رسالة إلى متعصِّـب
Message à un fanatique
دمشق، الخميس 29/4/2004
العنوان:
- دُور العبادة
- دُور الثقافة
- دُور الـ ...
أخي أيها المالكُ ناصيةَ الحقيقة،
لا تـنْـسَ أنَّ الترابَ الذي تحت قدميَـكَ "الشريفتَينِ" يتألف من نفس عناصر جسمِكَ المقدَّس، ويزيد عنكَ في أنه – ربما – يضم في داخله ذهباً أو تاريخاً لإنسان أو شعب، بينما تضم أنتَ في داخلِكَ فضلات...
تذكَّـرْ وأنتَ تدوس ذلك الترابَ بأنكَ مرحاض متنقِّـل.
تذكَّـرْ ذلك وقل لي ما الفرق بيني وبينَكَ يا من تدَّعي امتلاكَ الحقيقة.
إذا كنتَ تعرفُ فعلاً الحقيقة، فماذا يضرُّكَ لو تعرَّفْـتَ إليّ؟
وإذا قدِرْتَ أنتَ على تقبُّـل الحقيقة، أو لنقُـلْ بالأحرى إذا قبِـلَـتْ الحقيقةُ، بكمالها وقداستها، أنْ تأتيَ إليكَ وتـتـقـبَّـلَـكَ، أيها المتنقِّـلُ المرحاض، فما الذي يمنعُـكَ، إذنْ، من أنْ تحِـنَّ عليَّ وتتقبَّـلَـني أنا الـ (مِـثْـلُـكَ) وأنا الذي آتي إليكَ؟؟
تذكَّرْ حقيقتَـك وقل لي ما الفرق بينكَ وبيني؟؟؟
إذا كنتَ تعرف حقيقتَكَ تصعد. والصعودُ إلى القِـمّة يبدأ بالنزول إلى الحضيض.
صدِّقْـني. وصدِّقْـني أنكَ لن تخسرَ شيئاً لو صدَّقْـتَـني. جرِّب.
سأُسَـمِّـيـكَ القمة وأُسَـمّي نفسي الحضيض.
تذكَّرْ أنَّ القِمَّـةَ والحضيضَ متّصلان، وأنَّ الجبلَ والوادي متكاملان.
وإنَّ ما يسرُّني – كوادي أو كحضيض – هو شعوري بأنني امتداد للجبل أو القِمة.
ألا توافقُـني بأنه من المحتمَـل أنْ تكونَ الحقيقةُ التي تدَّعي أنتَ امتلاكَها ليست، في الحقيقة، سوى "فوتوكوبي" مشوَّهة عن الحقيقة الأصلية؟ هذه الفوتوكوبي هي، في الحقيقة، تحجبُـكَ عن الحقيقة. أقول: من المحتمل.
ألا يمكن أنْ يكونَ اللهُ الذي أنتَ تعبده هو صورةُ اللهِ بحسب ما فهمه الآخرون أو هو نفسُكَ أنتَ؟ ألا يمكن أنْ تكونَ أنتَ وهؤلاء الآخرون مخطئين؟ كل شيء ممكن في هذا العالَـم. وعلى افتراض أنكم غير مخطئين، ما الذي يمنعكَ من قبول مخطئ مثلي؟؟؟
ثمَّ إذا كنتَ تمتلكُ الذهبَ، فهل امتلاكُكَ الذهبَ يبرِّرُ لكَ رفضَكَ للذين لا يمتلكونه؟؟؟
أَجِـبْ!!!
ما الذي يمنعكَ من قبول أكثر من حقيقة أو، على الأصح، أكثر من وجه للحقيقة طالما أنَّ هنالك أكثرَ من فرد وأكثرَ من طريقة للفهم؟؟؟
إذا كنتَ تقْـبَـل حقيقةَ أنَّ للحقيقة أكثرَ من وجه، فما الذي يمنعكَ من قبول فكرة التقاء أوجُـه الحقيقة مع بعضها؟؟؟
افترضْ أنكَ وجه من أوجه الحقيقة وأنني وجه آخر، فما الذي يمنعنا من الالتقاء؟؟؟
إذا كنتَ تؤمن بالالتقاء، فما الذي يمنعكَ من أنْ تأتيَ إليّ؟
إذا كنتَ متعباً، فأنا الذي سآتي إليكَ ولو زحفاً، بشرط أنْ تفتحَ ذراعيكَ لي وتقْـبَـلَني.
أو بدون شرط.
ولماذا لا؟
بانتظار جوابكَ، أيها المالكُ "سطلَ" الحقيقة، تفضَّلْ بقبول فائق اغترافي.
محمد علي عبد الجليل
صورة إلى:
- دُور الصحافة، مع رجاء النشر.