الهامش الأول
أدب الأطفال للكبار بدءاً ثمّ للصغار حسب تفاوت الأعمار.
كلّ منّا مربٍّ
وكلّ منا مسؤول عمّن يربّيهم.
فاقرأ هذا الأدب مرّتين
مرّة بعين المربّي
و مرّة بعين الطفل
مخطئ من يظنّ أن أدب الأطفال للأطفال حصراً
لأنني أراه أدباً ضرورياً ولازماً لكل الأعمار
إن أباً و أماً لا يتابعان بشغف مسلسلات الصغار ولا يقرآن حكاياتهم .. يساهمان بخلق مسافة مع أطفالهما منذ الصغر وستكبر هذه المسافة مع مرور الوقت.
و للقراءة فنّ لأنها عليها أن تحرّض لدينا أسلوب روايتها للطفل بطريقة تبتعد عن التلقين وتدعوه لاكتشاف النهاية بنفسه.. وربما توصل لنهاية مغايرة بتغذية خياله المبدع.
أدب الأطفال هو أيضا مظلوم عندنا
بين قصص تفتقر للتشويق
وأخرى تلبس لبوس جدّية التعليم
متناسين أن المتعة واللهو من اولويات ما علينا توفيره لصغارنا.
الوضع الكارثي الذي وصلنا له سببه سوء تربية.
فكيف لمن لا يحسن قراءة الطفل.. أن يحسن تربيته.
نقضي العمر في التربية ونحن نظنّ أننا نحسن عملاً، فنكتشف بعد فوات الأوان أخطاءنا الجسيمة في التربية.
وهيهات ينفع تداركنا لما زرعناه بأطفالنا من عقد أو حشو أو مفاهيم متغيرة.. ولو غفر لنا أبناؤنا حسن نوايانا.
الهامش الثاني
يميل أدب الأطفال العربي عموماً، كالتربية العربية، إلى التلقين والوعظ، والمباشرة في تقديم النصح، من خلال القصة أو النشيد أو المسرحية..
لينتصر للغاية أكثر من الوسيلة.
فيأتي هذا الأدب درساً ينتصر للسلوك القويم على حساب السلوك السيء.. لا فنّاً جمالياً يستخلص منه الطفل متعة الاكتشاف.
الطفل القارئ لهكذا أدب غير فعّال .. ونخطئ حين نظنّ أننا نحميه بالتلقين من مخاطر التجربة.
لأننا سنكون أمام نموذجين..
طفل مهذّب يسمع الكلمة لكنه يخاف من عواقب الخطأ وفق معطيات ما قرأ أو تربّى وقد يرافقه الخوف حياته كلها.
وطفل يوصف بأنه متمرّد لا يسمع الكلام ويريد ان يجرّب كلّ شيء.
لا تظنّوا أنّي أحرّض على الخطأ
ولكني أقول:
إنكم تتعاملون مع كائن كامل يحبّ أو لا يحبّ.. يقبل ويرفض.
ونحن نصرّ على أن نكون أولي الأمر والنهي والأدرى بمصلحته.
إن ما يحكم تربيتنا العربية أمران
أولا السلطوية الأبوية دون أي اصغاء للطفل الرافض ولو عبر البكاء.
والخوف على أبنائنا الذي يجعلنا نورّث هذه المخاوف لهم من حيث لا ندري.
الهامش الثالث
في الحياة هناك فن اسمه فنّ المتعة.
لكن الإنسان الذي استيقظ على أننا هبطنا هنا كعقوبة وعليه أن يجاهد ليرفع عنه نيرها
صارت المتعة عنده ولو لم تسئ لأحد حرام وهدر لوقتنا وإنسانيتنا.
هذا تماماً ما يحصل مع أدب الطفل.
يجب أن تحمل كلّ قصة عبرة
يجب ألا يخرج الطفل منها خالي الوفاض
لحظة من فضلك
أليست المتعة رسالة وربما الرسالة الأسمى
أليس هناك قصص تجعل الطفل سعيداً دون الإصرار على تعليمه من خلالها
أتذكر الآن بعض القصص البسيطة التي كنت أرويها لأطفال الروضة قبل زمن و الحركات التي ترافق قصتي والعيون التي تلمع وتطالبني بالإعادة
كانت قصة بسيطة مع أغان أبسط عن بطّات جوعانات أو ملاعق نسيتهم الأم دون غسيل أو عبدو الطفل الشقي..
ما زلت أصرّ أن علينا أن نهب الطفل السعادة طبعاً وفق معايير اخلاقية قبل عمر تعليمه
وأتوقع ان سلوكيات الطفل ستصبح ممارسة وليس من باب صح وخطأ.
الهامش الرابع
إذن وفي محاولة لوضع الإصبع على منشأ الخلل، نجد هذه الإصبع تشير بدءاً إلى الأهل وتحديداً للأم..
ثم لدار الحضانة..
ثم لاحقاً للمدرسة..
لاحظوا كيف أنّ على الطفل أن يأخذ في المراحل الثلاثة دور المستقبل، وإذا جرّب الاعتراض ستكون أفضل ما نظنّ أننا بارعين به إقناع طفلنا بوجهة نظرنا و أنه على خطأ
ذلك أن في برمجتنا المسبقة أن إطاعة الطفل والنزول عند رغباته ستمنحه فرصة ليحقّق "مآربه" وكلّ ما يريد.
إذاً على الطفل ان يصغي للحكاية ولا يكون بطلها
عليه ان يستخلص العبرة دون أن يخدش أو يتعرض لأي اذى
ترويض الطفل على التلقّي هو ما يبرع به المربون، ثم يفاخرون بصنيعة أيديهم.
اين ذهب خيال الطفل الذي يشطح في سنينه الأولى؟!
كيف كمّ فم الحقيقة الناطق بلسان طفولته ووضع الفرامل لجموح فطرته في محاولات بائسة للعقلنة؟!
اين هم المربّون الذين يصغون لأطفالهم ويعودون تلاميذ في حضرتهم؟!
يربطنا الخوف من انفلات زمام الأمور من أيدينا فننشئ نسخاً عنا بثياب وأدوات معاصرة .
اين هو المربّي الذي لا يلاحق الطفل بقصة الحلال والحرام والثواب والعقاب.. بل يمضي به على درب يرى بأمّ عينه نتائج أيّ سلوك؟!
هي هوامش لمتن طفولة تحيا في مناخ نظيف و تحلم بحقّها في الحياة.