قراءة نقدية تعليقية لقصيدة الوطن لطوق الياسمين
من جمال السائح الى كافة الصديقات والاصدقاء
صباح الخير
عودتنا طوق الياسمين ان نعيش احساسا مرهفا للغاية
ان تصطحبنا في اجوائها المغامرة
المشحوذة بكل لون من الوان الطيف العشقي
سماؤها ليس لها افق يحدها
انما الكون يتسامى في احتضان منافيها الكلموية
هي ترصد اعماق الوهج الذي يطل على النفس
لكنها تستكين كلما خبا لون الحبيب في عينيها
حتى تلمس عينيه وتتركه يقبل فيها الحدقتين
حينما تنقلب الاعين سكنا
نعرف ان العمق التقريبي للانسان
كان قد استشرى في كل الاحايين والتضاريس
حتى لاح لنفس المرء
ان يتكور في صورة تذكارية
تحمل صخب المعنى ووئام الروح
حينما يكون له ان يستفيق في برج الحبيب
لكي يطل من خلال عينيه
فيرى ما يراه الحبيب
ولكن هل سيرى الحبيب غير حبيبته
واذن
تود طوق الياسمين بشكل واخر
ان تتطلع الى صورتها
الى نفسها
الى عينيها
ولكن من خلال وهج نور نفس الحبيب
هل تشك في عبوديته لها
هل تود ان ترى من يرى الى جانبها
هل تطمح ان تكتشف من يعشق من النساء غيرها
هل تفكر ان تغامر فترصد رؤاه غير الحسية
كي تلتقطها وتجانسها وفق شعاب الحس الغالب لديها
ام انها ستمنح الحبيب حريته
كي يشفق على نفسه
بعد ان يكون قد اسكن حبيبته ملء عينيه
وتركها تسرح وتمرح في ركامات ذاكرته
الماضوية والحاضروية
سعيا منها كي تعيش الدفء في كنف الحبيب
ولكن
هي تطالبه بذلك
حينما تجد منه انغلاق في القلب
هل تبحث اذن عن السبب
حينما تود سكنى الوهج من البصر لدى الحبيب
ام انها تؤثر العينين لانهما اعظم ما يؤثره الانسان
وافخم ما يحتفظ به الانسان
لذا فهي
تناشده ان يقيم لها موئل ندى وموطئ قدم في عينيه
كي تتداخل في مسامه
وتتغلغل في انفاسه
اذن
هي تعي التجربة
وتنتفض بوجدانيتها كي تحتفظ بحبيبها
لانها تشك في وجدانيته
وكلمة دعني
لا تتأتى الا بعد صدود
وكلمة لا تغلق لم تتأت جزافا
لان انغلاقا كان حدث قبلها
او توقع بمثله ان لم يحصل اليوم
فانه ربما يحصل نظيره في الغد
لذا هي تتوسم الحذر
وتتجلد كي لا تقع فريسة اجوبته الحاضرة
ولنفس السبب فهي تستبق الاحداث
ومن قبل ان يأتيها الحدث باجابة الحبيب غير المصبرة
ولكن الجلبة التي اثارتها جملتين في النص
لهما من الثقل ما لهما
وهما
> روحى سكنت جسدك
> فأحالت خريفى إلى ربيع
حينما تسكن الروح جسد اخر
يحدث نوع من التناسخ غير المنظور
لتحيل صورة انطباعية في عين تلك الروح المنسوخة
وليست في تلك الروح التي انتقلت اليها اقصد الناسخة
لكن صورة الشاعرة هنا
تطبع في ذهننا وحيا تراكيبيا غريبا للغاية
بجمالية اخاذة
تغمرنا بها كلما اوشكنا على الانتهاء من القصيدة
التي ليس لها سوى قلائل من الاسطر
الغزيرة بكل ملاحظاتها الدفينة في اوجاع النص
كأديم الثدي المتوجع نتيجة امتلائه باللبن
هي تراسلنا بنفس اخر
تزعم ان الروح المضيفة هي التي استنسخت وجعها
ونقلته الى انفاسها
لاجل ان تعيش وحي الروح الثانية
انتقلت بروحها لتسكن في اثير الروح الثانية
بينما الواقع الترميزي يفترض به ان يحكي العكس
لكن شاعرتنا تغير في السيمائية التي تغلب على نكتها لكل غيبة الحبيب
خاصة حينما يتلبسها الحبيب
بدل ان تتلبس الحبيب
بروحها وليس بروحه
لانها تقول
حينما سكنت روحي جسدك
فان روحي وبفعل تغيرها نتيجة هذه السكنى
كان فيها الخريف قد تحول الى ربيع
بدل ان يقول لها الحبيب مثل هذا الكلام
ويخاطبها بشبهه
وهل ان خريفها تحول الى ربيع بفعل السرعة في الزمن
فاصبحت لا تحس للزمن في حضن الحبيب اي مسافة
وصارت الساعات تمر مر السحاب الهطول تحت الريح القوية
للذة العمر التي لها ان تتصرمها بين اكنافه
ام انه فجاة انقلب خريفها الى ربيع بفعل التحول الجذري
والذي اغدقه عليها نفس الحبيب وبكل ثقل جسده
وانفاسه
واي ربيع
هل هو الربيع الاتي الذي ياتيها قبل الشتاء وذياك الخريف الذي قصدته
ام انه نفس الربيع الذي سبق نفس الخريف الذي قصدته والذي ليس له ان
ياتي الا قبل الصيف الذي سبق نفس خريفها في ذلك العام
الامر يختلف
فلو كان الربيع الماضي
فهو قد حقق احلامها الماضية
وتركها شابة تنعم برحيق شبابها الدائم والمتجدد
اما القادم
فهو الاخر له ان يحقق احلامها المستقبلية
وهي التي تشتمل على الاحلام الماضية
يضاف اليها احلام مستقبلية
لها ان تاتي في وقتها
يعني لو كان الامر يتعلق بالثاني
فسيكون مدهشا اكثر الادهاش
لانه بذلك سيحقق لها حلم الماضي فضلا عن احلامها المستقبلية
والتي لها ان تعيش المهد
او انها لم تولد بعد
يعني انها تعول عليه في حل كل قضاياها وازماتها
حتى تلك التي لم تباغتها بعد
او تفاجئها
هنا
وطنها
اي الوطن الذي تعول عليه اكثر
وهو عيني الحبيب
ولا شك ان روحها تتجانس مع روحه
وتقيم لوحة ايثار ونصب حب وود
حينما تتنازل عن حكومته
وتترك روحه تحكمها وتحكم روحها
وجسدها
بعد ان تستفيق على لذة الجسد لديه
حينما تشعر ان مثل هذا كله
له ان يرضي الحبيب
ويدفعه عن ملاحقة غيرها
حتى تنساب نظراته على جسدها
ومن ثم يحتضن عنفوان شوقها
عبر لمساته الحانية
هنا شيء من الانانية والتعقيد في شخصية الحبيب
حتى لو كان الوطن
فالوطن يجب ان يكون موئلا لنصب اثاث الوجع
وليس لاقامة تراثية وجع
واستعادة الامه
ان الوطن موطن نتحسس فيه الهدوء رغم الاعصار الخارجي
هو الذي يضمنا ويرعانا ويخاف علينا
ويكلأنا ويرحم بنا
لا ان يبتزنا كي يدفع لنا عربون حب وصداقة
الا ان الشاعرة
هنا ايضا
ابدعت
عبر توسلها باهداب الوطن والتمسك بتلابيبه
من خلال استفاقة الصورة المتراكبة لديها في عيني الوطن
عيني الحبيب
ام كلاهما
لتعبر عن ان دفء الوطن في عصرنا الحاضر
اصبح يستلب استلابا
ويتم التناور في سبيل اقتناصه والحصول عليه
كما المغامرة في المقامرة عليه
والتسابق للفوز بلون سلطته
او حتى دمعته
او الفور بورقته
اصبح الوطن في زمننا الحاضر
كالحبيب
كعيني الحبيب
التي يرى فيها الحبيبة
ومن خلالهما يقرر انه لها او لغيرها
لذا
تتوجع الشاعرة
بشكل غير حسي
وغير مباشر
مع احتواء قصيدتها الصغيرة لمشعات من الالفاظ والتراكيب التي تهدي
الى كل احساس واثارة ولون واخر
لانها تعيش في زمن
يندر ان نجد فيه مجسات
تعير الحب الصادق
لان الوطن كما لو كان باع نفسه للاشهى
وهي التي تقدم وتناضل له
ما يكون نصيبها من وطنها
من حبيبها
سوى لفظ بصر
له ان يحفل بها
او لا
هذا الوطن
وليد عصور حاضرة
او ماضية
الان تكشف لنا
مع توسلاتنا له
لكنه يأبى ان نحظى بسورة من احداقه
الا لقاء تنازلات
تناسخ وتنازل عن الروح
وبذل لها
وفداء
وتضيحة بنفس الروح
من دون اشارة لصاحبها
كما لو تاتي حكومة بعد تضحيات
لنجد ان الوطن صار لا يذكر سوى الحاكم
ويتناسى لون الشهداء ولون الدم الذي حفلت به اجسادهم
ويغضب لو ذكرت اسماؤهم ولا يذكر هو
تضحيات المرأة هنا عظيمة
هي مضحية للغاية
لكنها تحاول ان تقبض على تراب الوطن
عبر تسور احداقه
احداقه هنا سلطة الوطن
سلطة الحبيب التي يبصر بها
والتي يقرر من خلالها
فالعين حاسة تنتج قرارات متعددة
لا يمكن ان تصيب الا حين تتاكد من المحسوس
بفعل نفسها
او بفعل حواس اخرى
هنا غابت حواس المحبوبة
وبقيت في النهاية حواس الحبيب تعمل
عبر اللمس
وعبر اللمس تميز عظمة حبيبته
لانها كانت قد قدمت له من التضحيات ما قدمت
كثيرة هي مشاكلنا
حتى اذا ارسلنا بها الى الحاكم
لا تجد من يجيب عليها
لكن حينما تقدم نفسك اضحية له
تصبح حديث الساعة
وانت المغامر الموعود
وانت كل شيء
لانك وهبت كل شيء له
للحاكم
للحبيب
للعين
المبصرة وغير المبصرة الا بغيرها من الحواس
لهذا نجد كلماتها الاخيرة
تحكي تنازل الحبيب
لانه كان مرغما على التنازل
بعد ان قدمت له كل تلكم التنازلات
مزهر بأناملك الرقيقة
> تنساب نظراتك على جسدى
> وتحتضن عنفوان شوقى
مودتي واعتزازي بيراع طوق الياسمين
ومن ابداع الى اخر
جمال السائح
http://www.postpoems.com/members/jamalalsaieh/
--- In SyrianStoryFriends@yahoogroups.com, "nebal995"
wrote:
>
> وطنى هو عينيك
> دعنى أسكن هناك
> لاتغلق أبواب قلبك
> دعنى أتداخل فى مسامك ,فى أنفاسك
> روحى سكنت جسدك
> فأحالت خريفى إلى ربيع
> مزهر بأناملك الرقيقة
> تنساب نظراتك على جسدى
> وتحتضن عنفوان شوقى
> للمساتك الحانية