دراسة في أدب النص عند الكاتب الكبير نزار ب. الزين
دائما يحاول الكاتب الواثق من نفسه الى الحد البعيد ، السيد نزار الزين ان يلقي بحدثه على سجيته من دون ان نفهم انه يقف وراءه بكل ما تحتمله قريحته
ومن دون ان نعي وبالتالي انه ما يفعل
ولو فعل ما كان اهتدى ابطاله الى حيث سعوا
ولو انه ما فعل فكيف كان لابطاله ان يتعالوا على نفس الحدث
هل هي دقة التصوير
وسرعة النقلة في مشاهد الزين
ام انها ابتكارة الحركة
وصوم الحوار عن يقينه
حتى تفجأنا صور النص بافتعالات تقوّم نفس مناخاته
ولكن ..
نرى ان مبدع النص وخالق الشخصية يتكاتف لديه السبك
من اجل ان يسلط كل الضوء على خراج يقظته
ومن ثم يجبي ضريبته من الفعل الذي يطفح فوق سطح المتن
وذلك عبر ابداعه في انتقاء المكان والزمان
والاستغراق في احتكار لحظات التصوير
كي تعتمر مشاهده بما يمكن ان يؤدي بها الى خير تصوير
ولو كان لكلماته أن تحفل بثقلها الذي له ان يمتد بعيدا لو قدر له الانبساط
ولو كان لوعي التكثيف اللغوي في داخل النص ان يتزامن مع سرعة الحدث ..
وبسرعة وصوله الى مشارف النهايات
ولكأننا حين نصل اليها نشعر ان القصة لتكاد تبدأ الان ..
ولو .. ولو
فاننا كنا نقف من مسلّة الوحي في تقطيبة الجنبين ..
لدى فرائص القبض مما تناله سلّة الاحداث في حكاياه ..
كل موقف واخر
حتى نتأكد من حسن اندهاشه لولع كان غذاه في داخل شخصياته
لكنه لا يندهش لصبغة لم يكن يتجشم فيها عناء استيقاظها
حتى لا يكون على بينة منها
الا انه كان يحس بقدراته تتنامى كلما شعر ان شخصيات البطولة لديه تتنامى هي الاخرى
لتصبح كوادر يمكنه الاتكاء عليها بعدئذ
وفي السراء والضراء
في وحي الايجابية والسلبية
التي يمكن ان يتقمص سجلها كائن يطلق عليه شخص
انار نزار له الدرب
حتى ضلع بسيرته التي رسمها له
وترك وعي خياله يغذيه كي يندلق الروح لديه في وعاء
يصبه في قوالب شخصية
ليطلق عليها فيما بعد شخوص تؤدي الحركة
وتنطلق بالكلام
في غالب نصوصه
حتى لو لاذت بصمتها
ودافعت عن وحي فعلها بنزق من السكوت
وتحامل على الجهل بنواة الحديث
........
بهذه القدرة والمستطاع يتمكن نزار من الاحاطة بسجل حافل باهم الاحداث لشخوص قصصه
وان كانت قصصه تستولي على حقبة طويلة من الزمان
وتستأخذ القارئ بثكنة تكاد تتوقف عندها بين الفينة والاخرى
الا انها تطول حتى تبلغ ازماتها وعيا لا يكاد ينتهي عنده القارئ
حتى يشرع به الكاتب بالنهوض صوب وعي اخر
يتزامن مع حلقة جديدة من تلك الازمات التي تكاد تخلف وراءها
رمحا يقضي بنشوئها ثانية
بعد ان استوقفها العد تحاول الارتماء
خلف قضبان نسجها لها نص اخر
كان له ان يليها ولو كان له ان لا يبحر في غير اتجاهها
ليواصل مسيرتها المتدفقة في عرض الاحداث
غريبة هي الحكايا التي يسجلها يراع هذا الرجل المبدع
لانها ما ان تتحرك بنا ناقلتها حتى نكاد نحس اننا نحن الذين بتنا نتحرك ونراقب احداث الحكاية من صلب احداقنا وبالكلية
نعايش زمنا مصورا
يسجن وقائع مكثفة ..
كما لو كنا نحيا الى جانب الحدث
ومن دون ان تطل علينا نفس شخصياته
لكن نصير نتعايش بينها كما لو كنا نحن نفس تلكم الشخوص
لا اغالي او ابالغ
في تلك الموجزات او بعض المطولات التي يعتمدها نزار الزين يصور لنا حبكة زمنية لها ان تتصرم متى ما اراد لها هو ذلك
ونحن فيها كالمسرح فوق الجمهور يتربع فوق الحاظهم
ويستشيط بوعيه النازف
وصوت اشخاصه الهاتف
حتى نذعن لوحيهم من دون ان يكون في القضية استرسال في الخنوع لمبدأ مسايرة الجمهور والمشاهد
لكنه اقصد الكاتب وفي النهاية
يصرح وبشكل غير منظور
انه هو الذي اختار الدمغة التي يدمغ حدثها بنهاية
ويضع من فوقها شريطه اللاصق
لا شكا منه بقارئه
لكنه يريد ان يقرر متى ما شاء قارئه ان يغير من نسيج عنكبوت حكايته فله ذلك
لكن وللاسف نحاول واخرى
من دون امل يجدي
حاولت مرات ان اغير في حبكة حكاياته
لكنها بالتالي وجدتها تخرج عن اطار ينم عن كاتبها
بشكل تنفصل وبالكلية عن حكايا نزار الزين
ولا تعد تتصل بقنواته التي تحاكي وحيه المعتلج
لكنه يسترسل كثيرا دون ان يلوح لنا بما سيفعله
بل يتركنا نتكهن بما سيقدم عليه اشخاصه
ابطال اعماله يعيشون قسريا في ظلال حكاياه
لكن الواحد منا متى ما اراد التأكد من هذه ا لفرضية
نجدنا نشرع بفتح ابواب اقفاصهم التي اوصدها عليهم
الا اننا نحار بهم كيف لا يغادرون حكاياهم التي ارتآها لهم نفس نزار
ليس هنا ما يشبه حكاية بيروت لدى الاديبة الكبيرة غادة السمان وقضية دكان بائع الحيوانات واقفاصه
هي ليست حالة تطبع فريدة على جنسية من العمل او سنخية من التواصل الحياتي لديهم
انما لهم وعي يتصل بوعيه
لا يمكنهم ان يتحركوا بملء ارادتهم
ولا يمكنهم معها ان يحركهم بملء ارادته هو وحده
فيه من الضمير الذي استقر فوق قرارة الموج
حتى عاهد ابطاله ان لا يخونهم
ولا يخونوه
هذا هو السبب
كان هو والابطال شيئا واحدا
حينما يكتب ولو كنا نعيش ولمرات ومرات مرارة احداث حكاياته وكيف يقتضي منّا ان نحس بوجل الزخم الذي يسلطه على الشخوص او يسيّره بهم
حتى النهاية المأساوية لا نجدها كذلك بالفعل
لانه يغرز في اعماقنا صلات متينة بحالات من الرمز غير الواه وغير المتحذلق بسكينة الافصاح عن نفسه
لانه لا يدلي برأيه
يطالبنا ان نصرح بما يكون من الرأي عندنا
ومن ثم يفاجئنا ان قلمه لا يشط الا حين تشط قدمي بطله معه
فهو يتركه يتحرك بملء ارادته
لكنه يكبح جماحه احيانا
الا انه يتركه يتسلح بمختلف الاسلحة
والتي لا تعمل الا اذا اشار هو اليها
هنا بيت القصيد
هي ليست تحريكات آلية
ولكنها انفاس تتصاعد وتتهاجس وفقا لمطولات من البحث والستراتيجية غير المكشوفة لدى احد
هو يكاد يحتفظ بسلسلة ترافقاتها التي لا تنطوي الا على سلسلة اخرى
من تلك الفلسفيات الماردة خلف اقفاص العلب الكلامية
ومن التي تتناسج وراء كل تلك المسابح التي تغط فيها افكاره
مرات يترك البطل يصنع حدثا معينا
بفعل التمهيدات التي كان خلقها له
ومرات يفاجأنا ان البطل يتمرد
ويحاول الانفصال عن ارجوحة الحركة لدى الكاتب نفسه
الا انه في النهاية يشير الينا
وبشكل لا يقبل مع النهي ولا التناصل
انه كان هو الذي اوحى الى بطله بمثل هذا الفعل
انظروا
ومن دون ان يسجل قلمه ما شاء له ان يدركه
لكنه اوحى الى بطله من دون اخبار ولا اجبار
لكنه لما كان يتصل به بوعي فضي وذهبي
طولي وعرضي
استطاع ان يقدم مقترحه لدى البطل
وتمكن بالتالي من تلقينه سياسة المقاومة الحسية والنوعية ومن ثم غير الحسية التي يغلق عليها ثم نتركه يرتج وراءها
لنظن ان العملية لا تقبل بعد اي تواصل
لكنه بعدها يشرع بفتح الابواب
ليرينا ما خلق
فيستبدله
بعد ان كان عوّدنا على تلك الحركات الاولى
لكننا نفاجأ انه يغير من سيماء البطل
وينوع من تمطياته التي تقود به الى الكشف عن واقع اخر
ليس هو بالذي يمت بكل بال وآخر الى اللا شيئيات
ولكننا نجد انفسنا بحرا يرتمي فوق سفنه من دون ان تغرق
وبحرنا هو الذي اصبح يعوم
من دون ان يكون بوسعه التقاط قارب
او احتواء مركب
لكن سفينة احداثه تصبح كموج حدث يطل على البحر
الذي تركنا نستوحي انفسنا فيه
ومن ثم نجد بحرنا يسابق سفينته
حتى نصل قبله
لا لموهبتنا
ولكن لايثاره الوطيد وحبه النبيل
لمحنته وقفزة ابطاله وهدأتهم وكل سكناتهم وتحركاتهم
لان ذات بحرنا كان يمتطي ظهر سفينته
وما غدونا الا اشلاء من الموج
يتناثر فوق اسطح سفينته
كي تنكسر سلطتها وتنتمي رقعتها الخاوية الا من بقايا الملح المذاب في وهج نفس الماء
ساحاول ان اتمكن من بعض هذه النصوص
شكرا للكاتب العزيز نزار ب. الزين
وشكرا لكافة الاصدقاء من القراء والقارئات الاعزة
واود ان اعلمكم جميعا
ان دراستي المقبلة سترصد انشاء الله فعل النص والاداة في ذاتية المشهد لدى الكاتبة السورية والمبدعة الاستاذة ماجدولين رفاعي
تحياتي للجميع
ومودتي
جمال السائح
Almawed2003@yahoo.com
www.postpoems.com/members/jamalalsaieh
19 – 12 – 2005