أراه يدقُّ |
على الأبوابِ السَّمراءْ! |
لا تحزنْ يا نبعَ الثُّوَّارِ |
فالثورةُ حينَ |
تفاجئُنا كالبرقِ الخاطفِ، |
تأكلُهم كالنارِ الحمراءْ! |
وتحصدُ أبناءَ الغولِ |
وتَسحقُ أحفادَ العنقاءْ! |
الثورةُ آتيةٌ لا رَيْبَ. |
صدِّقني يا وطنَ الشُّرفاءْ! |