اختلاف





أفكار              أفكار             أفكار








عندما اختلف مع أحد ما .. تثور الأنا في داخلي من جديد .. وتعربد مزمجرة



وتتملص النفس من جماحها .. لتردّ بالمثل أو أكثر . ويصبح الغضب سيّد الموقف



الآمر الناهي .. فالمسألة مسألة كرامة وردّ اعتبار .. هذا ما تصوّره لي هذه



النفس التي لم يهذبها الترويض كما ينبغي .



ثمّ أخلو بها .. وأبدأ بمحاسبتها .. وتقريعها .. وتذكيرها بالشعارات التي تنادي بها



وترفعها .. وما أكثر ما أقسو عليها وأصفها بأنها مجرد مدّعية .. تقول مالا تفعل .



وأعيد عليها الدرس ذاته قائلة : كم مرّة علمتك لعبة تقمّص الأدوار أيتها النفس



العالقة في شراك الخطيئة .



هذه اللعبة التي تحميك من تحميل الآخر مسؤولية ما يحدث .. والجفاء الذي يعقب



اختلافك معه .



تخيلي نفسك – هو – تقمصي دوره .. فكّري مثله .. عيشي مشاعره .. أوجدي له



المبررات والأسباب لما فعل .. دافعي عن موقفه تماماً كما تفعلين معي .. ادرسي



ظروفه النفسية والعقلية والوراثية .. ولا تجعلي منه ندّا .. له نفس تفكيرك وتحليلك



للأمور ..



أحبيه .. بأن تتخيلي أنك .. أنت .. هو .. اشفقي عليه .. ارثي لحاله .. عيشي حقيقة



أنه هو المظلوم لا أنت .



نظرتك العدائية نحوه .. ستترك انطباعاً مستقبلياً يصعب محوه وإن عادت المياه



إلى مجاريها .



لا أريد عفواً وتسامحاً منك .. لتبرهني لذاتك أنك الأفضل والأكثر قدرة على



الامتصاص .. إنه نوع آخر من الغرور الخفي .. والدعوة المبطّنة للأنا .



أريد محبّة غامرة له .. تؤكد أن الاختلاف بينكما ما هو إلا وهم .. وأن الحياة



ليست بين  طرفي نقيض أحدهما مصيب والآخر مخطىء .



كلّ الأمور نسبية .. كلانا مخطىء وكلانا مصيب .. ولا حقيقة مطلقة في مقاييس



الزمان والمكان .



نختلف اليوم على فكرة .. ليتبنى كلّ منا مستقبلاً فكرة مضادّة .



نختلف على ملك .. ربما كان وبال على كلينا .



نختلف .. لأننا نريد أن نختلف .. و أن لا نشبه أحداً .



أعتقد أن لعبة تقمّص الأدوار تمنح كلاًّ منا فرصة فهم الآخر .. وتقبّله كما هو



إلى أن نصل لحقيقة أن التعددية وهم .. وأننا كقطرات الماء التي تلاشى وجودها



في خضم المحيط .. وهذا لعمري جوهر السلام الداخلي الذي نتوق إليه .

*ثناء درويش*








View thana-darwish's Full Portfolio