مقاومة الحصار خبز يومي لا بد منه
كتاب فلسطينيون يتجاوزون المحنة وينشرون كتاباتهم على الشبكة
كلما استحكم الحصار بالاجسام تحررت الارواح
كتب - جعفر الجشي
يعيش الفلسطينيون حالة حصار مزمنة، وكلما اشتدت أعمال المقاومة أصبحت معاناتهم أكبر بسبب العنت الصهيوني الذي يدفع بهم كل يوم على حافة الدمار والخراب.
لكن يبقى الفلسطيني بطبعه العنيد ومعرفته كيف يتعامل مع الحياة، صامداً مبدعاً وقادراً على إفشال المخططات الإسرائيلية سعياً منه لتحقيق حلمه في العيش بسلام وطمأنينة على أرض وطنه.
وربما يعتبر المبدعون والكتاب من الفئات التي تسعى لتحطيم الحواجز التي يفرضها شارون وحكومته على الفلسطينيين سواء حجزهم عن بعضهم البعض أو حجزهم عن العالم.
فكيف استطاع الكتاب تجاوز هذه المحنة؟
يقول الشاعر طارق عسراوي إن الشعب الفلسطيني قد اعتاد الحصار وقسوته وهيكل جدوله اليومي بحيث يصبح مطلبا يوميا، وبالتالي فإن الشعب تعود على علاج جروحه وآلامه بينما هو محاصر ومعزول عن الكون.
وعن الوسائل المتاحة قال أن الإنترنت كوسيلة لنشر النضال والثقافة تكاد تكون من أهم الوسائل للاتصال بالعالم، خاصة وأن الحصار ومنع التجول يمنع الكاتب والمصور والصحفي ورجل الأمن والتاجر من الخروج من بيته لكنه لا يستطيع منعه من الاتصال عبر الإنترنت في ظل بقاء هذه الخدمة بيتية ولا يحتاج معظم الناس للخروج ليتمكنوا من دخول الشبكة إلا القلة النادرة.
ومع ذلك فقد مارس الاحتلال طرقا عدة لقطع هذه الوسيلة وذلك من أجل عزل الشعب كلياً عن الخارج حيث يقوم في معظم الأماكن بضرب شبكات الهاتف والكهرباء في محاولة يائسة لمنع الفلسطيني من هذه الفسحة.
ففي جنين مثلاً كانت معظم مناطق المدينة مقطوعة الماء والكهرباء والهاتف مضيفاً إنني لا أبالغ إن قلت إنها كانت مقطوعة الهواء أيضاً.!
ويجد عسراوي - كشاعر نشر أغلب إنتاجاته على الإنترنت - أن الشبكة هي المتنفس الوحيد للخروج من هذه الأجواء المليئة بالدخان والمباني المدمرة.
وطارق عسراوي له أطروحة قادمة في المجال الأكاديمي يتمنى أن تنشر قريباً وكذلك ديوان شعر جديد بعنوان (يعتنقون لغة الظلال فأدنو من الفصحى)، وهو ينتظر ولادته قريباً.
أما الشاعرة نعيمة عماشة والتي لها موقع على شبكة الإنترنت وتدير منتدى للحوار يكتب فيه مجموعة كبيرة من الكتاب الفلسطينيين والعرب فتقول إن الحصار كلما استحكم بالأجسام تحررت الأرواح ولا يحس الحصار من اشرأبت له عنق، متسائلة هل سمعت غيمة تحاصر؟
وتعتقد عماشة بأن عدد الكتاب الفلسطينيين على شبكة الإنترنت في تزايد مستمر بسبب عدم مقدرتهم على التعبير عن أنفسهم من خلال وسائل أخرى. ومع ذلك فهناك جيل من الشباب يحاول بجدية ورغبة في المقاومة وإثبات الذات كأديب من خلال الجرائد والمطبوعات المختلفة، وقد لا يصلون إلى قامات كدرويش وغيره لكنهم لديهم القدرة والكفاءة للوصول.
هذا الجيل يحمل براعم ولدت في محاور الوجع ولذلك فكتابة الإبداع تأتي على جدران أحزاننا.
ورغم انشغالاتها الكثيرة بين الكتابة وإدارة الموقع إلا أنها تكمل الماجستير في الأدب العربي وتستعد هذا الصيف لإكمال قصائد ديوانها الثالث ولكن بطريقة جديدة حيث ستسجلها على اسطوانة أقراص مدمجة وذلك من أجل سهولة وصولها للبلدان العربية المختلفة حيث تعاني إصداراتها السابقة من بقاء كتبها داخل فلسطين فقط.
وعن كتابها الرابع قالت عماشة أنها تعمل على طباعته في أي دولة عربية لتمكين وصوله لأكبر شريحة ممكنة ولعدد أكبر من أحبتنا في الدول العربية.
وعند تجولنا في مختلف المنتديات الأدبية فقد لاحظنا تواجدا مكثفا لكتاب فلسطينين من كتاب وشعراء وقاصين، أمثال القاص محمود أبو أسعد والشاعر طلعت شعيبات وهؤلاء لهم نشاطات مكثفة في مواقع أدبية مختلفة ولهم كتابات متميزة.
ورغم أن هذه المواقع ليست فلسطينية لكننا نلاحظ أن نشاطهم يشكل علامة بارزة، وفي بعض المنتديات مثل منتدى شبكة مداد الثقافية لهم تواجد ملحوظ ويعتبرون من مقدمة الشعراء والكتاب المتواجدين باستمرار، وهذا يعني أنهم يقاومون الحصار المفروض عليهم، ولا يرضخون لأنواع التعتيم الذي يتعرضون له يومياً من قبل الإسرائيليين