قلت له: سأعود..
وإن ضلَّ الطريق
سأعود بعد دقائقٍ
أو بعد إنقاذِ
هواجس العمر الغريق..
قلت له سأعود إن نأتِ المسافة
ولو ضاعت
عن زمني الرَّصانة
سأعود برغم كل الصارخين:
لا تعودي ..
ذلك الحب خُرافة !!
قلت له: سأعود يوما
برغم بردي
برغم جفاف أيامي
ثلوج الليل قطر من دمي
وعليَّ يرتجف قميص نومي
سأعود تاركةً فصول الصيف
في خَلَدي
وسأهجر الدنيا التي
كبَّلت بالرُّعب نهدي..
قلت: ولم أعُد أبدا إليه !!
كل الشتاءات ولَّت
وجاء للدنيا ربيعٌ، غارقٌ
بين يديه
قلتُ: ولم أعُد،
تركت القلب عارِيةً لديه
حتى جنوني
واشتياقي،
تركته عُمراً لديه..
قلت له: سأعود...
وعادت إليه أحزاني
ويأسي
وضبابٌ من احتراقي..
هذه الآهات عادت تُنشِدُ:
اليومَ
التلاقي..
وأنا مُكبَّلَــةٌ هنا،
وذراعيَ الموثوقُ في عُنُقِ الفراق
بصري شاخِصٌ
نحو حُلمٍ بالعناق..
هذي دروب الشوق
تبحث عن مساق
حياتي مسافرة
وعمري
وألف قصيدة للذكريات
والروح راحلة
تودعني
تُغرغِرُ في التَّراق
مددت كفِّي للسماء
يا إلهً يسمع الآهات خنْقَى
في صدور الأمهات
على شفاه الراهبات
يسمعها دويَّا
صامتاً
في قلوب العاشقين
في سجون الظالمين
وفي كبدي
المُضَجَّرُ بالدِّماء
هل من سبيل للرجوع
هل من دروب لا تروع
هل من نهارٍ
أو مساءٍ
بلا بُكاءٍ أو دموع!
***
ن ب ر ا س
ميلاد
استوطنت قدماي أوجاعي
فآواها الجمر ..
واستعذبت عيناي أحزاني
فبعثرها القهر ..
أسافر في شفة الحصى غضبا
وتسافر ملئ الكف كالنهر
حلقت قبل فزع القيامة
وطرت بين الألم الأخضر
وانتفاض الذاكرة ..
فأي يا أيوب منا هو البشر
صحراء تتبع خيلي
رملي يركض للوراء .. ومازال
لأحلامي توهج الدرر
أحلام تتسامق في حنو الأم
وتسترخي على جفنيها أشلائي
فلملمها وجردها الكفن
تستمطر أذناي نحيبا
لا يشبه أي زمن
أحلام تتموضع في دمي
أحلام تتموسق في فمي
أحلام يغار منها الوضوء
فيستحم بها البدن
وأنت .. أنت
أيها الراقص بين النار والنار
هل تستطيع أن تعزف اللحظة الفاصلة
بين الموت والميلاد
بين العناق والغياب
بين الطفولة والطفولة
أم انك ..
تنتظر الضوء الذي سيأتي
أيتها العجوز الهادئة
يا بعدي الثامن قبل الميلاد
أية تفاحة أكلت ..
لتحصدي كل هذا الحرام .
........... حسن