قراءة في قصة رندة المغربي : يوم
بقلم جمال السائح
القصة منشورة على هذا الرابط
http://groups.yahoo.com/group/SyrianStoryFriends/message/682
ونفس النص ادناه منشور هو الاخر على هذا الرابط
http://groups.yahoo.com/group/SyrianStoryFriends/message/683
النص الكامل
حينما تعلن العصافير عن حريتها
العصفورة رندة تحكي لنا الق المغامرة المشحونة بعاطفة الحنين المتوزعة ما بين
الحب الاثير ووطنيته المحزنة
بقلم جمال السائح
لا نعلم كيف لكتابات الرومانسية ان تستهوينا فتروع فينا كل ولع بالنوم
وتلخص بين ظهرانينا كل وعي باليقظة
هكذا كانت الشاعرية لدى رندة المغربي
ترحل بنا صوب ضفاف السين ومراكب تشق مياهه
والى مقاهي فرنسا وقهوة ساخنة
والى مكاتب تترك زوارها يصطافون في خضم كتب واصدارات
لماذا حين نكتب دائما نسطر حروفنا من خلال شعر مذاب في نفس النرجسية
الكاتبة تتهم حبيبها بشكل غير مباشر بنرجسيته التي تشبه نرجسية نرسيس
هنا اللا شعور يتحرك في نفس البطلة
لتلقي شيئا عن كاهلها وتتوجه صوب حبيبها المفقود وغير المعروف بالنسبة
لنفس القارئ
زهرة النرجس قدمت خدمة عفوية لبطلة القصة
تركتها تستذكر حبيبها وتحل لغز مشكلته
وانه انسان لا يعجب الا بنفسه
ولا يهتم الا بها
لذا هي تعاني الوحدة من تركه اياها
وجفائه لايامها
وتخليه عن وفاقه ورفقته
وكل ما تتطلبه الزمالة ويستدعيه واجب الحب
هو نرجسي
من حيث انه تركها بسبب من اهتمامه بنرجسيته
لكن هذه العطالة النفسية ستؤدي به الى مصير يشابه مصير نرسيس الذي سقط في
مياه البحيرة حتى انتهكت انفاسه واستلبت روحه
وتركت ذكراه تشع من خلال زهرة نرجس
ربما هو هذا الغفران الوحيد الذي تحمله من حبيبيها
يعني هذا الوفاء لمثل هذا العربون من الحب
انه اقام في قلبها عرسا لنفس الحب
باتت تشعر بمدياته
كزهرة النرجس التي غدت ضريحا لنفس الحبيب
تزورها حين تحب ان تندب حبها العاثر ونفسه الضائع
ليس لها سبيل سواه
والا ستموت من الهم
لان الوحدة مؤذية للغاية
فما كان لزهر النرجس الا ان يشاطرها الهم ويسري عنها اجفان الغربة والوحدة
ضريح
وزيارته تستدعي البكاء
والندب
والحزن
والانتقام
لذا كان لمبدعتنا رندة
ان تخزي حبيبها حين افلحت في نصب عزائها عند مدخل وكره
وهو صيد العصافير
هنا باغتته ونعتته بما يمكن ان يجبرها عن التخلي عنه
لانه اصطادها
في ضمن من يصطاد
ولو لم يصطد الان
ما كان تخلى عنها واشتغل بصيد اخر
لكنها لم تنعته بصياد للطيور
لانه غالبا ما تعود الطيور الى اقفاصها
او انها تخضع الى مراس ومران صائدها
فيتركها تحلق ثم يلوح لها بثوب وما شابهه لتعود الى اقفاصها او مكامنها التي
اعدها لها
هنا تخلي عن المكابرة
ودخول الى جدية الحالة الوجدانية
واستلاب لنفس الانفاس التي كانت سقت بها حبها الاثير
حينما لوحت له بانه صائد عصافير
فهي ليست مستلبة الارادة
ولا مسلوبة القدرة على التحرر من ارادته
كالطيور حين تقع في الصيد
لكنها كالعصفور
هي هنا تناوئ بسيف ذي حدين
صائد عصافير
استهتار وسخرية به
وهو لا يرقى الى صيد الطير
لصعوبته في البدء وسهولة تدجينه فيما بعد
لكن الطير كل شيء في صيده صعب مستصعب لسرعته وخفته
كما ان الحد الاخر هو انها غير مأسورة بحبه
وان اعلنت عن انكسارها وميلها اليه
الا انها تحدث عن اجتهادها في نسيانه
لانها ترى الى المراكب تمر عبر السين
عبر نهر يقطع باريس
هنا حركة وابحار محلي في عرش الغربة
في دولة تفرق في مراسيم الدراسة بين الاجانب ونفس الفرنسيين
انها تحتمل غربة موجعة من الحب
وتصمم في قرارة نفسها الى النظر الى المراكب العابرة
وهي حركة تراجيدية درامية خطيرة للغاية
لانها تجتاز الجسر من تحته وعبر ناظريها
كما لو كانت تسافر في نفس تلك القوارب او الزوارق
التي تعبر الجسر من تحته مرات متعددة كل يوم
حبك يا هذا
وهكذا تخاطبه
كهذا الجسر سيصبح ذات يوم
كذكرى
لكن مسافري اليخوت او الزوارق اكثر ما يهمهم منه ان يتطلعوا اليه لتسكن
نظراتهم بعدها في مرابع النهر ومراتع موجه البسيطة وضفافه المؤنسة
انها تعبر من فوق الجسر
هي تتنازل عن كل ذكرياته لكنها تحتفظ بها في نفس الوقت
كما انها تضرب الجسر بخطواتها
ثم بعدها ترحل عنه عبر حافلة
هنا المشادة العلنية
الى نفس المقهى الذي كانت تقتعد واياه مقاعده معا
هنا تناقض مفجع
انها تحارب ذكراه
لكنها تسترسل ومن دون وعيها الى مدياتها المتاصلة في ذاتها
لتعبر عن نقاء فطرتها واحتفاظها بمواثيقها وان كان هو قد خان
هي كماء النهر
يقل القوارب
ويرحل اسفل الجسر
لكنه لا يخون بهم فما من زورق يغوص في المياه
ولا ثمة تلويح من قبل الكاتبة الى خطر المياه ثمت
اذن تعرب هي عن نقاء سريرتها وقدرة حبها على ان يستعيد كل الامكنة
والمثابات
لكنها في نفس الوقت تجدد العهد مع نفسها حين تسكن المقهى وترتشف قهوتها
تستذكر مقهى في ساحة الباستيل
وتتقوى بقدرتها
حينما تعصف بها الام الحزن
وانها بشكل غير مباشر ستستبدل بمقهاها المشترك
بيتها او دارها الذي تزحف عنده الشوارع
انظروا الى قدرة الابداع
هنا تحكي قصة المطلوبية
وانها ولو تخلى عنها حبيبها وربما كانت ذراعه تحتضن هذه المرة عصفورة اخرى
الا انها مطلوبة
لانها هي بحد ذاتها
ولانها بالتالي انثى
والانثى تطلب في مظانها
اما حبيبها فعليه ان يبحث عن عصفورات
لكنها تقعد في بيتها
تقرا وتطالع
وتنتظر حبيبا
القصة بكل ملامحها مغرقة بالحزن والالم والضياع والسحرية معا
فيها من الحب المغلف بملاءات وليس سليفونات
لانه واضح شفاف
البطلة تمنح نفسها شيئا من القوة لقاء الضعف الذي يتمسك باهدابها
ويستلبها راحتها النفسية ليحيلها الى مس من الوثنية خاصة حينما تتطلع الى
زهرة النرجس ليقف فيها الحس غير الواعي يناقش قضية الانانية والانسان الخالي
من الحب وانه المستحيل الى وثن في ذاته
ويحيل من يعشقه هو الاخر الى عاشق وثن لولا ان يمسك نفسه في الاماكن والمواعيد
الحساسة
انه زمن الحب المقهور
زمن الغربة المفتوحة والتي تبيح لحبيبها ان يستبدل بها وفي كل يوم عصفورة
انها فرنسا التي منحت حبيبها حق التلاعب بحبها والشيطنة على حساب مشاعرها
الشخصية وحبها النبيل
لو لم تكن فرنسا والعصفورات في طريق حبيبيها سهلة المنال
لما كان له ان يتخلى عن حبيبة كان قد عثر عليها بشق الانفس
لكن هذا ايضا لا يمثل تراجيدية الحزن الغربي بقدر ما يمثل عقدة الانسان الذي
لا يستطيع تخطي ازمته الانحطاطية والتغلب على واقعه الذاتي
لان سبيل الحب موثوق من عراه المتفرقة
وليس لاحد ان يشعر من يحب بمقدار ولائه الا حينما يتمثل العشق بكل عراه
لماذا
لانها كانت تحمل في يد شهادتها الجامعية
وفي اليد الاخرى حبه
لنفكر انها تحمل كليهما في يد واحدة او بالعكس
خلاصة الامر انها لم تاخذ من بيتها في هذا الصباح سوى شهادتها الجامعية
وحنينها له
رندة وما ادراك ما رندة
انها تعبر عن مسيرة الانثى
وانها حتى لو تخلى عنها الذكر
فثمة ما تعيش لاجله
وفيها من المواهب ما يمكن ان يعوضها عن الحب الضائع بل لها ان تمن على ذكرها
وحبيبها بانها تمتلك الشهادة الجامعية
وان بوسعها مواصلة العيش والاستمرار في يومياتها كالمعتاد وبامكانها ان تفتش
عن حب اخر
لكنها لا تعبر عنه
لنزاهتها وقيمومتها الانثوية واعتبارها الشريف الى ولائها للحبيب وانها
ليست بالتي تتخلى عنه بنفس السهولة التي يتخلى هو بها عنها وذلك حالما يجد
عصفورة اخرى
لكنها تبكي بقهر
وفي سيارة مهاجر
هنا تشعر بوفائها وخلوصها لمنبتها
وان سكناها وحبيب لها لا بد وان يكمن في عمق هذا الموروث العربي وانتمائها
الوطني الذي لم يزايلها كما لم تزايلها ذكرى الحبيب لابسط التأثيرات التي لها
ان تشن هجماتها على عواطفها فتسلبها الارادة وتتركها عرضة للبكاء والتمثل
بشفيف الحزن الطاغي
فانها كما الوطني حينما لا يغتر بخداعات التأثيرات الخارجية فلا يتخلى عن
وطنيته هنا هي الاخرى تعرب عن وطنيتها في الحب واشتياقها الى الوطن باعتبار
ان ظلمة الحبيب وغدره فجر فيها كل احساس واخر حتى غذى فيها كل اوجاعها
التي تفجرت تباعا واسترسلت بمجرد ان الاغنية كانت تشعرها بظلمة الدهر وعدم
وفائه نتيجة جفاء حبيبها وتخليه عن حبها
سيسعدني ان اواصل النظر في هذه القصة في الايام المقبلة
تحيتي الى السيدة المبجلة صاحبة القلم المنمق
رندة المغربي
اتمنى لك كل احساس واخر
ويا ليتك كنت اسميت القصة بصيد العصافير
او
عصفورة فوق السين
لك الخيار
مشوق لاكثر من ابداع لك
مودتي
جمال السائح
www.postpoems.com/members/jamalalsaieh