المحاماة في محاكم الموصل :
( بيانات وبيانات والمهنة على المحك ) ..!
الموصل/ المدى / نوزت شمدين
أثار البيان الذي أصدرته مؤخراً ( الهيئة التنسيقية العليا لمنظمات حقوق الإنسان غير الحكومية في الموصل ) والذي دعت فيه المحامين إلى الإضراب ثلاثة أيام احتجاجا على سوء معاملة الشرطة القضائية للمحامين لغطاً كبيراً في غرف المحامين وأروقة محاكم استئناف منطقة نينوى لأنه وضع الجميع مجدداً أمام الواقع الذي آلت إليه مهنة المحاماة في المدينة وضرورة إيجاد سبل تعيد للمحامي بريقه وللقضاء عموما هيبته .
وبين مؤيد ورافض لفكرة الإضراب خرجت نقابة المحامين عن صمتها وأصدرت بيانا مضاداً شديد اللهجة استغربت فيه من السكوت الطويل للهيئة صاحبة البيان عن الخروقات التي تجري بشكل يومي ضد أبناء المدينة المسالمين في بيوتهم ومساجدهم وجامعاتهم ، واعتبرت البيان الداعي للإضراب غير حامل لأي صفة قانونية لأنه صادر عن جهة غير مخولة بذلك ، وذهب بيان النقابة المطول إلى أبعد من ذلك عندما شكك بوجود هيئة التنسيق أصلا وطالب القائمين عليها أن تزود النقابة بنسخة من نظامها الداخلي وهيكلها التنظيمي معتبرة الأمر برمته مجرد مزايدة كلامية على نقابة المحامين .
منتدب غرفة محامي الموصل:
( بيان الهيئة التنسيقية تجاوز واضح على مهامنا ) .
التقينا بمنتدب غرفة محامي الموصل الأستاذ ( عز الدين الدولة ) وسألناه عن حقيقة الإساءات التي يتعرض إليها المحامون في محاكم الموصل على أيدي منتسبي الشرطة القضائية ، وعن دعوة الهيئة التنسيقية للإضراب ؟
- بداية لابد من الإشارة إلى أن الأمر قد أخذ أبعاداً لا يحتملها الموضوع ، فمسألة تفتيش حقائب المحامين في مدخل المحكمة ليست انتقاصا من مكانة المحامي أو غيره وإنما هو إجراء لحماية الجميع تحقيقاً للأمن والأمان ، أما إذا حدثت مشكلة ما هنا أو هناك بسبب ذلك فلا يستدعي هذا بأي حال من الأحوال اللجوء إلى أساليب تؤدي بالنتيجة إلى تفريق الصفوف في وقت نحن فيه بأمس الحاجة إلى التكاتف والتعاضد من اجل أن نمارس دورنا المصيري في إرساء دعائم العدل في هذا الزمن الصعب . إضافة إلى ذلك نحن الجهة الوحيدة المسؤولة تجاه المحامين ولن نتوانى أبداً في الدفاع عن حقوقهم إذا ما رأينا أن هناك من يحاول بطريقة أو بأخرى الإساءة إليهم . وكان الأجدى بهذه الهيئة أن تلجأ إلينا أو إلى رئاسة الاستئناف بروح ملئها التعاون والمحبة بدلاً من التجاوز على مهامنا وتعليق البيانات على جدران المحاكم دون علمنا أو أذن من رئاسة الاستئناف .
الشرطة القضائية :
( نؤدي واجبنا والبعض يعتبر ذلك تجاوزاً )
عند بوابة المحاكم التقينا بالملازم ( أ . س ) . سألناه عن آلية عمل الشرطة القضائية . ودورها في إرساء دعائم الأمن داخل دار العدالة ؟
_ هنالك مدخلان للمحاكم الأول رئيسي يفتش عنده الجميع دون استثناء سواءً أكانوا موظفين أو محامين أو مراجعين ولدينا تعليمات مشددة بمنع دخول الأسلحة أو الهواتف المحمولة المزودة بكاميرات . حيث نستلمها من الشخص الداخل ونحتفظ بها لحين خروجه . أما المدخل الثاني المؤدي إلى قاعات المحاكم فهنالك بوابتان الأولى للمحامين ويدخلونها دون أي تفتيش أما الثانية مخصصة للمراجعين ويتم تفتيشهم مجددا هناك . والعملية بمجملها تنصب في مصلحة الناس داخل المحاكم فنحن نضمن لهم الأمن ونحرص على أن يقوم الجميع بواجباتهم دون عائق . وبالمحصلة فنحن نؤدي واجبنا لكن مع ذلك فأن البعض يعتبر ذلك تجاوزا عليهم .
( المحاماة تسير نحو مصير مجهول ) ..!
المحامي باسم العبادي قال بأنه يؤيد الدعوة إلى الإضراب وكان على المحامين أن يفعلوا ذلك منذ زمن طويل فالمهنة تسير نحو مصير مجهول بسبب ضعف دور النقابة التي تقف على الدوام بموقف المتفرج إزاء التجاوزات التي تحدث باستمرار ضد المحامين ، فعلى سبيل المثال وقبل أيام قليلة لجأت إلى غرفة النقابة على أثر تعرضي لتهجم من قبل أحد رجال الشرطة عند مدخل محاكم الموصل وتلفظه على المحامين بألفاظ معيبة وأمام جمع من الناس ، لكن الذي حدث أن المنتدب لم يأخذ الأمر على محمل الجد أو بالأحرى لم يكن بيده شيء ليفعله وانتهى الأمر دون أي تحرك رادع ضد هذا الشرطي الذي سيستمر هو وغيره في الإساءة إلى بقية الزملاء وقد يتفاقم الوضع مستقبلاً ليشمل قضاة المحاكم أيضاً .
المحامي وقاص اسعد كان له رأياً مغايرا حيث أثنى على دور رجال الشرطة القضائية الحاسم في حماية حرمة المحاكم من العابثين بأمنها والانعكاس الإيجابي لذلك على سير العمل فيها دون المساس بكرامة المحامي أو الانتقاص من مكانته ، وقال بأنه يتقبل فكرة تفتيشه ويضع حقيبته تحت تصرف الشرطة القضائية باعتبار المحامي قدوة لباقي أبناء المجتمع وان عليه الالتزام بالقوانين أكثر من غيره ، وضرب مثالاً على مخاطر انفلات الرقابة الأمنية داخل المحكمة عندما قام شخص قبل عدة أشهر بفتح النار على متهم كان قد خرج للتو من قاعة محكمة الجنايات فأرداه قتيلا وسط ذهول الجميع .
المحامي محمد يونس أكد على أن المحامي الجيد هو الذي يفرض وجوده واحترامه في كل مكان ، وأن واجب المكلفين بحماية المحكمة ينحصر في منع إدخال السلاح أو أي شيء آخر من شأنه زعزعة الأمن داخل هذا الحرم وليس من حقهم بأية حال التعرض للمحامين بأي شيء يخدش كرامتهم . وقال بأنه سيمتثل لرغبة الأغلبية من زملائه إن هم قرروا اتخاذ موقف ما تجاه المسيء أيا كان .
أما المحامية سناء أحمد فقالت بأنها تفضل اللجوء إلى خيار الإضراب لأمور أكثر أهمية وبإجماع المحامين وهي لن تقوم بذلك لمجرد أن علقت جهة ما لاتعرفها بيان على أحد الجدران ..؟! . ورأت أن بوسع أعضاء نقابة المحامين القيام بدور يؤكدون من خلاله انهم جديرون بالثقة التي أولاهم بها المحامون عندما انتخبوهم بدلاً من الاكتفاء بإصدار البيانات المضادة . وذكرت أن أمورا مصيرية في غاية الخطورة حدثت ومازالت تحدث في البلاد ولم نرى أي تحرك فاعل من قبلهم وإذا ما تمت المقارنة بين حجم الدمار الذي لحق بالإنسان العراقي طوال زمن الاحتلال وبين مجرد عمليات تفتيش الحقائب والجيوب في مدخل المحكمة فبالتأكيد الأخيرة ستكون تافهة جدا ! .