سورة :
تصعدُ الجدرانُ في اللبلاب
والخرطوم واقفةٌ على ساقٍ تغنِّي
هل ينام النيل ؟!
كنا عاشقين نهدهد الأطفال
- ما اسمي ؟!
- أسمّيك حضور الأرض فاقتربي
-وما طعم البكاء
- ... ... ...
إفترقنا
سورة:
النيل يمضي هادئاً
ينساب في صمت المدينة واحتراقات القرى
والأصدقاء الآن لا يتبادلون تحية الصبح
ولا يتعارفون
وأنبياء الفقر في كلِّ الأماكن
يرشفون الشايّ والحزن ولا يتحدثون
يخبئون الموت في أطرافهم
ويوزعون الصبر للأطفال
ينتشرون في الأشجار عبر الأرض
ينتحرون في الليل احتجاجاً
ويرتحلونْ
تصعد الجدران في اللبلاب
والخرطوم جالسة على مقهى تدخِّنُ
استوى في الليل قطَّاع الطريق
وعابرو نصف المسافة
هل يكون الشارع الآن امتداداً
لاختناق الليل بالعربات والعُهر
وكنَّا عاشقين ، نفتِّش الأطفال
والأطفالُ في رئة المخابز
يسرقون النار
- مااسمي
- أسميك احتراق الأرض، فانتفضي
- وما طعم الرماد
... ... ...
إفترقنا
سورة:
الماء ضدّ النار
والأمواج خارطةٌ تفرُّ من البلادْ
النار ضدّ الماء
والدخان ذاكرةٌ تؤسِّسُ للرمادْ
الصبيّةُ بين سكِّيني وقلبي
والمدينة قبضةُ القمحِ
بحافظة المرابين وتجار العبيدْ
والرجال السمر يقتربون يقتربون
يا نيلُ ..
الي أي الصحارى تحمل الآن تصاويري وتمضي
وقفتي بين الجياد أمام بابك عُمْرَةٌ للروح
والصمت المعلق بيننا
لغةٌ من الزمن الجميل إلى الزمان المستحيلْ
يا أيها النيل - أبي
هل كانت الأشجارُ نافذةً
لأحزان النساء أم المرايا هشَّمت في الماءِ
تاريخ الحضور الأنثويّ
وثبتتْ في العشب لون الفقر
إن الفقر ينبت في أراجيح الصغار
يورِّثُ الأطفال صمت اللعنة الكبرى وكفر الأولينْ
سورة:
النيل يفتح ساعديه
يحدِّث الطير المهاجر ثم يصمت
يعتلي عرش المكان ولا ينامُ ..ولا ينامْ
النيل يسكر بالنفايات
ويَقْنعُ بالمدينة و انكسار الليل
يصعد في الزمان ولا ينامُ ..ولا ينامْ
طلعتْ من الشمس الطبولُ
ورقرق الضوء الغناء على مسام الروح
والماء استراحات المراكب من عناء الريح
فجَّر النيلُ الزمان وقد أطلت - فجأة- مروي
ووجه العاشق النوبي
إذْ يمشي على حزن السواقي
وهو يبحث في الجياد عن الرجولة
أين تبدأ دورة الدم يا بعانخي
أين يحتدمُ النزيفُ
وأنت مستندٌ على " كوش " التي اهترأت من الصمت المريرْ
قل للجياد تحرَّكي ، تقف المياه على أناملها
وتنشطرُ الخرائط
هل تضيعُ الأرض ، والنيل اكتمالٌ للقرون القادمةْ ؟!
النيل يعرف سوءةَ المدن التي ضاعتْ
ويعرف موقف الزمن القديم
ولا يحدِّثُ
إنه النيلُ وللأجيال أن تمضي
وللأطفال أن يقفوا على الشطِّ طويلاً في انتظار العاقبة!
سبتمبر 1988م