الفصل التاسع
كل الذين أحبّوا انقسم التاريخ عندهم إلى ما قبل الحب و ما بعده.. و أنا منهم..
بل لعلي أفوقهم بأن تاريخي انقسم ليس من لحظة وقوعي في الحب بل من لحظة توقيعي بالقبول على طلبها.. إلى ما قبل ريتا و ما بعد ريتا.
فمنذ اليوم الأول لها في العيادة، بدأ التغيير يجتاحني بنعومة وعلى مهل.
قلت لكم أني كنت أفرّ من النساء فراري من شرّ مستشري.. ورغم صقيع تلك البلاد لم أفكر ان ألوذ بدفء امرأة.
قد يبدو كلامي ادعاء أو عقدة أو مرضا نفسيا.. لكني لم آبه يوما للتوصيف و التصنيف في حالات النفس و تقلباتها.
كانت النساء تعبرني كأني تمثال من حجر.. لا يثرن بي إلا رغبة التملّص والانكفاء.
هن الجنس الآخر.. يعني أنهن لا يشبهننا بشيء.
متقلبات مزاجيات.. متصنعات متبرجات ولو بدون زينة.. ملولات يصعب ضمان رضاهن عليك.. وأن تثق بإحداهن كأن تثق بكثيب رمال في صحراء تيه.
هذه المسلّمات عند ابن الثلاثين التي بنتها الاوهام و الأحكام مسبقة الصنع في أمة تمجّد الأسطورة و تركع في محرابها، لم يخطر ببالي أنها هشّة كعهن منفوش.
حسبت اني المحصّن الممنّع ، فإذا بعود ريحان يذهب بروحي واتزاني و يقوّض جدران حرصي.
تأملت وجهي في المرآة في صباحي الأول قبل التوجه لعيادتي، فراقت لي ذقني الحليقة، و لاحظت تغضن جبيني قد خفّ والعقدة بين الحاجبين قد انفردت ، فابتسمت بتواطو خفيّ لنفسي.
الصباح الأول أيضا لريتا.. لمساتها السحرية في العيادة .. لوحتان من إبداعها أحضرتهما كهدية لي.. علقت إحداهما في غرفة الانتظار وتركت لي اختيار مكان تعليق الأخرى في غرفة المعاينة.
زهور نرجس وكان الوقت مستهل الربيع،
نظافة و ترتيب و اقتراحات بسيطة تجعل المريضة تحس بالأمان و تقلل من ارتباكها.
كل شيء منذ الصباح الأول ، كان ينبئ عن زلزال شعور قادم.. بينما صخرة الوعي تنزاح و تتدحرج بعيدا عن كاهل سيزيف.
مع ذلك..
لم أقل لها أحبك إلا بعد عام و نيّف.
يتبع......
متلى هذا ال يتبع
متشوق له أم أنه انتهى هنا وتركتيني معلق بين لوحتين
مسا الورد
كنت قد أهملت إكمالها
لكني أجد باهتمامك محرضا .. فليس من حقي أن اكون كالموت خاتما .. بل فصول حياة