مقتطفات من كتاب:
"فهم النساء وسيكولوجيتهِنَّ العميقة" – بيير داكو
« Comprendre LES FEMMES
et leurs psychologies profondes », Pierre DACO
المرأة، ذلك البحر المحيطُ الذي كثيراً ما تخشاه، لاشعورياً، قواربُ الرجال، كَتبَ عنها الكثيرُ من الباحثين-الغوَّاصين في محاوَلةٍ منهم لسبر غورها وفهم أعماقها.
ومن بين الكتب الهامة التي تبحث في موضوع المرأة كتاب "فهم النساء وسيكولوجيتهنَّ العميقة" (Comprendre LES FEMMES et leurs psychologies profondes) لعالم النفس بيير داكو (Pierre DACO)؛ نقله إلى العربية وجيه أسعد بعنوان: (المرأة؟ بحث في سيكولوجية الأعماق)، منشورات مؤسسة الرسالة (الدار المتحدة).
قمتُ، بدوري، بالغَوص في بحر هذا الكتاب لأجلبَ بعضَ الأفكار التي تساعد في إضاءة ظلمات بحر المرأة، والتي لا تغني القارئَ عن قراءة الكتاب:
_ _ _ _ _ _ _ _
لم يسبق للمرأة أنْ كانت مسحوقةً ومنهارة وخامدة مثلما هي عليه الآن. يمثِّل عصرُنا أكثرَ العمليات دناءةً في تاريخ المرأة. فالمظاهرُ خداعة، ذلك أنَّ الفخَّ مموَّهٌ على نحوٍ يثيرُ الإعجاب. (ص 17)
المرأة التي لا تُحِبُّ وليست محبوبةً تظلُّ خامدةً وعابرة مهما كانت فعاليتُها، ميتة إذا صحَّ التعبير. (ص30)
مخطَّط العالَم التكنولوجي المجرَّد من الإنسانية في معاداة المرأة: (ص 18 – 28)
- جذبُ النساءِ إلى عالَم العمل وخصوصاً إلى أعمال لا علاقةَ للأنوثة بها، وبالتالي ستضمر الأنوثةُ ويتوقف الخطر.
- جعلُ المرأةِ-الشاهد شريكاً في الجرم.
- إعطاءُ المرأة حقوقَها بحيث تكون هذه الحقوقُ طُـعمَ الصنارة التي ستعلق بها المرأةُ-السمكة دون أنْ تكتشفَ الشبكةَ.
- إشعارُ المرأة بأنها آثمة على كل الجبهات: فإذا عملَتْ آثمة، وإذا لم تعملْ آثمة. إذا كانت جميلة آثمة، وآثمة إنْ لم تكن جميلة...
لقد توقفت النساءُ عن أنْ يكنَّ نساءً وعجزنَ عن أنْ يصبحنَ رجالاً.
______________________
تعليق:
[ليست سيطرةُ الرجل على المرأة إلا نتيجةً لكون المرأة لم تعد امرأةً بل أصبحت ممسوخة؛ ولم تكن سيطرتُه عليها إلا نتيجةً لخوفه منها ومؤشِّراً إلى عقدة نقص لديه تتمثل في عجزه عن الولادة والخَلق، إذْ يتم الخَلقُ خارجَ ذاته. هذا ما يؤكِّد عليه بيير داكو في كتابه].
______________________
إذا كانت المرأةُ تشعر بالدونية لأنها تتصف ببعض الخصائص التي لا يتصف بها الرجل، فلماذا لا يشعر الرجل بالدونية لأنه لا يتصف ببعض خصائص المرأة؟ (ص51)
تتوقف الحروبُ إذا كان العالَمُ تحت سيادة نساء هنَّ نساءٌ على نحو كلّي [متحقِّقات]؛ إذْ كيف يمكن لهمَّ إفناءُ الحياة وهنَّ يخلقنَ الحياة؟! (ص52)
تطوُّرُ المرأةِ المزعوم لم يغيِّرْ شيئاً من الوضع، لأنَّ اللاشعورَ الإنساني لم يتغيَّرْ.
الإنسان لا يرى مركزَ النمل إذا أصبح نملةً. فكيف يمكن للمرأة أنْ تحتفظَ بذبذبتها الخاصة وهي سجينة تشارك في صنع الإسمنت الحديث؟
مفارَقة: امرأة يسيطر عليها رجل ذو رجولة "ذو فحولة" فتقاوِم، ومع ذلك فهي تحتقِرُ الرجلَ الذي لا يتصف بأنه "ذو رجولة"! فالرجل بالنسبة لها محتقَر إذا كان "فحلاً" ومحتقَر إذا لم يكن كذلك!
الرجل لا يخاف المرأة بل يخاف ما ترمز إليه بالنسبة له.
مأثور كوري: "يولَد الرجلُ من المرأة كما يولَد الملحُ من الماء. فعندما يقترب منها تمتصُّه ثانيةً كما يحدث للملح في الماء". (ص 128)
"لو لم تكن المرأةُ موجودةً لاخترعها الرجال". [سيمون دو بوفوار]. أي لو لم يكن هناك النوعُ الأنثوي موجوداً لوَجدَ النوعُ المذكَّرُ شيئاً آخرَ يُسقِط عليه خوفَه.
البناتُ غيرُ البالغات والنساءُ المعمِّرات لا يخشاهنَّ الرجالُ (وكذلك القبيحاتُ والمسترجِلات)، لأنَّ الصغيراتِ لم يبلغنَ الطمثَ والمعمِّراتِ تجاوزْنَه، أي لم يعد لهنَّ "بطن" من الناحية الرمزية ولا يمثِّـلْنَ الأعضاءَ التناسلية (أي المغاورَ التي يتم فيها إعدادُ المادة)، وهنَّ، لهذا، لا يُثِـرْنَ رُهابَ الرجل. فالمرأةُ، إذنْ، من الناحية المنطقية أكثرُ إثارةً للخوف [الخوف من الموت والعدم] كلما كانت أكثرَ إثارةً للغريزة الجنسية. (ص 134)
___________________
تعليق:
[الذَّكَرُ الذي يسيطر على الأنثى أشبهُ برُبّان السفينة في عرض البحر. صحيح أنه فوق البحر لكنه يخشاه. المرأة كالبحر، غامض، مخيف، مليء بالأسرار، لكنه قابل لأنْ يُـرْكَـبَ. ربما ليس عبثاً هذا التشابه اللفظي في العربية بين كلمة (أُمّ) وكلمة (يَـمّ) وفي الفرنسية بين كلمة بحر [ mère ] وكلمة أُمّ [ mer ]؛ حتى أنَّ كلمة بحر بالفرنسية مؤنثة أيضاً تأنيثاً مجازياً، ما يشير إلى المرأة كذلك.
إذا كان البناءُ المكتمِل يمثِّـل الذكَرَ، فإنَّ المخطَّطاتِ والأفكارَ والدراساتِ الهندسية تمثِّـل الأنثى التي من رَحِمها خرجَ الذكَرُ].
[عندما تبِعَت المراةُ الرجلَ سقطنا].
___________________
طبقتا البناء الإنساني: (ص 227)
عندما يقوم موجود إنساني بإظهار شيء أو فكرة إلى الخارج، فإنَّ هذه الظاهرةَ تتم على ثلاث مراحل: (1)-مرحلة الفوضى حيث تعوم الأفكارُ بصورة مبهمة؛ (2)-مرحلة الإعداد حيث يتم تجميعُ الطاقة والأفكار والإحساسات من أجل هدف معيَّن، وتمثِّل طابقَ الأنوثة المتميِّز بالفاعلية الداخلية اللامتمايزة؛ (3)-مرحلة المآل أو مرحلة الإنجاز النهائي المعبَّر عنه خارجياً، وتمثِّل طابقَ الذكورة المتميز بالفاعلية الخارجية والصورة والتمايز.
فإذا كان بإمكان المرء أنْ يصعدَ من الأنوثة إلى الذكورة، فإنه مُعرَّض إلى خطر أنْ ينزِلَ ثانيةً نحو الفوضى والعدم انطلاقاً من أنوثة قليلة المتانة. ومن هنا نفهم سببَ تمسُّـكِ الموجودات الإنسانية بفكرة الذكورة كما يتمسّكون بعوامة النجاة، وننتهي إلى اكتشاف معرفة قديمة: خوف الموجود الإنساني (رجُلاً على وجه الخصوص) من العدم. وكثيراً ما نرى الطفلَ يتمسَّـكُ بأي شيء ليبرهنَ على ذكورته.
الذكورة ليست إلا محصِّـلةَ الأنوثة أو الطاقة الداخلية. (ص 246)
الأنوثةُ هي الطاقة الكامنة [السلبية] أو شحن الطاقة، بينما الذكورةُ هي تفريغ الطاقة أو الطاقة الحركية [الفاعلية]. (ص 216 وص 235)
مثال:
قصة نيللي: (ص 236)
فتاة عمرها 35 عاماً، عزباء، لم تجد زوجاً. كان لها صديق متزوج يخدع امرأتَه معها ويخدعها مع أخرى. لكنها في الحقيقة تخدع نفسَها بنفسها، لأنها تبحث عن نفسها من خلال صديقها. فهي بدلاً من أنْ تبحثَ عن هويتها في نفسها تطلبها من إنسان آخر يسبِّب لها الإحباطَ لأنه هو أيضاً يفعل ما تفعله هي بالضبط: إنه يبحث فيها عما ينقصه. وبدلاً من أنْ يجمعا قُـوَّتَينِ فإنهما يمزجانِ ضَعفَينِ. لقد أصاب أنوثتَها التشوُّهُ وأصبحت نزّاعةً إلى التملك وتحتانية وعدوانية وعنيدة...
تتشوَّه الأنوثةُ بمقدار ما تنخفض الطاقةُ الداخلية، وتصبح البنتُ عاجزةً بالتدريج عن أنْ تُحِبَّ، فهي لا تبحث إلا عن أنْ تكونَ محبوبةً وليس بوسعها أنْ تكونَ معطاءةً ولا تطلب إلا أنْ تكون متلقّية.
في قصة نيللي، هناك مشكلة مع ذكورتها، فهي تبحث عنها في الآخر ولن تجدَها أبداً مادامت هذه الذكورةُ ليست ذكورتَها الخاصة أو مادامت ذكورتُها الخاصة غير موجودة، فتبدأ عندئذٍ حياةً "بالوكالة"؛ ويصبح نجاحُ "زوجها" نجاحَها وتنكِّد عيشَ الرجل لكي يكون دائماً أكثرَ بريقاً "في المظهر" ولا تجني سوى الفُتات.
ذكورة
اتجاه مائل
أنوثة
- البعد الأفقي يميّز الأنوثة: المتلقِّية، الراكدة، اللامتمايزة، الوجدانية.
- البعد العمودي يميز الذكورة: المنبجِس، الصاعد، المنتصِب، ذو الشكل الواضح.
تكمن المشكلة في أنَّ المرأةَ تتخثّر في بُعد "مائل" لا مُسْـتَـلْـقٍ ولا واقف، لا مؤنَّث ولا مذكَّر، لا عنزة ولا ملفوف.
التربية والثقافة تُعلِّمانِ المرأةَ حالياً أنَّ عليها أنْ تعيشَ في بُعد منتصب بمغالاة، عمودي إلى حد الإفراط. فهي إمّا أنْ تنسخَ رجولةَ الرجال المزيَّفة والعبثية، وإمّا أنْ تقفَ ضدَّهم، والأمرانِ سِيّان.
إذا لم يعد بوسع البنت أنْ تجمِّعَ الطاقةَ الكافية، فإنَّ ذكورتَها تنحطّ بصورة آلية. ومن هنا منشأ جميع المراهِقات ذوات العيون الخالية من الحيوية. وذكورتُهنَّ، بوصفها سيئة التغذية، هي بانتظار الرجل الذي سيصبحنَ ظلَّه.
المنشأ المباشَر لكل قوة داخلية عند بنت أو صبي – شأنها شأن كل ضعف – هو الأم.
عندما تقول امرأةٌ لرجل (أو رجل لامرأة): "أحبُّكَ"، فهي تقصد: "أحبُّ فيكَ ما ينقصني". وذلك يعني أنهما يحبانِ نفسَيهما حباً شديداً.
ذكاء الأنوثة يمتد عرضاً وذكاءُ الذكورة يمتد عمودياً. أوَليس ذلك ضرباً من التكاملية الرائعة التي ينبغي لكل رجل وامرأة أنْ يحوزَ عليها في ذاته؟ (ص 258)
لكل فرد بُعدانِ: شعورُه ولاشعوره، قطبُه المذكَّر (الإظهارُ إلى الخارج) وقطبُه المؤنَّث (الحياةُ الداخلية)، الأمرُ الذي يعطي أنَّ الثنائي أو الزوجين (couple) يساوي أربعة: أربع شخصيات في شخصين.
الثنائي (couple):
الثنائي (couple) = الديمومة + الوجدانية.
كل واحد من الزوجين يصبح الآخرَ مع أنه يبقى ذاتَه في الوقت نفسه. (ص 265)
المرأة التي تملك الزهيدَ لا يمكنها أن تعرِضَ غيرَ الزهيد. وعندما لا تملك المرأةُ غيرَ الزهيد، تكون مطالبُها في بعض الأحيان لامتناهية. إنها تعرض سحرَها النزوي وحبَّها الطفولي لأنَّ أنوثتَها ضعيفة وذكورتَها منعدمة من الناحية العملية. وهي، من جهة أخرى، تطلب أنْ تكونَ باستمرار مرفوعةً على رؤوس الأصابع، محاطة بالرعاية والاهتمام.
إذا كانت أنوثةُ المرأة متحققة، طلبَتْ ثقةَ الرجل وعفويتَه، وأصبحتْ، بالنسبة إليه، زادَ السفر الذي لا غنى عنه. (ص 266 – 267)
اكتشفَ المحلِّلُ النفسي "فروم" صيغةً يمكن أنْ تحدِّدَ ما يجمع بين شخصين في العديد من ضروب الثنائي الزوجي هي: "إنني بحاجة إليكَ: إذنْ أحبُّكَ"، أي إذا لم أعد أحتاج إليكَ في يوم من الأيام سأكفُّ عن أنْ أحبَّكَ. هذه المرأة تحتاج إلى أنْ يكون زوجُها بحاجة إليها.
درجات الحب (من الوهمي إلى الأصيل): (ص 276)
1- أحبُّكَ: لأنني أحِبُّ نفسي (أبحث فيكَ عَـمَّ أفتقده في نفسي).
2- أحبُّكَ: لأنني بحاجة إليكَ (أحبُّكَ حتى اليوم الذي تنتهي فيه حاجتي إليكَ).
3- أحبُّكَ: لِما أنتَ عليه (شريطةَ أنْ تبقى كذلك).
4- أحبُّكَ: لأنني معجَبةٌ بكَ (شريطةَ أنْ لا تكفَّ عن أنْ تكونَ موضعَ إعجاب في نظري).
5- أحبُّكَ: كما أنتَ عليه (ولكنْ إذا كنتَ ضعيفاً سيصبح حبي حمايةً شفوقة، بل احتقاراً خفيّاً).
6- أحبُّكَ: لأنكَ أنتَ ما أنتَ عليه (إنجازُكَ الداخلي يتيحُ لي أنْ أكونَ ما أنا عليه، بضروب قوَّتي وضعفي).
7- أحبُّكَ: لأنني أنا ما أنا عليه، ولأنكَ أنتَ ما أنتَ عليه، متحقِّـقَينِ ومتَّحدَينِ لتكوين كلٍّ لهيج ومتجدِّد كلَّ يوم.
كل رجل عادي يخشى امرأتَه بعمق. (ص 284)
تكون المرأة جاهزة للزواج عندما تكون قادرة على الاتحاد وجدانياً وانفعالياً.
هل هي على درب الكمال لكي تبحث عن رفيق لا عن عكاز؟ هل أنوثتها قوة أم ضعف؟
ليس ثمة حب حقيقي للآخر إذا لم يكن الإنسان يحب ذاتَه.
هل المرأة قادرة على الحب، أي قادرة على أنْ تكون ذاتها.
مادامت المرأة غير قادرة على أنْ تكون على صلة مع نفسها، فلن تستطيع أنْ ترتبطَ بالآخر.
لا بد للرجل والمرأة، لكي يحقِّقا ثنائياً عميقاً ودائماً، من أنْ ينمِّيا الأنوثةَ والذكورة الموجودتين لديهما؛ فتمتد أنوثةُ الرجل في أنوثة المرأة، وتمتد ذكورةُ المرأة في ذكورة زوجها.
كثيرات من "المتحزِّبات لحقوق المرأة" يعتقدنَ بأنهنَّ يناضلْنَ ضد الرجال، وفي الواقع إنهنَّ يناضلنَ ضدَّ أنوثة مصابة بالعطالة.
النرجسية:
تظهر نرجسيةُ المرأة، على الغالب، في الوقت الذي يظهر فيه الشعور بالدونية والعجز، وذلك كوسيلة لحماية الذات. فتتوهم المرأةُ النرجسية أنها كلَّ شيء لكي تتخلص من الإحساس بأنها لا شيء؛ وتبدو أنها تحب ذاتَها وهي، في الواقع، تكره نفسَها.
إذا كان خوفُ الرجل الجوهري هو أنْ يعودَ إلى العدم، فإنَّ خوفَ المرأة الجوهري، بحسب فرويد، هو أنْ تفقدَ الحب. (ص 318)
كل علاقة إنسانية هي علاقة وجدانية. وكل صورة من صور الجنسية هي حالة نفسية ووجدانية. فالجنسية والوجدانية شيء واحد. والتناسلية، بوصفها فعلاً آلياً، ثانوية.
حتى يكونَ بوسع كل فتاة أنْ تستشعرَ ما هي الأنوثة الحقيقية ينبغي أنْ تكبرَ في مناخ الأمن، في أحضان ثنائي متلاحم وجدانياً ومتلائم تلاؤماً حسناً مع الوجود.
لدى كل سُحاقية، سواءً كانت بالكمون أم فاعلة أم متسامية، نجد صراعاتٍ وجدانيةً عميقة ولاشعورية على نحو واسع، يعود أصلُها إلى مرحلتَي الطفولة والمراهَقة اللتَينِ تتصفانِ بأنهما مصدرُ كلِّ حياة إنسانية.
يمكن ترجمةُ رموز الأم والأب على النحو التالي:
- الأب (يمثِّل المستقبَل) = خط الجبهة = المعركة النشيطة وعلى المكشوف.
- الأم (تمثِّل الماضي) = الخنادق الخلفية الموحية بالأمن = التراجع الممكن (شريطةَ أنْ تبقى الأمُّ صديقةَ ابنها).
إذا كان صحيحاً أنَّ تجديدَ كوكبنا منوطٌ بتجديد الأنوثة، وإذا كانت الأمهاتُ، من جهة أخرى، يؤثِّرْنَ إلى هذا الحد على لاشعور بناتهنَّ، فإنَّ على الأمهات، إذنْ، يرتكز مستقبَلُ المعمورة.
- المرأة محافِظة، بحاجة إلى التقاليد، لأنها حضرية، مرتبِطة ببيتها، ببلدها، بخوريها...
- الصبي نزَّاع، بطبيعته، إلى أنْ يهجرَ أُسرتَه وأنْ يهربَ منها لا بفعل الميل إلى الاكتشاف فحسب، بل لأنَّ هذه الأُسرة تذكِّره بعدمه الأصيل كذلك.
- أما البنت فإنها نزَّاعة، وإنْ كانت مولعة بالحرية، إلى أنْ تبقى في الجو الأُسري أو أنْ تعودَ إليه: مكان مغلق دافئ أُضيفتْ عليه الداخلية. فالمرأة، على هذا النحو، تنتمي إلى الجماعة.
الأنوثةُ كالماء: لامتمايزة وعديمة الشكل، ولكنها يمكن أنْ تتخذَ كلَّ الأشكال. فإذا نظرْنا من الجانب السلبي، فإنَّ الماء يحيط ويحاصر بصمت، ويتسلَّل بمكر.
ليس ثمةَ امرأة، من أدنى الأرض إلى أقصاها، لا تحسب أنَّ رفيقَها هو "طفلُها" قبل كل شيء. ولهذا السبب فإنَّ الرجلَ، أيَّ رجُل، يمكن بواسطة المرأة أنْ يولدَ مجدَّداً، يوماً بعد يوم، أو أنْ يموت. (ص 451)
إعداد: محمد علي عبد الجليل
21/11/2005