وليس غريبا ً مني أن أطعم بيدي تلك العصافير الملونة التي لم تفتأ يوما ً
تملأ صباحاتي بحكاياها حاملة ً لي إياها من كل بقاع الدنيا . . مالئة ً
دنياي بشيء من نكهاتٍ مختلفة .. .. أراها تذوّب في فنجان قهوتي شفقا ً
من نوع آخر أحتسيه ببعض ٍ من دهشة فأغدو من الداخل أكثر لمعانا ً و أكثر
شعورا ً بطعم ٍ من توهج ٍ حالم ٍ هادئ .. وبدفء ٍ يتسلل بين أرجاء
ذكريات متباينة في العلو والانخفاض في طبقات كياني المنسية . .
وليس غريبا ً مني أن أفكر في ساعة الغروب بآخر مرة وقفت بها على شاطئ
الذكريات وأنا أرقب ذاك القرص النوراني المتوهج وهو يتلاشى شيئا فشيئا
تحت وطئة بحر ٍ من سديم الأيام التي لا تلبث تبتلع كل ذي بريق . . .
وليس غريبا ً مني أن أذكر ساعة الشروق ذلك الرداء الذي تبدأ الدنيا
بغزله خيطا ً خيطا ً وتنشره نسيجا ً سحري التكوين على أطراف سماء حياتي
وقد اصطبغ الأفق بذات اللون الذي تغادر به الشمس مملكتها . .
وكأن معزوفة الشروق والغروب ليست إلا عزفا ً ثنائيا ً يتوافق في إيقاعه
مع تداعيات تلك الذاكرة . . .
زهرة النغم