القسم الثاني من نقد الفلم السينمائي : الممرضة بيتي
................................................
صور التقمص في حالات من اللاوعي عبر تحليل للفلم الامريكي : الممرضة بيتي
الفلم من انتاج عام 2000
................
فلم سينمائي بعنوان الممرضة بيتي
انتاج شركة جراميرسي للتصوير بالتعاون مع باسفيك فلم للتوزيع
لعام 2000
اخراج جين يويس ايسكوفاير
......
المنتج المنفذ
فيليب استيوير ـــ استيفين بيونير
انتاج
جيل موتروكس ــ واستيف جولن
......
والفلم عن قصة للكاتب جون سي ريتشارد
......
الفلم من بطولة :
ريني زيلويجير بدور الفتاة الشقراء العاملة في مطعم والتي تعيش احلام اليقظة
مورجان فريمان بدور الرجل الاسود الكهل المتعقل للامور
كريس روك بدور الفتى الاسود المتهور والمغرور ويسلي وهو ابن الرجل الاسود
جريج كنيار بدور الممثل الذي يؤدي دور دكتور ديفيد راويل في المسلسل المشهور في داخل مشاهد الفلم والذي كان تحت عنوان الداعي الى الحب
.....
بالاشتراك مع
آرون ايكخارت
كريسبن جلوفر
اليسون جايني
برويت تايلور فينسي
...............
تتخلل الفلم 16 اغنية مختلفة طبقا لتداعيات المشهد
..............
القسم الثاني
.................................
( 12 )
مجموعتان اساسيتان في الاحداث القادمة
حاضرتان كلتاهما في نفس المطعم
اضافة الى متفرقة من الحضور
ليس لهم اهمية في معنى الحدث الاتي
بينما يصب المخرج اهتمامه في تلك الحلقتين
والرابط هو نفس شخصية بيتي !
الرجل الاسود وابنه من جهة
ورئيس الشرطة ورفيقه المحقق صاحبه من جهة اخرى
وبيتي نادلة المطعم تعبر عن حلقة وصل
بين الاسود وبين الابيض المعزز بقانون يحميه
اذ كان رئيس الشرطة ابيض وصاحبه كذلك
مع ان مطعمها يقدم خدماته كافة
للابيض والاسود
فعالم بيتي يجمع بين الابيض والاسود
لا يفرق بينهما
هذا مطعم بيتي الذي كانت تعمل فيه
وهو يوفر في نفس الوقت
المدنية بما فيها تقنية التلفزيون لغرض المشاهدة
للاسود قبل الابيض
باعتبار ان الاسود كان يجلس قريبا من جهاز التلفزيون
( 13 )
يشكل كل هذا منعطفا غير معلن عنه
يسبر غور القضايا اللاحقة من دون استثارة علنية لها
ومن دون استدعاء لقوانا وبالشكل الواعي والمنظور
فما كنا نعلم انه يدور بنا في قارعة حياتية
اراد ان يلفت نظرنا الى شعبة من شعاب الحياة
بامكانها ان تغرق كل العيش في سلسلة ازماتها ...
التي تنعقد في نفس هذه الوحدة الزمانية
لتمتد متسعة بعدئذ في دراما بسيطة هادئة
من دون ان نشعر انها تضفي على نفسها
صرخات سابغة
سيتبعها المخرج مشاهده فيما بعد
خلا تلميحاته الى الابن الاسود
بمصارحاته غير المؤدبة
وسليقته التي تفتقر الى ابسط حدود اللياقة والادب ..
حينما مازحته بيتي
لكنه عاد يقول لها انها عشوائية في توهمها
( 14 )
ثم الرجل الاسود الكهل
فانه كان يبدي اعجابه ببيتي عبر ابتسامات مختلفة
كما لو كان يخبئ مشاعر حب تجاهها
ومشاعر شبابه الضائعة
واحاسيسه التي يراها تستأهل ان يفوز ببيضاء وشقراء مثلها
كانت نظراته توحي كما لو كان يتحسر على ايامه
ويلعن اللحظة التي اتصفت فيها سحنته بسواد من السخام
( 15 )
على خلاف نظرات ابنه الصلفة والمتغابية والمتمردة
والخلوة من اعارة اي اهتمام لاي شيء
سوى ما تتملكه من حالة برود
مزيج بوهج من السخط والخبث والاحتقار لمن حوله
سيما لو كان ابيض
حتى اننا سنلحظ اننا ربما سوف لا نشاهد سودا غيرهما
في كل مشاهد الفلم
مما يصور لنا انطباعا عن شخصيتيهما
يثير فينا الرمزية الحافلة بكل مجالات التأكسد والتفعيل غير المؤرخ له
بل المفاجئ في كل ادواره واستحالاته
( 16 )
اذ ان الابن ومنذ البدء يحيلنا الى واقع السود من جيل نشأ بين احضان حضارة متأرجحة بين النكاية والتنصل من اشباع حالة العدلية في مهام المجتمع الحياتية
( 17 )
فما كان الابن الا انموذجا من نماذج جيل اسود
يبحث مع والده عن فرص عمل حتى لو كانت محرمة
والاب ايضا يحتمل مع ابنه ديونا كثيرة
( 18 )
هذا ما ستكشفه الحوارات القادمة
المتوزعة في اجزاء الفلم
والمتشظية في مظانها ثمت
( 19 )
بينما سيعرض لنا المخرج الابن
بانه صورة مستنسخة وطبق الاصل ..
لجيل كامل
تتفشى في داخله مختلف الصراعات
كان ولما يزل يعاني من المشكلات
يفتش لها عن فرص من الحلول
لا تتعدى ازدواجيات في نفس شخصيته
من خلال تمرده
( 20 )
وسنرى كل هذا
في مجمل تحركاته الفوضوية
وتنقلاته غير الواعية
وقراراته العملية غير المتزنة
عبر انقلابيات صارخة على واقعه المؤسف والممزق
بفعل تربيته في مثل هذا الوسط من الابوة
وهذا الوسط الاجتماعي والمحيط الخارجي
فسيعبر وفي وقتها
وبصورة غير واعية
عن لحظات الغضب لديه
يعبر عن غضبه باشكال عدة مختلفة
غير متزنة ولا متصلة بنزاهة
( 21 )
من خلقها لديه ؟
هل هو عالم الحضارة غير العادلة
ام الرجل الابيض
ام كلاهما
ام المجتمع كله
ام نفس السود ..
بفعل تمازجهم مع واقع أسيف
يلفظهم وبكل افرازاته وتداعياته
( 22 )
فلم يكن اختيار المخرج لاب اسود وابن اسود عبثا واعتباطا
للموقف حالة توقف وتأمل يمكن ان نطيل عندها ولكن ليس الان ..
( 23 )
كما لم يكن اختياره لمطعم
كي يطلق من عنده احداث فيلمه
بالشيء غير المدروس
خاصة وان عالمه الصغير هذا
والذي سينفذ الى عالم فسيح اكبر
يمتد عبر امريكا بابعد نقاطها
( 24 )
خاصة وانه يربط هذه المسلات الغذائية
ومحل تناول الانسان لطعامه
باحدث تكنولوجية فريدة من نوعها
وهي التلفاز
الذي يعرض اصول الحضارة
وقصة الازمات العاصفة بالمجتمع
حتى على مستوى العواطف
ومستوى واقع البيض انفسهم
بدليل الخلاف بين الدكاترة على عملية لزرع القلب
( 25 )
كل هذا يعرض لنا الصورة وبكلية محتمة
لا تغيب عن نواظر حتى شريحة السود
من مواطني الولايات المتحدة
باعتبار ان هناك كان اثنان يقتعدان البوفيا
ويشاهدان معا وبرفقة بيتي البيضاء والشقراء
مشاهد مسلسلة مفضلة لدى الكثيرين
حتى لدى نفس السود
الذين اثارتهم صور مثل هذه الحضارة حد الادهاش
ووقعوا تحت تاثيرها
مثلما وقعوا تحت تاثير وجمالية الجنس الابيض
( 26 )
سيما حينما تكون امريكا مختصرة في شقراء
مثل عاملة المطعم الحسناء بيتي
ذات الصوت الدافئ والعمق الهادر
بكل نظرتها وامعانها في الابتسامة والملاحظة
يانعة الغض وجميلة الطرف وحسناء القد
بسحنة حمراوية وميد هيفاوي وتبختر حتى في الابتسامة
وعذوبة حتى في الخلق والتعامل
تنسحب بالتالي على كل قوامها وسلوكها
لتترك انطباعياتها فوق سحنة الرجل الاسود الكهل
وتسقط ظلها المشوب بلون ثائر فوق ملامح الابن الشاب الاسود
( 27 )
ومن ثم على نفس البيض من ابناء جلدتها واولاد قشرتها
من مثل رئيس الشرطة وصاحبه الابيضين
مثل امريكا فهي لا تعدم حظا وافرا
مع ما تعانيه من ازمات وانفصام في الشخصية
مثل ما سنرى في نفس جوانية بيتي
المنطوية على عواطفها الخاصة
والظاهرة في سيمائها البهيجة
والمتعاطفة ايضا
في صورة مسلية للغاية
انتهى القسم الثاني ويليه القسم الثالث من الدراسة النقدية السينمائية
جمال السائح
Almawed2003@yahoo.com
www.postpoems.com/members/jamalalsaieh