* الشاعر كجراي والذي يعد من كبار شعراء السودان ولد بالقضارف بالعام 1928.. وقد شهدت هذه المدينة نشأته في بيت علم ودين.
عرفه المتلقي عبر اشعاره المغناة وعدد غير من الاعمال المنشورة بإصدارات محلية وعربية.. كجراي معلم قضى سنوات في حقل التعليم وقد جاب ربوع الوطن ينشر العلم على طلابه.. وشاعرنا من أبناء كسلا ( مدينته) والذي هو عاشق لها.. وما من زائر زار كسلا إلا وسأل عن شوامخها وخوالدها ومن بينهم شاعرنا شأنه شأن توتيل والجبل والقاش والخ من بديعات تأخذ وتستوقف.
كجراي يتمدد في المسافة بين النهر والشمس
* تناولته اقلام عديدة مشيرة لابداعاته ومما كتب ما كتبه اديب كسلا فتح الرحمن البشرى.. يقول:
على شاشة الكمبيوتر الثقافي في الوطن العربي يبرز شاعرنا محمد عثمان كجراي شامخاً كجبل التاكا في المسافة بين النهر والشمس يملأ فناء قضاء الشعر الجميل بالرحيق والسنا حتى عناق الدهشة البديع.
الناقد احمد عبد الرحيم الشيخ كتب يقول:
كجراي شاعر المجمل والرؤى الملونة.. بحار.. ينزل من ساعديه الندى.
(كجراي مبدع حقيقي محارب بالكلمة وهو شاعر الرؤى الملونة.. زنابقه الشعرية عامرة بجمال يا له من جمال.. وهو بحار كلمات ينزل من ساعديه الندى).
م.ع كجراي التي يزيل بها شاعرنا اعماله هى الحروف الاولى من اسمه والذي يكلمه الاسم الثالث كجراي الذي يعني جندي بلغة اهله في الشرق.
تلقى تعليمه الاولي بمسقط رأسه القضارف.. كما درس بالمعهد العلمي بأمدرمان.
وقد تلقى دراسات تأهيل المعلمين بمعهد بخت الرضا وبمعهد التربية شندي.. وهذه المعاهد عرفت كمنارات للعلم والثقافة والفكر هذا بجانب ان من بين اعطافها خرجت رموزاً ادبية وفكرية ومهنية.. وهى بلا شك القت بظلالها على شاعرنا وهو الشئ الذي بقى بالجبة وافاد الشاعر في مسيرته حيث بقى زاد سكة كجراي مشحون بالانسانية وهذا الجانب له تأكيداته بشعره.. ومن ذلك حمله كل مستقبل الواعدين الصغار في الخاطر.. الواعدين الصغار.
واصحو لاشهد سجناً يقام ليخرس
نبض الخطابة
أحس بكل صليل القيود فادفع رأسي
فأكتب اغنية فوق صخور الجدار
حروفي مضرجة بدم الارجوان
تزلزل عرش المهابة
على جانب ثان فإن شاعرنا الفذ رمز للثورة.. ومن هذا الجانب يكفينا انه غنى للضياء وندد بالظلام.. وبنظرة فاحصة لمعجم الشاعر نجد الكثير المتعلق بهذا الخصوص.. وفيه مما فيه: إخوة الطريق.. طلائع النهار.. إئتلاف الشموس.. المصابيح المضيئة.. والخ من كلمات هى في دائرة صيحات الغضب وهتافات الثورة المنطلقة ضد الطغيان والبغي والتسلط.. وهذه انطلقت منه عالية داوية تسد الآفاق..
وقد جاءت من اعماقه..
ملوحة لما في النفس الجميلة من خطاب هو ضد كل ظل وكل جبروت..
ولا غرابة ان يكون ذلك منه وهو المؤمن بمولد الشمس ومجئ الفجر.
يقول في قصيدة ثقوب الغرابيل:
اعرف اليوم ان الطغاة اعدوا مشانق اعدائهم
واستغلوا بصنع القرار
واقاموا تمثايل اعدائهم
فوق ارض بوار
مولد الشمس لن يتأخر
فالفجر أغنية لقدوم النهار
للعشق معناه النبيل عند الشاعر.. يتضح هذا وهو يبوح في زمان البوح بالكلمات العرائس .. وتمثال ارسل همسة للمحبوب حينما زاحمه الكلام وقد تضمنت الكلمات:
وانتي معي جموح صبابة تترى
ترش العطر في كل المشاوير
وتصنع لي اساطيري
وتنبض في حقول الشعر تؤرق في تعابيري
وهانذا مع الذكرى
مع الصمت الذي ينهار من شجو المزامير.
في رأي احد نقاد الشعر العرب ان خواطر الشاعر هى بذور الزهور التي يجنيها الزمن الأخير ونوارته نذكر هذا وبالبال خواطر شاعرنا الساحرة والمسكونة بالجمال.. فهو يكتب مما كتب وهو كثير عن ارتداء الحريق من الجمال ومزامير تعزف بوحها وعن قصائد ممهورة بدم الورد وعن رصد بجنون الصبابة في وطن الأغنيات.. وعبير يعزف آغنيته.. وعن عصافير منهكة في طريق الصبابة.. وبقصيدة (هكذا يؤرق السنديان) يبث في جمال بعض السلام الخاص وبشفافية..
حينما تستريح على ساحل العمر اجنحة الاغتراب
اشرع القلب للعشق بابا
وللشعر باب
هكذا يؤرق السنديان
ويخضع بالعشب وجه التراب
فسلام على الوجد في زهوه
وسلام على كل فاتنة
تتأرجح في حسنها
في رداء الحرير الجميل الأنيق
وسلام على خطواتي التي
عرفت نيف تقطع للعشق هذا الطريق
الشاعر الكبير من رواد الشعر الحديث في السودان إذ مقي اسمه من ضمنية المنتسبين للمدرسة الحديثة التي يرد اليها هذا الشعر.. اولئك منهم محي الدين فارس وجيلي عبد الرحمن والمجذوب وصلاح احمد ابراهيم.
يقول الشاعر الكبير محمد الفيتوري وفيما يبث الشهادة عن التأسيسات لذلك الشعر:
(كان صلاح احمد ابراهيم في السودان يؤسس هو ومجموعة من رفاقه على رأسهم محمد المهدي المجذوب والشاعر كجراي وعلي المك لحركة الشعر العربي الحديث هناك.. كنت مع رفقاي الشعراء: محي الدين فارس، وتاج السر الحسن، وقيلي عبد الرحمن منهمكين بدورنا في القاهرة بحثاً عن جوهرة الإبداع الشعري من خلال تجاربنا القاسية ومعاناتنا اليومية حينذاك.
على صعيد ثان الشاعر الكبير من كبار أدباء الشرق. وهو علم من الاعلام والرموز الأدبية التي إنداحت من عروس الشرق كسلا..
للوطن الكبير السودان شاعرنا عاشق من عشاقه ولقد حزن لاوجاعه وأبكته جراحاته واسعدته افراحه (له) كتب قصائد كثيرة عكست حبه... له .
عرف الشاعر كصاحب اغاريد وأناشيد للناس والتراب والحياة والإرادات وزمن مأمول يتمناه ذلك الشاعر الواحد من شعراء المقاومة والثورة والانسان الذي حمل حزن الحزانى والغلابة في اعماقه وواساهم وحمل عبر الكلمة اوجاعهم والجراحات.
لذا احبه الناس كصاحب خطاب وإنسان، وصاحب قلب عامر بحب الانسان وحب الحرية والثورة على البغي والطغيان.
صدر للشاعر ديوان (الصمت والرماد) وديوان (الليل في غابة النيون) له تحت الطبع.. ديوان ( في مرايا الحقول) وديوان ( إرم ذات العماد) وكتاب في أدب الاطفال بعنوان (خماسيات ابي الشول) وهو معدود من قصائد تدريب الاطفال على تذوق الشعر.
شهادة الفوارس عن الفارس
* لا نختتم هذه اللمحات التعريفية بدون التوقف عن ما كتبه الشاعر الكبير مصطفى سند عن رفيقهم كجراي وقد تضمنت شهادة الفوارس عن الفارس..
(كجراي فخر بورتسودان من موطن آخر من كسلا من ود شريفي.. لسانه اعجمي ودمه عربي وتلك هى المعجزة.. بالضبط كما صنع غيره خليل فرح وبقية المحس المعروفين بالشعر والابداع والغناء.. تعلم العربية واتقنها وتفوق فيها وكتب بها شعراً بذ فيه جميع اقرانه من أبناء الوسط والشمال والغرب الذين ليس لهم في الرطانات نصيب، كتب اجمل الشعر.. وارقه واعذبه.. واقواه وارصنه.
* قال عبد الله حامد الأمين رئيس الندوة الادبية في مجلس ضم الشاعر اليمني عبد الله حمران، والوليد ابراهيم، ومهدي محمد سعيد وعدد آخر من الشعراء والادفباء هذا شعر كجراي.. اتحدى من يجد فيه بيتاً غير موزون.. أو كلمة غير عربية).
* وقال الشوش كجراي شاعر رصين، ارتبط شعره بقضية التحرر الوطني، وبالعروبة، والمبادئ والقيم النبيلة).
* وقال صلا ح احمد ابراهيم من احتذى حذو كجراي جاء شعره مبرأ من كل عيوب وسقطات الشعر الحديث).
* وأشار اليه عبد الهادي الصديق باعتباره صوتاً هاماً من اصوات الشعر السوداني الحديث.
* و... و... ومن الذي لم يقل كلمة حق في حقه..؟ لا أحد من القادرين على القول.
كجراي..
محمد عثمان محمد صالح.. بجاوي من قبيلة الحمران.. مفصود الخدين بوسم قبائل الشرق.. وسيم.. معتدل القامة في رشاقة النخيل.. شرب السمرة من حدائق الاصيل.. اذا مشى توقف الزحام..!
شاعر تفاخر به مدينة الثغر بقية مدن السودان.. في خمسيناتها كانت أشعاره على كل شفة ولسان.. وعلى صدر أهم صفحات الجرائد والمجلات.
مقاتل.. محارب.. مناضل.. يرفض العسف والظلم.. ويغني للحرية والوطن.. ويبكي شعراً حزيناً غامضاً كئيباً اذا احس بأن وطنه في خطر.
تشرين يا أنشودة الجفاف..
يا موجة من الرياح تغمر الضفاف..
يا موسم الصقيع..
تنح عن ديارنا.. ابعد عن القرى..
يا خدراً ينساب في اختلاجه الكرى..
كان ذلك في الشهرين الثاني لانقلاب الفريق عبود.. أحس الشاعر المرهف ان في الامر شيئا من ليل غريب يوشك ان يطبق بجناحيه على باحة الحياة، فانتفض وقال الشعر..
هذا هو كجراي في كلمات مُعرفة به وقد عنت به كشاعر من شعراء السودان ومن اصحاب الريادة وشامخ من شموخ كسلا.
كرمز من رموز الشرق واصواته التي عطرت الدروب بالعطاء فكانت من ذلك محل الإعزاز والإعتزاز.
كما أنها اضاء ت عن شخصيته وإسهاماته واعتباره كصوت هام من أصوات الشعر السوداني الحديث، كما أنها ضمت شهادات أصوات ورموز أدبية سامقة عن هذا الشاعر الفذ