الحلقة الخامسة من دراسة نقدية في حوار ادبي مع الكاتبة فاديا الفقير
بقلم جمال السائح
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
السؤال الخامس :
* لكن قد تكون هناك نوع من القصدية لدى بعض النقاد في استعمال مناهج نقدية معينة لتشويه العمل؟
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
مناقشة صيغة السؤال الخامس :
........................................................
قضية عارضة
لها ان تعيش زمن التعارض والعرضية لمرحلة طويلة
وانها ما زالت رهن المساس بشكليات وقوالب الحيثية الادبية
ومن ثم ، فهي التفاتة مهمة
كان نزع اليها الاستاذ المحاور خالد المهير
لانها تمثل عنوانا عناديا لا فكاك منه
يمثل ازمة راهنة
لنا ان نعيشها ابدا
لانها اشتقاق غير محسوب الا على انانية ..
مشبعة بنسف لاساطير الفن وحكايا طقوسه
باعتبارات لحالات تطبعية
يعني وللاسف
حالة الناقد
اصبحت لدينا وفي اليوم
اشبه بحالة المحامي
فهو مضطر للتكفل بقضايا
في اليوم والليلة
وان مسرح حياته له ان يدوم
طالما تكفل برفع الدعاوى
وحبس نفسه على دفاعات اخرى
ولقد تراه يعلم انه يدافع عن خؤون كذاب
لكنه يؤمن بوفائه للمهنة
وانها اقدس حتى من تلك الجريمة التي قام بها الجاني
يعني نفس موكله
كذلك الناقد
ولا اقصد الناقد الحر الوجيه في رايه وكلامه ومنهجه
وانه لا بد ان يقوم بتشجيع الكاتب
مهما بلغ منه مستوى الضعف عند الاخير
نعم .. كذلك الناقد
فلا ارى حاله الا كحال المحامي
فانه يشعر ان مهنته لا تتيح له الا ..
ان يغرز اظافره وعلى الدوام
في مخيلة الاخرين
وفي لحمة نصوصهم
واغشية افكارهم
ومواليدهم المتنامية في كل لحظة واخرى
ورؤياهم واشباعاتهم ورغباتهم النفسية والحركية
لانه ان لم يفعل
سوف يخلد الى السكينة
وان خلد ..
فانه سوف يتخلى عن لغة النقد تلقائيا
لانه ان لم يفعل
فانه سوف لا يعد ناقدا
فيجب ان يوجه ضرباته دائما
الى النصوص واصحابها
كي يبقى على قيد الحياة
سواء كان النص سليما او غير سليم
مثل المحامي
سواء كان الموكل بريئا او غير برئ
عليه ان ينتصر له
لكن الناقد ما كان استوجب على نفسه
الا الانتصار لنفسه على النص ..
وصاحبه
مهما كلفه الثمن
حتى لو كان سيكون بذلك مجحفا
او لا ..
وفاته ان مهنته هي تنبيه نفس النص
ونفس المتلقي
وتفكيك النص
وغلقه من جديد بعد تجميعه
وشحنه بصورته
وان يصبغه بختم له
انه كان قد مس عتلاته والاته
وانه يحيا بضمانة ناقده
وله ان يشرّحه ويقلب اعضاءه
ويشرح براهينه ويعيد كتابته
وبرؤياه ونظرته
بعد ان يسهب في تطويلاته ودلائله واثباتاته ..
وتفاسيره
وشروحه النقلية وغير النقلية
والتمثيل له ولغيره
في داخل الشرح والتوضيح والقراءة
لمظاهره وخلفياته وتراميزه
وتناصه ومقارناته ومقايساته او موازناته
كل هذه الاشكال العلمية
يتخلى عنها
ويشغل نفسه بلهو العصر الاناني والتقليدي
والفوز بعرض الحياة الادنى دون الاحق والابعد
فكما لا يهم بعض المحامين سوى الانتصار لنفسه
ولاسمه
على حساب الحق
او بعضا من الادعاء العام
فلا يهمه سوى الانتصار لمقدرته ولمحكمته
او حتى القضاة ..
رغم وجود المحامين
او غيرهم ..
من الذين لا يهدفون ..
الا الى اعلاء كلمة الحق
ورغم وجود النقاد الذين لا يهدفون
الا الى اعلاء كلمة الحق
كذلك فان الناقد لا يهمه في مثل هذه الحال
الا الانتصار لنفسه
واسمه
كما لو كان هو والنص وصاحب هذا الاخير
يتنازلان في منافسة رهيبة
ومعركة فاصلة
وانه اما ان ينتصر او ينتهي
رغم ان المحامي ربما كانت تستوفزه
عوامل اكثر
مالية وتوصيات خاصة او عامة
فهذا قليل ما يحصل بالنسبة الى الناقد
الذي يغرر ربما بالنص ومنتجه
من اجل اشياء واهمة
يتوهمها ليس الا
او يعتقد بضرورة اصابتها عن سبق واصرار
وترصد
كأن تعيله احدى الطواقم من التيارات الصحافية
او المدارس الثقافية المتشددة ذات البعد الواحد
وكل هذا ليفتعله
على حساب النص
وصاحبه
يعني على حساب الحقيقة
واصحابها
وربما ذهب ضحية مكره الادبي ابرياء
مثلما يحدث حين تبرئة محام عريق لمجرم محترف
وايهام العدالة بضرورة الاقتصاص من اخر
وما كان مثلا هذا الاخر والاخير الا بريئا
ستمتزج العملية بخيانة لشرف المهنة
والفكر
والحضارة
لان الاخيرة ستتاثر بكل هذه التقنيات الزائفة
وسيكون لها ان تدفع ثمنا باهظا
هي ومن لحق بها من ورائها
كل هذا له ان يحدث
حينما لا يريد الناقد او الدارس او المحقق او المفكر
ان يشتهر ويظهر ..
الا .. بسحق نص او متن ..
هو وصاحبيهما !
مع انه كانت ستكون له الشهرة والعظمة
وابداء وجهة النظر وعلميته كذلك
وتلقيح افكاره ايضا
لان اي نص
يعد فرصة لشحذ طاقة الناقد والمفكر والدارس
وفرصة لتغذيتها وتوسيع نطاق افقه الكتابي
لانها سوف لا تتوقف عنده
بل لها ان تتواصل بفعل التناوب والتراتب
لكننا ..
كنا ولا زلنا
نعيش الالام ولا ننشغل عنها
الا بالام اشد منها مرارة
ولقد عشنا داءها منذ الخليقة ..
حينما عاشها اجدادنا والسالفون
ولنا ان نستغرقها ونكابد مرارتها ..
وحتى يومنا هذا
وهي ان داء العلماء الحسد
فثمة ضغينة لا تتنفس في افكار الخبراء في الادب
الا حين يرون اثما يشاع في اوساطهم
فلأجل ان يتنفس هذا الاثم
ويتخارج
لهم ان يصدروه الى اخرين
كي يتم له الاشعار بالمصادرة عليه والفروغ منه
الى جانب احتقار النفس لنفسها
سيما وان غبرتها لا تنجلي تحت مثل هذه المسميات
انما تثور لها مكامنها تحت عناوين اخرى
ولو تلمسناها بشكل متفاعل واساسي
لوجدنا انها تنبع في الاصل من فعل الكيد والغرام في الخبث
والغرور والحسد والتعنصر لسلطان دون اخر
والفوز بنصيب من الثروة لقاء تلبية وجهة نظر سلطوية
او التعرض لاخر كي اثير التعرض لنفسي
ومن ثم شهرتي غير الواقعية
في زمن اصبح فيه التهاتر اكبر لغة واقعية ومنطقية
وربما رقمية ديجيتالية ايضا ..
ولمثل خلاف هذا
يمكن ان اعرض لمثالين ..
ربما تناهى للبعض انهما ينطبقا على مثل هذا الحال
لكنهما لا ينطبقا الا بفعل المثال الثالث
ومميزات خصائصه
وذلك بعد تجاوز هذين المثالين :
كما يحدث مع معلم التدريب في الجيش
حين تجده في ساعات التدريب
لا يمكنك ان تحصد منه سوى الارهاب
لكنك ربما حين تتقرب اليه خارج تلك الساعات
تجده انسانا اهدء من الحمل الخنوع
واطيب من سعة الطيب نفسها
هذا الشخص لا ينسى وفي غمرة ساعات التدريب
ان يحتفي بالقدرات والطاقات العسكرية المجتهدة
فيكافئها ويثني عليها
يعني قسوة التدريب لا تنسيه مثل هذا الامر
ولا تصرفه عن ادائها تجاه من يستحقها من الجنود
وربما اكرمهم باجازة او رخصة او ما شاكل ذلك ..
لكننا نرى الى بعض الناقدين والدارسين حين النقد
لا ترى احدهم يرحم نطاقات الموهبة لدى الاخر
ولا حتى تحت اي ظرف من الظروف
.......
كذلك ربما كان مدرس في المدرسة
في حين الدرس وتصحيح اوراق الامتحان
لا يعرف محاباة احدا
لكنه خارج الصف او المدرسة
تراه شخصا اخر
يعيش الحب والتواصل مع الاخرين بمثل ما يعيشونه
بل ربما يكون اقرب اليهم منهم اليه ..
هذا ايضا
لا ننسى ان امثاله
وفي عز قساوته في داخل الصف
نراه يثني على الطلاب المجتهدين
ويقدمهم امام الصف
ويعرب عن فخره بهم وبدرجاتهم
لكننا ربما لا نرى مثل هذا
لدى بعض نقادنا الاشاوس ..
الذين ليس لهم من هم سوى تفنيد الطرف المقابل ..
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
لكن كلا هذين المثالين المتعاقدين
تحدث اسبابهما العامة نتيجة حالات من التطبع ..
والتاقلم على صور خاصة وعامة متقاطعة مع بعضها
..............................................................
اما المثال الثالث المدمج بفعل المثالين الاول والثاني
او كنتيجة حاصلة عنهما
وفق مضامين اخرى ..
تفرزها قواطع متساجلة معهما
فاننا لنرى هذا الأحدهم ..
ودفعا لشبهة ان يقال عنه
متورط في الواسطات
نراه حين يجد احد اقاربه في مكان عمله
يشدد ويقسو عليه اكثر من غيره
ويحاسبه حسابا اكثر عسرا
ظنا منه انه ان فعل مثل هذا امام الجميع
نعم الجميع .. الذي يدرك انه قريب مقرب اليه
سيحقق له مأثرة في نفوسهم
وسيزيد من اعتقادهم بعدله وانصافه
وانه لا يحابي احدا الا في الله
مع انه يفعل مغالطة
ويغالي في تعذيب هذا المقرب
كل هذا لدفع طائلة اتهام ما
هو قابل للرد وفي اسهل المواضع
وتحت ابسط الموازين
كذلك ليفعل بعض الناقدين بنصوص متحفة ..
بثقلها الايديولوجي والفكري
ليثبت تجرده من خصخصة المشاعر الشخصية
او الولاءات النفسية والتحزبات الفكرية ..
او برهنة منه على احتوائه لمدرسة فكرية خاصة
ينتسب اليها في الدراسة النقدية .. مثلا !
ظنا منه انه يحسن صنعا
وان فصيله بذلك يؤدي مهام الناقد المتجرد من التحيزات كافة
وهم ما يعلمون انهم يحزنون العملية النقدية عامة وخاصة ..
ويغضبون مسيرتها وكل بواعث مجدها الآنية والمستقبلية ..
هذا بالرغم من ان امثال هذا
سيكون لهم ان يتطبعوا ..
على مثل هذه السياسات الغريبة والشاذة
وبشكل مفرط عجيب
ولو تراهم يرون الى اشخاص اخرين
ربما يصنعون اكثر من هذا الشخص القريب
لتراهم يغضون الطرف عنه
ولا يحاسبونه
ان لم يؤهلوه لمكانة اكثر رقي
وهذا ما يحصل لدى بعض مفكرينا وقاداتنا في النقد
بل اكثرية الطاقم المتشدد والمتطرف في مفكرينا
حين يلهو عن مفكري الغرب
بكل اباحياتهم ونظرياتهم الغريبة
وربما اهتم بالتمهيد والشرح لها
والاشادة بعقولهم وايات تجلياتها
بينما نراه في شق اخر
يقيم الارض ويقعدها
حين يكون له ان يهتم بفكرة علمية حكيمة وجسورة
كانت صدرت عن احد ابناء جلدته
او احد ابناء قومه
واذا به يسل سيفه من غمده
ويشرع بنشر كافة اشرعته القاتلة
ويثير التراب حوله كي يكيل له بترسانة من التهم
والتي كان اركمها ريثما يبصر احدا مثله
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
مع تحيات جمال السائح
Almawed2003@yahoo.com
www.postpoems.com/members/jamalalsaieh