مختارات من شعر سلمى :
(1) المرأة ( سيرة ذاتية شعرية )
المرأة هي
سين
سينُ المجذوبةُ إلى السماء السابعة؟
العائمة بين النجوم؟.
الموزّعة أبداً بين الولد والوالد؟
المعلّقة من شعرها إلى شجرة الأمّ؟ العاشقة صفير الريح؟
لقد جاءها الفهد مبشّراً:
بك توقّف الزمن
وانتهى السعيُ والدوارُ،
تعالَيْ"
فجرّتهُ إلى الأدغال وقالت:
"اذهب ولا تخف،
أنا أمينةٌ عليك"
وابتلعت الغابةُ فهد سين الجميل
ضربه الوحشُ الأعمى على قلبه فأراده
وحرّرها لتتزوّج الريح
لا تُشفقوا على سين
سين المملوكة بأوهام الكواكب
سين التي أتقنت فنّ الموت في الحياة.
وتعتب يا حبيب على سين
وتصبر عنها
وتصبر عليها؟
لماذا؟؟؟
تغريها بنجوم عينيك، ثم تطيعُها؟
لماذا؟؟؟
لماذا لم تهتك ضلعها المشاكس بعشقِ ساعديكِ الأميرين؟
....
لقد كانت تخونُك مع المحابر ومسابح الديرْ
كان الراهبُ الأزليّ يخطفها منك كلّ صباح
الكاهنُ الثاقب العينين
في وجهه شمسُ أهل الشمال
وعلى لسانه تسابيح الصوفيين
.....
كان يخطفها منك كلّ صباح
وكل ظهرٍ وعصرٍ وأصيل
يلوي عنقها عنك بقسوة المنذورين
لقد كتب لها تعاويذ أقفلت أزهارها على البراعم
شدّ مسابحه حول إبطيها
زنّرها بالصلاة والتعازيم
سقاها ماء اللوتس
محا قوس قزح من أجفانها
وجرّها إلى برك الحبر
الراهبُ الأزليّ العاشق
الكاهن الماكرُ الذي قادها وقادك إلى التيه
الراهب الأزليّ
ملك الحرمان والعطاء
الناسكُ المتحرّقُ شهوةً
الزاهدُ المتعبّدُ لزهرة العشق
الممتلئ حبّاً وغدراً
الواهبُ كلّ شيء
المانعُ كلّ شيء
الراهبُ الأزليّ!
ها هو الآن يصلّي ويحترق بنار الذاكرة
ينقطع إلى خرافة في مكانٍ قصّيٍ من الكون
عيناه قدّيستان مرّةً أخرى
......
ها هي لندن يداهمها الثاني من تشرين
فيحيلها مغارةً للتّنين
وكهفاً لوحوش الحزن
ويقلبُ إفلين جاردنر بئراً للدمع الطيّع الساخن
الدمع النابع من مسامات الروح
المسحوب من القلب والأحشاء
والهاً، يتجدّدُ أبداً
ينسكبُ على الترقوة والخدّين واليدين
وعلى أبعاد الزمن والمسافات
الدمع، خاتم المسرّات
ذي العهد الأبديّ
الشاذب للحبّ المقبل
الحامل إلى القلب أكداس الثلج وتهاويم النعاس
واحد إفلين جاردنز
بيتُ الجنون وانخلاع القلب والعقل
حيث تنطبق جدران الصومعة على اسمك وصورتك
وتنشبُ حرائق الذكريات.
(2) الخرطوم
وتعيّرني يا ابن القبيلة بشمس الخرطوم ورمالها
أما رأيت نجومها المتهامسة بالشوق إليّ؟
وقلبها الطريّ الذي يجرحه الحبّ؟
ونهرها الجاري باللبن والعسل ونبيذ الأرواح؟
الخرطوم المكنونة على المناجاة الصوفيّة
الساهرة العين على الذكريات
الأمينة على السرّ وعلى عقد القلب.
...................
جئتُها وحيدةً كالرمح النافر
رمداء عفراء مغلقةَ الضلوع على الجحيم
أخبطُ في دويّةٍ داخل نفسي
وقد توقّفتْ الريح
وتلصّمت عقاربُ الساعات
.......
وانتشلتني بوشائج الحرير
أطفأت الجمر المشتعل في رأسي
وملأت دربي بأقمار الفلّ والبيلسان
دخلتُها كما يدخلُ الإنسان إلى الحياة
فعشقني قمرها وسقاني حليبه الدافئ
وعلّمني نخيلها الصبر
وتركتها ولم أخرج منها
وها هو حبلُ السّرةِ ما زال منعقداً
والمائدة عامرً بأطايب الروح.
الخرطومُ وأمّ درمان
المجذوبُ وزينب
خديجةُ وإسحق(*)
أينك يا وجوه النبالة والصدق، يا سيّدة الوجوه
يا قلوب السكينة التي أعادت زمني الهارب إليّ.
هامش:
(*) أم درمان واحدة من ثلاث مدن تشكّل الخرطوم الكبرى. مجذوب هو الشاعر السوداني محمد المهدي المجذوب، أشهر شعراء جيله في السودان؛ زينب هي زوجته. إسحق هو المثقّفوالشاعر إسحق الخليفة شريف وخديجة هي زوجته.
المراجع :
1- http://www.cultural.org.ae/new/Guests/g1142.htm
2- http://maraya.net/p/pal/a22_1.htm
3- http://alnadeem.net/jehat.com/others.htm
4- http://www.opengroup.com/lxbooks/023/0231052731.shtml
5- http://www.asharqalawsat.com/pcdaily/23-08-2000/art/art.html
6-