سفينة نوح
تكلَّمَ اللهُ إلى نوح قائلاً:
- "بعدَ ستة أشهر، سوف أُمطِر السماءَ حتى يَغرق العالم ويَهلَكَ كلُّ ما هو سيء.
لكنني أريد أن أنقذ بعض الأشخاص الطيبين وزوجين من كل نوع من الأحياء على هذه الأرض.
آمُرُكَ إذاً أن تصنعَ سفينة."
وبِـ "ومضة" برق، ألقى اللهُ إلى نوح مواصفاتِ السفينة.
قال نوح:
- "حسناً! – [وكانت فرائصُه ترتعد خوفاً وهو يمسِكُ بالتصاميم] - أنا عبدُكَ".
مرت الشهور الستة…
بدأت السماء تتلبَّد بالغيوم، وأخذت المطرُ يهطل بغزارة…
نظرَ اللهُ إلى الأسفل ورأى نوحاً جالساً في ساحة الدار يبكي بحرقة وغزارة ولا سفينةَ لديه.
صاحَ اللهُ متعجباً:
- "ولَكْ! يا نوح! أين سفينتي؟!!!"
برقٌ خاطف تحطَّمَ أمام قدمَي نوح.
قال نوح متوسِّـلاً:
- "أرجوكَ يا إلهي! اغفر لي. بذلتُ أقصى جهدي. لكن هناك بعض المشاكل الكبيرة.
أولاً، كان من المفروض أن أحصل على رخصة بناء للسفينة؛ لكن تصاميمكَ لم توافق قانونَهم.
لذلك كان من المفروض أن أستعين بمهندس ليعيد صياغة مخططاتِكَ والذي كان لي معه مجادلة كبيرة حول ما إذا كانت مخططاتُكَ تتضمَّن نضَّاحات (Jets) (Gicleurs) أم لا.
وقد اعترضَ جيراني قائلينَ بأنني أُخالِف المخطَّط التنظيمي للمنطقة ببناء السفينة في ساحتي.
لذلك كانَ علَيَّ أن أطلب استثناء من لجنة تنظيم المنطقة.
بالإضافة إلى أنه كان هناكَ مشاكل في الحصول على الخشب الكافي لبناء السفينة، لأنه ممنوع قطع الأشجار، وذلك من أجل حماية طيور البومة المرقَّطة.
كما أنني حاولتُ إقناع علماء البيئة وقسم حماية الحيوان في كندا بأنني أحتاج إلى الخشب من أجل إنقاذ البومات، لكنَّهم لم يسمحوا لي بالتقاطها.
ثمَّ بدأتُ بجمع الحيوانات. فقامَ بملاحقتي أحدُ تجمُّعات الدفاع عن حقوق الحيوان حيثُ اعترضوا على أنني لم آخُـذْ سوى زوجين فقط من كل نوع.
وبما أنه تمَّ رفضُ الملاحقة، فقد أبلغَـتْني لجنةُ البيئة بأنه لا يمكنني صنع السفينة قبل ملء الاستمارة الخاصة بالتأثير على البيئة (لدراسة الآثار الناجمة عن صنع السفينة على البيئة).
ومن اقتراحكَ بالطوفان، لم يُـقَـدِّروا أنه لا توجد أية سلطة قضائية على الخالق.
كما طالبَتْ نقابةُ المهندسين بخارطة عن منطقة الطوفان، فأرسلتُ إليهم مجسَّماً عن الكرة الأرضية.
يجب علَيَّ حالياً أن أردَّ على شكوى لجنة حقوق الفرد وهي كم عدد القاصرين الذين يُفتَرَض أن أُشَـغِّـلَهم.
وقد حجزَتْ مديرية الدخل على جميع ممتلكاتي بحجة أنني أستعدُّ لمغادرة البلد.
وتلقَّيتُ، للتوّ، إنذاراً من الدولة بأنه يجب علَيَّ أن أدفع لهم ضرائب انتفاع...
بصراحة يا الله! لا أظنّ أنه بإمكاني أن أنتهي من بناء السفينة قبل أقل من خمس سنوات."
عند ذلك، انجلت السماء...
وبدأت الشمس تسطع.
واخترقَ قوسُ قُزَح السماء...
رفعَ نوح عينيه وابتسم.
وقال ممتلئاً بالأمل:
- "يعني لن تقومَ بتدمير العالَم؟!"
أجابَ الله:
- لا يا نوح.
الحكومة قد قامت بذلك.
عن موقع: Chez Maya
الترجمة عن الفرنسية (بتصرف): محمد عبد الجليل