أيها الرجل : يجب أن تعلم أنى أحبك ...
الكاتب المصرى خالد حجازى
طوبى للفقراء وحدهم
لأنهم يعرفون طعم الغناء
ولأن الرب أحبنا كثيراً
فأنسنا صوتاً أشبه بالحقيقة ليس أكثر
" أشد ساعد على المجداف
وأقول يا إنتى يا أغرق "
فكان حزن هذا الجنوب هو" الحزن النبيل" ولأننا " سمر " نولد على نيل ، ونموت على صخرة - محشورون - تعصفنا مدن ، وتقتلنا ثلوج ، وتقبضنا عساكر دون ذنب غير أننا نغنى معك لأمهاتنا ورائحة الخبيز....
..." كل ما تباعد بينّا عوارض
كل ما هواك ياطيبة مكنّى"
ولأننا نحمل على وجوهنا صورة أبينا جميعاً " عم عبدالرحيم يا كمّين بشر " لكنها وتلك " التى أنجبتك قطاراً وحقيبة " تلك المعذبة بالتاريخ ، والمخضبة بالدماء الطاهرة ، والمسكونة بالأرواح الطيبة .. تلك السمراء يأمنها القلب ، وتعرفه.
بيننا يا مصطفى حنين الدم ولا نستطيع منه فكاكاً أبدا - وهذا ما يجعلها تبدو لنا أحسن - تـلك الحياة - الناس البسطاء ، التواصل ، الغنـاء ، الحرية ... أقول لك .. أكذب دائماً فى الرسائل وأكتب سعيداً أنا هنا ، وأشهدك على هذا الكذب ، وأمى بسيطة ولها رأى فيما تغنى ، هى ترى أنك موسيقى موهوب .. وتطرب لعودك حد البكاء مرات عديدة ... أمى يا أبا سامر ليست سوى أم الحسن فى قصيدة عبدالرحيم _ لا فرق .
أذكر صيفاً حاراً بالإسكندرية - صيف 92 - يومها تسللت إلى المسرح بصحبة صديق ، أدهشنى هذا القدّاس الأفريقى الذى تتوسطه أنت وصوتك يهدر ويتوغل فينا بعمق البساطة ، وبساطة الدهشة ، وقفت لأهتف ، واحد من مريديك يهلل فرحاً ..." من الواسوق أبت تطلع .. من الأبرول أبت تطلع "
فى الأستراحة وصلت لك وقدمنى الصديق الذى غيبت إسمه عن ذاكرتى لأنه قدمنى ببرود قائلاً إسمى وأتبعه " مصرى " - رردت عليه أمامك :
" والله نحنا مع الطيور الما بتعرف ليها خرطة ... ولا فى إيدا جواز سفر "
كان هناك الكثير لدىّ أود أن أقوله ولكن بكيت وقلت لك بالنص بعد أن شكرتك على إبتسامة جميلة " أيها الرجل يجب أن تعلم أنى أحبك" ...
فى الصباح أعقبت رسالتى لصديقة حميمة بـ
" وضّاحة يا فجر المشارق .... غابة الأبنوس عيونك "..... أنا لا أعرف أحداً جيداً ،،،،، وفقط لدىّ اليسار عكس اليمين ، ولا أؤمن بأحد سوى البسطاء الذين تغنيهم وتغنى لهم ... ولكن ثمة شىء ما سوف يحدث ،،، ربما هو حلمك سوف يتحقق ، حلمك حلمنا ، وأنت بنا ، بك نحن
" جيل بيناتو بينات الوصول .. لحظة شهيق ".
...رائع أنت ولدى أسباب غير ميتافيزيقية لحبك ، أنا لا أعرفها كلها ولكن منها ما هو أماناً ما ، ،، وعشقاً ما ،،، وصدقاً ما .
فى صوتك أيها الرجل ... رائحة عرق أبى وجدل الطفولة والركض خلف الجمال المحمّلة بالقمح ... حبيبة تعرف الشمس الحارقة ... وبنات يعشقن قمر السماء وونس البيوت .
أيها النخلة مصطفى ... فى أعماقنا تزرع حنيناً، أنا لا أصدق أنك مت ...
" صحّى الموت سلام
مايغشاك شر ".
ــــــــــــــــــــــــــــــــ
جريدة الخرطوم - العدد1225 تاريخ 26/6/1996م