اشتهيتك صغيرا ..
انت والاخر .. وهو !
رواية قصيرة
بقلم جمال السائح
(1)
قالت لي
اشتهيتك
لذا ادعوك الى بيتي
كلما وددت الرحيل عن بلادك
ولا تنزل الا في مدينتي
عندها
سادعوك الى بيتي
(2)
قررت السفر
وعندما حطت الطائرة في مطار مدينتها
تحاشيت اللقاء بها
وكانت تنتظرني ثمت
لم اتجاهلها عن رغبة
لكني احببت ان افاجئها
وحينما قررت ان ابغتها من الخلف
بادرتني هي بالكلام
أعلم انك تكمن ورائي
لكني سوف لا ادعك تمكث كثيرا
(3)
ذهبنا معا الى بيتها
كانت تعيش لوحدها
مع صغيرها
المنشغل دوما بالعاب الحاسوب
نهض الي
ورحب بمقدمي
كان في الثالثة عشر من عمره
كنت انظر اليه
واشعر انه يمثل صباي
لا ادري لماذا
كنت ارى فيه نفسي
بعدها
انشغلت بها
وانشغلت بي
ريثما يهدأ اللعب في الحاسوب
(4)
مضت ايام
ونحن نقطن بيتها سوية
كان كل شيء على منواله ..
وفي كل يوم
الصغير ينشغل بالحاسوب
ونحن كلانا
ينشغل احدنا بالاخر
(5)
ذات ليلة
قالت لي
هل تعتقد ان سعيد يفهم ما يدور بيننا
كان سعيد هو نفس ابنها الصغير
قلت لها : ربما
قالت اني اشعر به يفهمنا اكثر مما نفهم نحن انفسنا
قلت كيف
قالت
لو كان لي ان اقصي عنه الحاسوب
او اقصيه باصح تعبير عنه
فسيكون لنا وقتها ان نكتشف مدى دقته
وقدرته على الاستيعاب
قلت لها افعلي
قالت لا
الان وقت غير مناسب
متى ما رحلت عن البيت
سأفعل
وسامتحنه
قلت لها
وكيف لك ان تكتشفي مهارته ودقته في المراقبة
لاني ساكون وقتها غير موجود
بل غير مترائي امامه ولا بكل اسبابي
قالت
لا عليك
ساتدبر الامر
واخبرك فيما بعد
(6)
في اثناء وداعي لهما
كنت لا اشك وللمرة الاخرى
اني ارى صباي في هذا الصغير
ارى ايامي التي انصرمت
كنت احدق فيه
كما لو كنت احدق في نفسي
وهي تعيش ايامها فيما مضى
قبلتهما
ورحلت
(7)
بعد ايام
تلقيت منها رسالة
تطلب مني المجئ ثانية
وتحت شيء عجيب من الالحاح
ساءلتها
ما الذي جرى
او حدث ؟
قالت ساخبرك فيما بعد
اذعنت لها
وواعدتها ثلاثين ساعة
ريثما انتهي من تدبر بعض شؤوني
( 8 )
حينما دخلت على البيت من جديد
لم ار الحاسوب
بل رايت الصغير
يعالج روموت التلفاز
نظر الي
ابتسم
ومد لي يده من دون ان ينهض من فوق اريكته
ثم قبلت امرأته
عفوا اقصد امه
امامه
3 قبلات
نظر الي وقتها
كما لو كنت انظر الى نفسي
يعني
حين توجه الي ببصره
كنت اشعر اني نفسي انظر الى نفسي
مثلما تفعل معي المرآة
حينما اتطلع اليها وبالكامل
(9)
لم تحدثه اجفانه بالنوم ابدا
لم ينم صغيرها
ظل متسامرا
نتحادث ونضحك
ونشاهد التلفاز
وناكل ونشرب
ونمزح ونحكي قصصا وتساؤلات
فجأة
طلب من امه
يعني من صديقتي
ان تصطحبه الى غرفة النوم
لحظتها التفتت الي
وقالت
تصبح على خير
حان وقت نومنا
لك ان تساهر التلفاز
وان تتصرف كما لو كنت في بيتك
نعم .. في بيتك
استغربت الامر
ولم اعلق
(10)
ثم اخلدت انا الاخر الى النوم
ولم اشعر بكوابيس تؤرقني
بل حلمت بايام صباي
واسعد لحظات طفولتي
التي كنت نسيتها
لكن تلك الليلة
اعادتني وباحلامها الى الوراء
ربما الشيء الكثير
(11)
وفي الصباح
عجبت من نفسي وخيلائها
كيف لاحلام الامس ان تشهدني اياما منسية
وكيف لها ان تعيدني الى لحظات خالية
كنت قد استيقظت قبلهما
وتوسطت المكان بالجلوس في وسط الصالة
نفسها في ليلة الامس
اشاهد التلفاز
وبرامج الصباح
او الليل
حسب تواقيت الفضائيات
انشغلت لبرهة من الوقت
وانا استمتع بمشاهدة برامج متنوعة
الى ان ..
(11)
انفتح باب غرفتها
غرفة نومها
حجرة نومهما اعني
وخرج هو عاريا تماما
ولحقته هي وراءه كذلك
كانا يفعلان
كما لو كنت غير موجود في البيت
كما لو كانا لوحدهما
اواه
اي امر احدث به
اقصد يفعلان ما يفعلان
كما لو كانا زوجين !
(12)
قصدا الحمام
رغم ان غرفتها كانت تشتمل على حمام
ربما استصغراها
لان الاخرى كانت اكبر
بقيا هناك مدة زمنية
ثم لما استأخرتهما
ابعدت عن رأسي كل التساؤلات المدهشة
والمثارات المحيرة
وانشغلت من جديد بالتلفاز
حينها شعرت بأكرة باب غرفتها تتحرك
مخلفة صوتا مشوب بالحذر
ثم رأيته يفتح من جديد
واذا بها تخرج منها
عجبت وتملتني الدهشة
كيف لها ان تفعل
الم تخرج وراءه قبل قليل
ومن ثم الى الحمام
كيف لها ان تعود من دون ان اراها
لكنها هذه المرة
كانت تكسو وجهها امارات النوم اكثر
كما لو انها استيقظت وللتو
(13)
قالت لي صباح الخير
اراك استيقظت مبكرا
لم اجبها
لان حيرة اشد كانت تتملكني
لكنها استطردت
ان سعيد ما يزال نائما
كم اصبح ودودا هذا الولد
بات لا يطيق فراقي او الابتعاد عني
حتى في اوقات النوم
اعذرني
لم تتمتع بليلتك في امس
كنت احاول تلبية مطالب سعيد
وارضيه
(14)
لم اطق الاحتمال
فلم اخبرها عما شاهدته
هل كان خيالا ام واقعا
ام اشياء توهمتها نفسي ليس الا
فساءلتها
ما الذي دعاك الى طلبي وتحت كل ذلك الالحاح
قالت
كنت اشتهيك
اشتهيتك اكثر من اي مرة
لم اطق احتمال ليلتي من دونك
نظرت اليها برغبة واندهاش
ثم عدت اتطلع الى مشهد جنسي في التلفاز
(15)
انا اعرف انك تتساءل
فان كنت اشتهيك
فلماذا لم ادعوك الى ليلتي
لكني كنت اخاف ان يكبر سعيد قبل الاوان
يعني ان يتحسس هذه الاشياء
ومن ثم يضجرني بطلباته الجنسية
وصديقاته
لكني حقا
اشعر بشهوة حاسمة تجاهك
لم يكن ليقلل من حدتها سوى تواجدك الى جانبي
لاني الان اشعر بارتياح
وان كنت لا ازل اشعر برغبة عارمة نحوك
لكني اخاف ان يتنبه صغيرنا هذه المرة
ولاكثر من ذي قبل
(16)
قالت صغيرنا
لم تقلها من قبل
ثم انها لم تكن تحتاط له كل هذه الحيطة
واليوم تفعل
قلت لها
سافعل معك الحب
حتى لو رآنا
ابتعدت
ونهرتني
قالت انه لا يقبل
يقول اني لا اود ان يشارك ابي احد بعد اليوم
(17)
فسارعتها في السؤال وانا لا اصدق
ابوه يقصد
قالت نعم
اخذ يفكر هكذا
قلت لها
رغم انك تطلقت من ابيه قبل سنين
وتخلى هو وبمشيته عن تربية صغيره
قالت نعم
لا ادري ما الذي دعاه الى هذا التفكير
ثم اني لما طلبت منك المجئ
لم اطلبه لاني اشتهيتك وحسب
بل لان سعيد اخذ يقول لي
اني وريث ابي
وليس لاحد غيري ان يرثه
حتى ولو كان حيا يرزق
لانه لا يقاربك
فليحسن ان اقوم أنا بدوره
طالما لم يعد يفكر بالعودة الينا
(18)
قلت لها
اذن هو يفهم اكثر مني ومنك
وما كان تشاغله بالحاسوب الا فرصة
قالت
انه لم يكتف بمثل هذا الكلام
لقد ذهب ابعد حين قال :
ساضرب حينها عصفورين بحجارة واحدة
ساثير حفيظة ابي وادعه يعود مضطرا
وانكل بغيرة صديقك الذي يعبدك ولا ادعه ينساك
وقتها ستضطرم النيران بين المتنافسين
ابي وصديقك
وتشتعل الحرب
لكني عندها ساكون منشغلا بك يا امي
بك وحسب !
لاني لحظتها سيكون لي ان استثمر نشوة اثنين معا
ابي وصديقك
واصبها في قدحك الفارغ من اي شراب !
(19)
سألتها وانا انظر اليها بتمعن
هل مارس معك الحب
لم ادعه
قالت لي
فقلت لها
واذن كان طالبك بفعله
قالت
كانت حركاته تعني شيئا من هذا القبيل
ولكن
حينما كنت اشتهيك
كنت الجأ اليه
حتى علمته فنون الحب
(20)
قمت مندهشا هذه المرة
التفت اليها
علمته فنون الحب
ولماذا انت
لماذا لم تجلبي له انثى تعلمه فنون الحب
ايصعب في اليوم ان تجدي فتاة تجهل معالم الجنس
قالت
ليس الامر كما ترى
ذلك ما احببت ان اطلعك عليه اكثر
لاني كلما كنت احس بغربة
وفجوة عاطفية
كنت احس بحاجة اليك
وقتها كنت اذا نظرت اليه
رايتك
صدقني
انت لا غير
وقتها كنت ادعوه الى الحب
لنمارسه معا
وكنت تلبي مطلبي
انت لا غير
كنت اراك فيه
يعني كنت اراه كما لو كنت اراك انت بالضبط
هذا كل ما في الموضوع
ولا تراجعني فيه
لاني انا الاخرى بت احار في امره
اكثر من اي وقت اخر !
وكفى ..
(21)
عدت اتساءل
هل باتت حبيبتي
ومن دون ان تقصد
تشتهيني وانا صغير
اكثر مني وانا كبيرا
ولماذا ؟ !
فهذا امر يدعو الى العجب ..
او ربما اشتهت حبيبها الاولي
وهو يمثل شيئا من رائحته
وطفولته
او انها ارادت ان تداوي جروحها
بالوقوف على حلول وسط
وهي تخاف ان انفصل يوما ما عنها
كما فعل معها صاحبها الاول
والرجال في اعين النساء سواسي في الكيد
فتعاني الاكتئاب والحرمان ثانية
وتعاني الامرّين من جديد !
لكن ولدها مهما بلغ به الامر
فهو سوف لا ينفصل عنها !
ولكن كيف لي ان اراه في مرات
يعني سعيد ابنها
كما لو كنت ابصر نفسي ايام زمان
صرت لا ادري ..
لا ادري حقا
(22)
ثم رحت اتذكر
قلت لها هذا
فاني وحينما كنت غائبا عنك
كانت احلامي كلها تصب في ايام طفولتي
اشياء كنت نسيتها تماما في اليقظة
احلامي كانت تذكرني بها بالتمام والكمال
وبكل تفاصيلها
واذا بي احدد لها ازمنة تلك الليالي
فاذا بها نفس تواقيت الغرام الذي دارت رحاه
بينها وبين ولدها
يعني في نفس تلك الليالي التي مارست الحب فيها مع صغيرها
كنت انا غارقا في احلام تؤرق في ذاكرتي كل ايام صباي الماضية
(23)
لكنها ومنذ الغد
اعادت اليه الحاسوب
ورجع يشتغل به من جديد
وصرنا انا وهي نشتغل بالحب ومن جديد ايضا
لكنه كان يعاود النظر الينا ويبسم
كلما قررنا اقتحام غرفة نوم ابيه
حتى اننا كنا نكتشفه في الصباح
وهو ممدد بيننا
ونحن ما زلنا نود ممارسة الحب
رغم غطيطنا
واستيقاظنا على حركات جسمه وتقلبه في اثناء النوم
وما كانت غادرت في وقتها
رائحة الجنس اثوابنا التي انجلت عن اجسادنا
والتي كنا نتحرك فوق الفراش من دونها
حتى كانت تصطدم اصابعنا بجسده النحيل
وقتها كنا نتنبه الى وجوده
ونستيقظ فزعين
ونحن نبصر اليه كيف ينازعنا المكان
حتى اعتدنا وفوده علينا كل ليلة
ومنامه بيننا
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
تمت الرواية القصيرة وبعون الله تعالى
مع تحيات جمال السائح
1 مايس من العام 2006
www.postpoems.com/members/jamalalsaieh