PostPoems Be Artistic. Be Creative. Be Inspired!

الحلقة الحادية عشرة من دراسة نقدية في قصة تمرد الفرشاة للمهندس الشربيني

بقلم جمال السائح

ــــــــــــــــــــــــــــــــ

مراجعات في معاني الاحالات المكرورة

................................................................



العينان 2 مرة

يقترب من النافذة .. أغمض عينيه ثم فتحمها .. هز رأسه لا يصدق ما يراه .. عاود النظر كانت الستائر تتحرك ..أسرع إليها ..

فسقطت علي الأرض ألتقطها ورفع رأسه إلي اللوحة .. جحظت عيناه .. كان الشيطان يتراقص فوق اللوحة  ..



....................



شتان ما بين الاثنين

اغماض العينين

وجحوظهما

الاغماض ثم الفتح

معناه التعجب ومحاولة التأكد من حالة معينة

او مشهد وصورة ما

اما الجحوظ فيكتسب معنى الانبهار والعجب

او الخوف ايضا

ولكن الاندهاش يكاد يسيطر على مثل هذا المعنى

القاسم المشترك في الاثنين

هو الدهشة المحلقة في العينين

الاولى كانت لاجل ستائر تتحرك

والثانية لاجل شيطان كان يتحرك فوق اللوحة

كيف تعرف الى الشيطان

كيف عرفه انه شيطان

ثم

هل كان يحس بان الشيطان يتلبس ثوب امرأة

يعني يتزيا بشكل امرأة

ثم

هل كان الشيطان ومنذ البداية

يتحرك في الغرفة

ويحرك مشاهد الاحداث

بل يسيطر على اخراج كل لقطاتها

وتسليط اضوائها واللعب بانارتها

واكسسواراتها ومونولوجياتها

فضلا عن حوارات الشخصيات

والتداعيات

والاستحضارات

ما يثبت العجب لدى البطل

انه احس بشكل كان له ان التقطه من قبل

لذا

كان يعجب

لانه تعرف الى الشخص في اخر القصة

انه الشيطان

ان لم يكن يره

ومن قبل

وعرفه

فكيف له ان يعرفه في اليوم

او هل هو مجمل من الظن

وشكل من الحدس

لكن

القصة لا تحكي لنا مثل هذا

هل كان يعتقد بانه شيطان

ولم ير سوى نفسه ؟1

عندها علم ان الذي يرقص فوق اللوحة

ما كان الا الشيطان

هو وليس اخر

او حبيبته

حينما يعتقد بان حبها كان قد تلبسه

مثل الشيطان

ولما كانت اللوحة تعود لها

فكل ما يتراقص فوقها

لا بد وان يكون عائدا لها

متصلا بها

من قريب او بعيد



ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ



الابتسامة 2 مرة

دق بيده علي اللوحة .. قفزت ابتسامة ساخرة من مكمنها ..

قطب جبينه ..  ابتسامتها تتسع .. كانت صفراء ..



..................



لكن الابتسامة

ساخرة

وفي الثانية

صفراء

ودائما

ان ضمير المؤنث الغائب هذا

يتيح لنا ان نفهم تعاضدا مقروءا

بين دلالتين قويتين في التعبير

هما البطلة واللوحة

او الضمير من حيث دلالته على الثنتين

او احداهما

او نفس البطلة في حال تكثيف صيغة الترميزية

ولكن لماذا السخرية

حينما يدق على اللوحة

تقفز الابتسامة ساخرة

وحينما يقطب جبينه

تتسع ابتسامتها الصفراء

هل هي مناكدة

ام ملاحاة

ام مداهنة على حساب الموقف

ام توتر غير مشحون بظاهر الحال

ام هو الضمير الحالي

والاشارة الكامنة في داخل نفس البطل

ربما اثارت شعور بانتكاسة خائبة

يمنى بها الضمير الغائب

ولا يزال يجرجر ويلاتها الضمير الحاضر

ازمة الفنان

كانت ارتجاجة واعية

ما بين صرخة ضمير مغيب

وما بين صرخة ضمير محضّر

هل تغيب بالقوة

هل تم احضاره عنوة

لكنه يستوي لديه المآل

حين يبث وعيه خارج اصول التفكير لديه

لانه يقطب الجبين

ويدق اللوحة

وهي تحركات عادية في البدء

لكنها تتخذ لها مسارات لا تفرزها الاحداث

ولا تشير اليها ولا حتى الاضداد في مشاهد القصة

ولا حتى في مظانها الموضوعية

او التقاطاتها التشعبية مع نفس الحدث

وبكل توليفاته وتسيّباته غير المنطوقة

بل الاثر المنعكس

لا يزال القارئ يفتش عنه بكل قسوة

لان كلاما ما بين السطور

له ان يسّاقط

رغم البطل

كما لو كان الصراع بين الضمائر

يوحي باهمية تغييب منطقية المحذوف

كي يتم الاستدلال على ثيمات الحدث

وبكل تراجيدية متعارف عليها

في حكايا الحب

ومأساة الضمير المتوالد مع الرمز

يعني وبشكل متزامن هادف



ـــــــــــــــــــــــــــــــــــ



الخطوط  2  مرة  

ألقى بفرشاة الألوان جانبا .. لم تعجبه الرتوش وخطوط اللوحة التي رسمها ..

غمس الفرشاة في باليته الألوان وراح يرسم خطوط جديدة وقد تضاربت أفكاره



.................................................................



الخطوط في اللوحة

هل توحي بان اللوحة لامرأة

لها

لحبيبته

ام انها تعبر عن الفن الحديث

المتشاكل والمتجانس

في اشكال وهيئات مختلفة

لا يفهم منها الانسان العادي شيئا

الا مختصا فنيا

يمكن ان يتكهن

لا ان يحقق كل غايات نفس الرسام

ثم

كل القرائن تدلل على ان اللوحة

لها

لامرأة

لحبيبة

لبطلة

تعيش الحب معه

وتركت شيئا منها في غرفته

لديه

امامه

هي لوحته

لكن الخطوط

هل تعرض له

هل يضيف للوحة خطوطا غيرها

لماذا

هل تحتاج حبيبته الى خطط اخرى

هل يثير خيوط العنكبوت في بيت الحبيبة

وانطلاقا من اثارته لمثلها فوق لوحته

يعني

هل يحرك الاحداث

والاشخاص

ومن لوحته

من جهاز السيطرة فوق لوحته

فرشاته

لكن فرشاته الاخرى

هي كذلك

تتمثل دور الحبيبة

دور العناد الشخصي

والتحامل الضمائري

لكن

الفن الحديث

هل يعطينا مفادا

اوله ان الحبيب يستنطق جماليات الحدث

وفق تصور متداخل

لا تفهمه ربما نفس الحبيبة

وربما لاجل ذلك

كانت تسخر منه الاقدار

انه يعبر عن فن

لا يمكن الا السخرية منه

لانه غير قابل للفهم

هل كانت تنظر اليه حبيبته

مثلما ينظر اليه الناس العاديون

هل كانت الاقدار ولما تزل

تتندر عليه

هل كان كل سخطه

عنوان ردة فعل تجاه كل ما احاطه

في هذا المجتمع

وكان اقربهم اليه حبيبته

فصب جام غضبته عليها

وحدها

وترك فصيلا من الفضوليات المترامزة

تهجم عليه

ومن حيث يدري

ولا يدري

مثل الشيطان

الريح

الستائر

الاشياء غير المفهومة

السقوط

التوجسات

زوج الحبيبة

ولكن

الفن الحديث

اما كان بوسعه ان يحل شيئا من معضلاته

الم يتوصل هذا الفن الى حل مشاكل صاحبه

فكيف يمكن ان يعبر عنه

بمثل هذا الاسم

او

هل انه حاول ان يرسمها

بشكل انطباعي

او تشكيلي

ما قصد منه سوى وجهها

او هي بالكلية

رغم ان الكاتب الاستاذ الشربيني المهندس

ابقى على مكنون اللوحة السري

كما لو كان رمزا لا يتم تفعيله ابدا

الا حين تخمين كافة الصور

تجاه فهم معانيه

ولكن الحداثة

التي لا تطال صاحبها

وبالضرورة ومن الحق

فانها سوف لا تنفع صاحبها

حتى لو جسدها في اعماله كاملة

فهل كانت السخرية جانبية

تظلل القسم الجواني منه

يعني تصدر من هناك

لانه مطلع على حقيقة نفسه

فهل يسخر هو من نفسه

حين يرسم اشياء هو في الاصل

لا يؤمن بها بتاتا

لكن

القرائن

لا تحدث بالتصعيد

لمثل هذه الوتيرة من التثنّيات في الشعور



ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ



ورقة التوت 2 مرة  

توقفت الفرشاة في يده.. ـ كيف سيكون لون ورقة التوت ..؟

أسرع يغمس الفرشاة في اللون الأبيض لتغيرها .. يكفي أن يكون لون ورقة التوت أحمر



............................



احتملنا لورقة التوت عدة ثيمات ودلالات

لكن ما اتوصل اليه اخيرا

هي انها ورقة العمر

او ورقة الحظ كما اراد لها البطل ان تكون في النهاية

مثل مخرج او كاتب

حار بابطاله واحداث قصته

فنسف الاحداث نهائيا بقتل الابطال

هنا ايضا

فالبطل يعاني من ازمة عدم الخضوع الى قرار

عدم التمثل بمصدر ينتمي اليه

يمكنه ان يقرر بالنيابة عنه

يمكنه ومن خلاله ان يتخذ تصميمه

وبمعزل عن وحيه الداخلي المضطرب

والذي لا يرقى الى مجابهة الواقع الخارجي

او تحدياته المعاصرة

انه يعاني اشواك الصراع برمتها

لا يعي لغة الحداثة

مع انه ينتمي الى المحدثين

في النهاية

يتبين انه وان كان من رعيل التجربة الاول

ومن الدعاة الى الفنية والخلق

لكنه ما زال يتقوقع داخل الانا

الانا التي تلازمه منذ وعا قضية الامساك بالفرشاة

لانه تأكد لديه

ان نفس فنيته

بحاجة الى استدراج من نوع اخر

بحاجة الى تحديث

لكنه حين يود المشاركة في حركة الزمن الجديد

نراه لا يعمل ايجابيته في التخطيط لها

بل لانه يشعر الانعزالية

فيعزز قدراته في اتجاه غير مدروس

وهذا ما يمكنه ان يحصل

لكثير من رعايا النظريات الفنية والاجتماعية

وحتى الادبية منها

حينما يجدون ان المجتمع وبعظمته

لا يتسع لهم

لا يتسع لافكارهم

لانها لم تعد تناسب تطلعاتهم انفسهم

قبل ان تناسب تطلعات الاخرين من حولهم

لانهم باتوا يشككون في نفس مواهبهم

يعني في قرارة انفسهم

يعترفون بمثل هذا الضعف

لذا حين يبتكرون

نجد ان ابتكارهم غير معقول

واقل شيء من النقد يمكن ان يتجه اليهم

ان هذا المخطط لا يتناسب مع افكار اليوم

وانه يتناسب مع عهود ذهبت

او انه شيء من انطباعيات جديد

لا يكاد يفهمه حتى من خطط له ورسم

يواجهنا الكاتب بازمة راهنة

هي ازمة التخلي عن الفكرة

والوقوف بمعزل عن التيار

ريثما يطالع اهل الفكرة انفسهم

نفس الفكرة كيف لها ان تندثر وتتلاشى

وهم يرون الى كل ارثهم الثقافي

كيف له ان يتبخر

كما لو كانت كل تجاربهم عبثا

وكانت ايامهم السالفة سرابا ووهما

معضلة الفكر

حين يجد نفسه داخل غرفة

لا يكاد يشتغل في خارجها

يعني يراوح في نفسية خالقه

داخل نفسية البطل ليس الا

لانه لم يستطع ان يقنع حبيبته

لم يستطع ان يقنع زوجها

لم يستطع ان يتخلى عن قعوده في جوانيته

في داخل غرفته

فلم يعالج ازمة مجتمعية

سيما وانها تتصل به اتصالا وثيقا

لا رجعة عنها الا اليها نفسها

او الى نفس الشخص

وهنا ستكون طعنة اكيدة وفي الصميم

لان السهم حين يرد الى نفس الرامي

تكون المصيبة اعظم

فهو يرى الحل

في نهايته

والافراج عن كل رهائنه النفسية من الاشلاء والتوجسات

وتعرية الداخل

كي يتنفس واقعه المأزوم

وداخله المحبوس

أملا

له ان يعيش حتى ولو للحظات

لكنه اراد حرية الفكرة

اخيرا

كان له ان يتطلع الى وجهه الحقيقي

والصورة البشعة التي كانت تتخفى وراء اعماله

او نظريته

او مجتمعه

الذي ناضل من اجل اختزال فكرته في لوحة

لان الشيطان كان له ان يتراقص وفي النهاية فوقها

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــ



مع تحيات جمال السائح

Almawed2003@yahoo.com

www.postpoems.com/members/jamalalsaieh



2006-05-29