قتلوك يا ولداه.. يا حباه ليس الحب يقتل
فرحلت كالأيام .. كالأحلام .. ليت الظلم يرحل
***
يا أيها الكوشى كانوا هم عراة الفكر حين أتوك غيلة
فرحلت أنت عن المكان .. عن الزمان.. عن الحبيبة والقبيلة
أزف الرحيل وأمك الثكلى تعد لك الحريرة والضريرة والعديلة
هجم التتار عليك والخرطوم حبلى بالأغانى والأمانى المستحيلة
***
ماذا تبقى من زمان الحب والتذكار فى عهد التتار؟
ماذا تبقى غير قبض الريح فى الزمن البوار؟
كيف الظلام أتى إلى السودان .. صادر شمسه الغيلان فى وضح النهار؟
ماذا دهى السودان والد ذلك الرهط الجميل؟
أين الملوك ذوى الدفوف
أين الآلى نقشوا على الصخر الحروف!!
وأين تهارقا النبيل؟
أين الجواد بروحه عبدالفضيل؟
أين الشفيع وصحبه .. أين الشموخ العبقرى
أين الامام وأين عبدالخالق المحجوب .. أين الأزهرى؟
أين الفتى عبداللطيف ..وأين جوزيف العفيف؟
ذاك الفتى الأبنوس ذو الظل الخفيف
أين القوام السمهرى؟
***
هجم التتار ولم تفرخ في الديار إوزة أو عم نيل
ويّحي على السودان زاغ من المدار
إلى الفراغ بلا وداع أو عويل
والناس ما برزوا لسارقه وما امتشقوا الصقيل
ويّحي على حلفا .. على شجر النخيل
أبكى على نفسى .. على الصمت الطويل
أبكى على ام درمان أم أبكى هوى عزة الخليل؟
يا حسرتى ! أبكى على من يا ترى!
أبكى على ذاك الذى ترك البلاد مهاجرا
أو من قضى خلف السجون مثابرا
من دك عرش الظلم هز منابرا
ومن استمات على المبادئ صابرا
أبكيه محمود الخصال وثائرا
من سار نحو الموت حلق طائرا
أبكى على من يا ترى!
أبكى على أسد الشرى
أبكى على المك العظيم إذ انبرى
ركل المهانة وازدرى
حرق الدخيل بجيشه لما افترى
أبكى على سكك الحديد وعطبرة
أبكى على وطن تمدد فى الثرى
متسربلا بجراحه حتام يشكو للورى!
***
لو جنة الخلد اليمن
لا يعدل السودان وطن
روض حوى من كل فن
النيل والروض الأغن
أنا آه من حب الوطن
قد هدنى .. هد البدن
***
قم أيها الكوشى كالعنقاء من قلب الرماد
واستنهض التاريخ والأمجاد من واد لواد
قم زلزل الأرض الرحيبة إنها حبلى بزاد .. أى زاد
وتماسكى يا أم مجدى.. كلنا مجدى وحبك فى ازدياد
هزى جريد النخل نأتى فوق صافنة الجياد
بالطار والجرجار والطنبور ترقص كل فاتنة لمجدى فى بلادى
لا وقت للأحزان لا تتوشحى ثوب الحداد
هاتى أناشيد النضال فكل قافيَّة تنادى:
هذا عريس المجد يشمخ فوق هامات الأعادى
***
لا تجزعى أماه لو طال الحصار
لن تنحنى تلك الجباه الشامخات كما المنار
لن تنحنى للإنكشار
ولى زمان الانكسار
لا تفزعى أختاه من جند التتار
فغدا يعود فتاك من خلف البحار
كالرعد كالغيم المحمل.. للديار
سيعود للخرطوم فارسها وينقشع الغبار
عن عاشقين تعانقا فى انبهار
وتعاتبا فى مقرن النيلين فى وضح النهار
لا تجزعى أماه لو طال الحصار
فغدا سينهزم التتار
ويحقق السودان أروع انتصار
***
سيان عند الموت قزم أو مليك
وغدا سينهزم التتار وأنت تبقى رغم أنف القانليك
جرحا يضيء الدرب للفجر الوشيك
***
ولداه أنت هنا ستبقى رغم أنف الظلم حيا
وسيذهبون كما الدخان كما الهبوب وأنت تحيا
لحنا طفوليا تردده الحناجر للفتى السمح المحيا.