الحلقة الثانية من دراسة نقدية في قصة المدعي للاستاذ نز



دراسة نقدية في قصة المدعي



للكاتب الاستاذ القاص والروائي نزار الزين



بقلم : جمال السائح



(الحلقة الثانية)





هنا تجدون نص الاقصوصة :





المُدَّعي



أقصوصة بقلم : نزار ب. الزين*



*************



بلغ عوني في تحصيله العلمي المرحلة الثانوية ، و رغم نجاحه المتواصل ، لا زال يعاني من الخجل الشديد ، يرتبك إذا تكلم و يشتعل وجهه و يتصبب عرقا إذا سُؤل ، و خاصة إذا كان المدرس هو السائل ؛ حتى أصبح محل سخرية زملائه و تندر مدرسيه .



عانى عوني الكثير من حالة ضعفه هذه ، ثم بدأ يقاومها بالتبجح و الإدعاء سعيا وراء بعض الإحترام لشخصيته المهزوزة ، فوالده غني و صديق شخصي لوزير المعارف ، و عمه صديق مدير مدرسته هذه ( من الروح للروح ) ، أما والدته فهي صديقة أثيرة لزوجة رئيس الجمهورية .



و إذ لمس تغيرا في تعامل الزملاء ، طوَّر تبجحاته و إدعاءاته ، كان آخرها أن إبن عمته الطبيب أحضر له معظم أسئلة الإمتحانات الوشيكة !



ثم بدؤوا يتوسلون له و يتوددون للحصول عليها ...



و ذات يوم إستدعاه الأستاذ راشد ، مدرس اللغة الأجنبية إلى غرفته ..



عندما خرج من الغرفة كان مطأطئَ الرأس ، و علامات أصابع طويلة ملأت خديه ، أما راحتا يديه فكانتا متورمتين .



سأله أحد زملائه علامَ عوقب ؟ ، تصنع التجلد ثم أجابه بصوت نصفه بكاء : << أحدهم دسَّ عني فريَّة ، إتهمني بأنني أبيع الأسئلة لزملائي ، و لكن صبراً سيكون طرد الأستاذ راشد من جهاز التعليم كله على يدي ، قريبا جدا ستسمع خبر تسريحه !.. >>



----------------------------



*نزار بهاء الدين الزين

مغترب من أصل سوري

عضو إتحاد كتاب الأنترنيت العرب

البريد : nizarzain@adelphia.net

الموقع : www.FreeArabi.com



ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ





عالم زملاء عوني من التلاميذ ..

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

أما هذا العالم

فنعود اليه

وهو لا يعرف الرحمة الا في حدود نسبية

عالم طلبة في طور التعلم

مع انهم لا يفوقون عوني علميا

لاننا لم نلحظ مثل ذلك في النص

وما لحظناه مؤكدا هو تفوقه الثائر في دروسه كافة

فهو احق ان نطلق عليه

انسان وطالب مثابر

هو ولما يزل في طور التعلم

وفي طور النمو والتقدم

كحال البلدان التي في حال التقدم او في طور التقدم

وليس بلدانا نامية

او لا زالت تتحرك في بدء الطريق

وانها تحرك بخطوها الاولية

وان كان لنا ايضا ان نقرن زملاءه

بالدول النامية ايضا

لكنا فرضنا مثل هذا التأويل

لانهم فعلا كانوا في طور التعلم

والتنمية والتقدم

اما عوني

وعلى الرغم من انه هو الاخر في طور التنمية والتقدم

وربما كان افضل منهم علانية

لكنا فضلنا ان نقهره داخل تأويلات

دالة على انه ينتمي الى اقفاص تلك الدول النامية ..

والتي لا زالت تشق طريقها وفي اوله

لانه كان مغمورا بفعل تلك الممارسات الحادة

والهجينة المتوجهة الى شخصه

ومن ثم كانت تمثل قدرة محطمة لكل جهوده ونبله وشراسته العلمية

بينما المفروض ان يمتثل زملاؤه لقوته العلمية

ويشيدون به

حتى لو كان تلعثم وتردد وخوف واياس يستثيره ابدا

لكننا لا نشهد في النص ما يدل عليه  

لكننا نرى تكبرا منهم

بفعل تلك السلوكيات المهينة التي كانوا يمارسونها في حياله

حالهم حال تلك الدول المتنامية

يعني التي تشهد نموا

وتقع ما بين الدول النامية

او دول العالم الثالث من جهة

والدول المتقدمة والمتطورة من جهة اخرى  

وهي ما كانت الا بلدانا شبه متقدمة

وربما احتكرت فنون صناعاتها على نفسها

او لا تفسر اسرارها الا بحضرة الدول العظمى

بينما تستهين بمن وراءها من دول

لا تزال تشق الطريق في مفاوز العمل والاستثمار

بينما المفروض ان تمتثل مثل هذه الدول..

الى التعاون مع دول العالم الثالث

لانه ثمة رابط وانماط متجانسة

يربط وتربط بينها

قواعد وقواسم مشتركة

سيما وانها تختلف اختلافا قريبا من التمامية عن الدول المتقدمة  

تلك الدول الرأسمالية والمتطورة كثيرا

..............................

عالم مدرسي عوني من الاساتذة

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

فعوني يحمل علمية محددة

لكنه جدير بها ان تلمس اقطار التفوق

لو قدر لها ان تستغل

فان بوسع عوني ان ينفق عليها الكثير من عناياته

كي يصل بها الى مرافيء مختبرية

تتيح له ان يستغلها ويستثمرها بالتالي

لتوفر له اخيرا اعمال تطلعاته وتحقيق رغباته

حتى سيكون بوسعه ان يصل في يوم من الايام

الى نفس منزلة اساتذته

بل له  ان يتفوق عليهم

ويباريهم ربما وينافسهم في كل علمياتهم وقدراتهم التدريسية

كما من الممكن اليسير ان يسابقهم ليتركهم وراءه

يعدون السنين ويسائلون الركبان عن منجزاته

ليفوق كل ما وصلوا اليه من علمية

وربما اصبح طبيبا او مهندسا

او وزيرا في ذات يوم

او حتى عالما او كاتبا او محاميا

او فنانا موهوبا

او شخصية تعلو ولا يعلى عليها

خلاصة الامر

ان بوسعه ان يصبح ما يشاء ان يكونه

لانه طالب مثابر ويصل الى مبتغاه بكل نجاح

وهو يمثل في حقيقة امره

الدول النامية

والتي بوسعها لو بذلت الجهد المناسب

ان تصل الى اهداف بعيدة المنال عنها

في نظر تلك الدول الكبرى والمتقدمة

او حتى في نظر تلك الدول التي اصبحت في طور التقدم

او شبه المتقدمة

من التي كانت بالامس نامية

ومن ثم اصبحت شبه متطورة

بعد ان كانت فعّلت لديها كل الامكانيات

وجندت كل الطاقات

واعدت كل الكفاءات

لكن ثوبا استكباريا صار يتلبسها

ربما اكثر رداءة من ذلك الثوب الذي تلبسه نفس الدول المتقدمة

والتي لو كان لها الحق في التبجح

فما كان الحق لتبجح تلك الدول شبه المتقدمة

وهي التي كانت والى الامس القريب تعاني الشتات في الفكر

والعمالة والقدرة والمكنة والتقدم اساسا

لكنها وبفضل تحول كان طرأ عليها

افادت منه شعوبها وحكوماتها

خضعت الى سلسلة من التطويرات

ومناعة من جملة الاختزالات الزمنية التي كانت عصفت بها

حتى وصلت الى مثل حالها في اليوم

وهو حال اشبه بحال التلاميذ

ممن يجدون في الشجاعة التي لديهم

او الغرور والجرأة ما يفيدهم بالتفوق على علمية عوني

رغم ان عوني وحسب ما توحي به القصة

هو يفوقهم علمية وبوسعه ان يتميز بينهم

لكنهم يكبحون تواصل علميته

وتطوير قريحته الفكرية

بشكل غير مباشر

عمدي وغير عمدي

لكن الاول مراده واضح ومبدأه واقع

لان للفعل حين يقع اول مرة تأويل يضارع حركته الزمنية

لكن حين يكون لنفس الفعل ان يتكرر

فاي نفي للعمدية يمكن ان يتحقق

لا يمكن المصادرة في حينها الا على عمدية مغياة

حين يتكرر ويتلازم نص الفعل مع نيات معتزمة

سخرية وتندر

هذا بوسعه ان يحتكر طاقاتهم

ويوسع من مجال الاثراء المجاني من طرفهم

في مقابل الاثراء العلمي الذي يشتمل عليه عوني

يحاولون من خلال هذا الاثراء الظاهري في القدرات غير المسئولة لديهم

ان ينافسوا قدرات عوني

ويستثيرون فيه الكبرياء

سيما المدرسين

والذين ليس لهم ان يرعووا حين يرون جهده وتفوقه في الدرس

مما يمكن ان تشفع له عندهم

لكن لا نشاهد ما يوعز بمثله

بل هذا مما يسهم في تحفيز الطلبة على السخرية منه

لانه حين يعكس المدرس نفسه مثل تلك الردود من الفعل

فماذا سيكون حال المدرسة نفسها بمختلف شرائح طلابها

..........................................

هذا كله له ان يركم وعيا لا شعوريا في نفس عوني

سيكون بوسعه ان يستثمره في المستقبل

وهذا ما حصل لعوني بالفعل

حيث اندفع وبعد ان وجد نفسه خالي الوفاض

وان علميته ونبوغه ما عاد بوسعهما ان يشفعا له

كي ينهيا ازمة نفسية

كانت توعدت بتهديد طبيعة سلوكه المدرسي

فضلا عن تجسيد حالات من التفاعل غير المحدود

مع كل الصور المتناقضة من حوله

والتي تواطئت على الحاق الضرر به وبصورة غير مباشرة

.........................................

هنا عوني

وبدلا من ان يدلل على عمق ستراتيجيته العلمية

وفنه الذوقي

وقدرته الباطنية

وعقله الاخاذ

استخدم لغة اخرى

هي اقصر الطرق

واغذ الاساليب

لان عوني كان يسبر غور من حوله

ويختبر مفاعيلهم الذاتية

ونفوسهم التي انطوت في الدخائل

وسرائرهم التي استترت خلف مختلف الملامح البشرية

حتى جعل يحاول منافستهم في وقاحتهم

ولكن بشكل معكوس

حاول معه ان يساجلهم بنفس اللغة التي تعاطوا بها معه

حاول ان يسخر منهم

كما سخروا منه بالامس

بل يثأر لكرامته

وحاول ان يخفف من الامه الماضية

ويذيق اساتذته ومدرسيه شديد الارهاق في التدريس

ولكن من دون ان يعمل الطلبة ما يفترض اعماله تجاه ما يقدمونه من خدمات

فكان يحاول ان يطلع على الجميع باستهانة بالغة لقدراتهم

وان وعيه العلمي بمقدوره ان يتم استغلاله في وطر اخر

هو انجع وسيلة من كل وسائلهم التي يرونها فهما اثمر من فهمه

...........................................

فالجرأة التي  استتر خلفها الطلبة في تعميم سياسة الاذلال لعوني

او المغالبة التي تخفا وراءها المدرسون لكي يتندروا عليه

ما كانت الا مواقعة داخل المدى

لكنه حاول ان يقدم صواريخ عابرة للقارات

يشهد الدول المتقدمة انه يملكها

سواء علمت بقدراتها الكاملة او لا

لكنه اراد ان يزرع الفزع في نفوس تلك القدرات الطامعة

من جهة

ومن جهة اخرى

اراد ان يثير كل المخاوف في ضمائر تلك القدرات النامية

والتي ما كان لها اي حق في السخرية منه

بل على العكس

ربما كان ليصيبه العي في الكلام

او الخوف من الحديث

والخجل المريع

لكنه بوسعه ان ينهض متى شاء

ومتى ما تخلص من نظرته الدونية الى نفسه

والقى ثوب الضعف من على جسده

بعيدا عنه والى الابد

كي يتخلص منه

فكان سبيله الى النفاذ في هذا المجتمع مغالبا في كل تجاربه

اراد القفز من على قواعد برمجية كان استلهمها طوال سني دراسته

لكن وعيه الجاثم فوق صدره

والمصادر ثقته فيه وبالكلية

بعد ان تمكن منه الخصوم

واذاقوه ويلات تركت في نفسه تجسيدا لكل العيوب

وقتها

كان همه ان يركب الموج كيفما شاءت الاقدار

همه الوحيد ان ينهض بتلك النفس المأسورة

والقدرة المنصهرة تحت وقع الضرب والكيل المبرح والمتواصل

من دون ان يعي نوعية الخطة المصطفاة في مثل هذه الظروف

ومن دون ان يستغل موهبته العلمية

لانه كان صعبا عليه ان يثبت علميته شفويا

لانه يخاف الجواب ويرهب ادارة الكلام

فكيف له ان يحقق تجربة تثبت عكس الادعاءات الحاصلة في صفه

او حوله في المدرسة

لانه كان ومن الظاهر متفوقا في امتحاناته واختباراته التحريرية فقط  

بينما كان لا يقوى على منازلة اكسل الكسالى في صفه

في شرح اي موضوع

او الاجابة عن اي سؤال

يتعلق بأي مادة من المواد الدراسية

............................................



انتهت الحلقة الثانية

من الدراسة النقدية في قصة المدعي للاستاذ نزار الزين

وتليها الحلقة الثالثة انشاء الله

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

مع تحيات جمال السائح

2006-02-20










View jamalalsaieh's Full Portfolio
tags: