قصة قصيرة / أولاد الشيخ

قصة قصيرة / أولاد الشيخ

قصة قصيرة /
أولاد الشيخ

 

 
 
لا يمكن ابدا للذين يساورهم الشك بطول و عرض هذه القرية ان يومنوا بان ما يتدولونه هنا لا معنى له اطلاقا عند ابواب صانعى القرار. و حده الشيخ عبد اللطيف الذى لا يبدو عليه علامات الشحوب و الغضب و ذلك بسبب تردده المستمر على تلك الابواب و معرفته بتفاصيل التفاصيل،  بل  محاولاته الجاده و الشجاعة لكسب ما هو متاح لهم.
 
ـ طيب يا جماعة إنتو  الباشمهندس مصطفى ده بقول ما تزرعوا القطن السنة دي و ما تسوا   ده  و   أعملوا ده   و سيبو   ده  ..  و انا  و  الله  مصطفى ده  لو ما فى مقام ولدى الطاهر  بكون  مقامه  اكبر   لـ علموا  و  فهموا  ..  لكن  كمان  الحالة  ضاقت  و  كلاموا  البقولوا  ده  انا خايف  أخالفوا  و  أندم !!  دحين  لازم  نقعد  و نتشاور  و  نشوف  البنعملوا  شنو   يا  ناس.
 
تعجب أخى الطاهر لكلامه اليوم و هو منذ استلامه لشهادتى الثانوية  فى حالة لا يعلم الإ الله بها و لا يمكنه التراجع عن الامر و لا ان يقف فى طريق مستقبلى وهو المعروف بتشجيعه لأكمال البنات دراستهن، و كلامه الكثير عن بابكر بدري و المدرسة القائمة هنا، من الذى لا يعلم هنا المشكلة القائمة حتى اليوم بينه و بين الشيخ عبداللطيف. كان صامتا طوال الاسابيع الماضية و ها هو يحضر بكامل بهاءه و  يتكلم!
 
الشيخ عبداللطيف له اربعة نساء اثنتان يقمن هنا فى القرية فى منزلين منفصلين و اصبحن مثالا اذا رغبت فى الدعاء على احدهم قلت : (( الله يبعدك بعاد نسوان الشيخ )) أو (( الله يبعدك من التمباك  بعاد الخدوم من البتول )) انجب منهما الكثير من البنات و الاولاد  و عدد من ابناءه يدرسون بالجامعات السودانية و منهم من هو  بالخارج ، أما بناته فهن و بعد أكمالهن للخلوه يلزمن البيوت الى ان يتزوجن او يمتن، الا واحده تدعى – أمانى – و بحكم جيرتها لنا و علاقة الصداقة بيننا درست حتى نهاية الفصل التاسع،  زوجته الثالثة تعيش فى حاضرة الولاية ، لا علم لنا بها غير ما تتداوله النساء عن جمالها و لونها الابيض و يقال انها بنت تاجر شامى من الذين استوطنوا هنا منذ سنوات طوال ..  زوجته الرابعة تعيش فى الخرطوم.
 
عندما وقف مساء ذاك اليوم  و  طالب أبى  فى النادي  الرجال بان يحددوا موقفهم من زراعة القطن و توضيح الرؤية له ، لم يكن الباشمهندس مصطفى متواجدا كعادته   تمنى أخى ان يكون ابى فى نفس حالته البائسة بسبب قرب سفرى، كان من المفترض ان يكونا معى  لكى يقوما باكمال اجراءات تسجيلى فى السكن الداخلى، ها هو الآن يفتح أمرا للنقاش و كأنه يتناسى هذا الأمر، من الجيد ان الشيخ عبد اللطيف لم يحضر ايضا اليوم!
 
الى متى سيظل اخى يحرص بان لا يتقابلا فى موضوع يتحتم الوصول الى نتيجه فيه ان يتصارحا، كان من الممكن ان يكونا معا هنا و يتوصلا الى نتيجة واحده، الا  يمكن ابدا ان يجلسا سويا فى برش  واحد  أو  حتى كرسيين  متجاورين !
 
ليس لأخى الطاهر  و لا لبنت الشيخ عبداللطيف – امانى - اي ذنب لطول هذا الإنتظار فى سبيل مصالحتهم، ثم ان الطاهر أحبها هى و لا يعنى له شيئا ان أكملت دراستها الجامعية او لم تكمل ! وهى على حسب معرفتى بها راضية مرضيه و لا تحمل اي ضغينة تجاه والدها، ما باله ابى اذن و كان جميع فتيات القرية أكملن دراستهن الإ هى !!
 
الطاهر تربطه علاقة جيدة بالجميع، و يجتهد كثيرا لمسايرة المهندس مصطفى فيما يخص المزارعين و مشاكلهم بإختلاف الفصول و يعتبره اخوه الاكبر و ما زال يحاول معه و بصور مدروسة و جاده إنهاء الخصام .
 
مساء ذلك اليوم كان من الممكن مصارحة الشيخ عبدالباقى بسفرنا  للخرطوم و كان من الممكن لأبناءه هنالك من استقبالنا و تسهيل اجراءات تسجيلى بالجامعة و السكن الداخلى و إنهاءها فى يوم واحد و لكنه والدي الذى عاند قائلا : (( انتى يا بنت ما بتفهمى  جامعة  شنو الماشه ليها ..  الزول ده عارض قرايه بناتوا.. مساعتو  ما لازمانى )).
 
أتصل بى اخي و أعلمنى بنجاح المهندس مصطفى بالوصول مع والدي و الشيخ عبداللطيف و المزارعين الى القرار المناسب فيما يخص زراعة القطن ،و أعلمنى بان أحد ابناء الشيخ سيتصل بى  و هو يرجونى بان اتصل بامانى لمعرفة أخبارها  انهى مكالمته.
 
و فوجئت باحد أبناء الشيخ عبد اللطيف المقيمين بالخرطوم يتصل بى و بمنتهى اللباقة و الذوق  يعرفنى على أخته بكلية الزراعة بنفس الجامعة .
 
رضوان عبدالعال همت
Author's Notes/Comments: 

View sudan's Full Portfolio