قراءة في رواية عجلة النار لكُليزار أنور

قراءة في رواية
عجلة النار لكليزار أنور
بقلم : ثورة الرزوق

لم تكن القصة العربية، و لكن الكردية ثقافيا ، بأفضل حال، مما هي عليه الآن. بعد سليم بركات مؤلف ( الجندب الحديدي )، ذكريات ابن شمدين الذي نفخ في البوق عاليا، ربما ليستدعي عناصر المكان إلى ذاكرة تأبى أن تتلاشى، و تعتمد على مفردات المعجم، و مفردات الطبيعة، و مداليل الذات، تبدأ كليزار أنور رحلتها المناقضة، التي تتألف من وعي راهن بالمكان وبالذات. إن لقاء المادي بالموضوعي ليس بالضرورة إسقاطا فلسفيا لمنطق ديالوجي، باللغة الباختينية. بل على العكس لقد شاءت كليزار أن تصنع مونولوجا موضعيا، مثل الصوت و صداه. و في هذه الحالة: الواقعي أو الحقيقي هو المصدر، أما ظلاله على جدران الوعي الشقي بصعوبة المرحلة، فهو صورته اللغوية، و قس على ذلك. لقد تباينت هذه الكاتبة مع أسلوبها و تقنيات المرحلة.
ويؤكد زعمي هذا حقيقتان، الأولى أنها لا تلتزم بخط واحد في التعبير أو الإنشاء أو الإنشاء الكلامي، و لكنها تستبدل الصدام الرومانسي مع عناصر الواقع البارد (في قصصها)، بالنزاع الواقعي مع المضمون الرومانسي الذي يحترق بين حطام المشاعر و الأخيلة و الثقافات (في روايتها عجلة النار إن مفهوم الإرادة اللغوية والرغبة الإيديولوجية التي حاولت أن تضرم الشعلة الزرقاء في أتون التاريخ (بدءا من تداعيات الصراع العسكري، ثم المغامرة السياسية في عالم يكره المغامرين)، قد استندت أيضا على عاطفة إثنولوجية (بمقدورك أن تعود إليها في مشهد دهوك، و لقاء روزين مع راغب العرب .و لكن أخيرا، دائما يخالجك الشك بمصدر هذه الصور التي غالبا ما تأتي من وراء ذاكرة حجاب، بالمدلول الفرويدي للمصطلح، هل هو الحوض المعرفي لثقافات ما بين الرافدين، أم أنه بقايا الرسالة الراهنة لبنية سياسية ذات آثار لا تمحي أعتقد أن الاعتماد على المونولوج يحسم المسألة. فهذه التقنية نرجسية بطابعها، ولها قيمة ذاتية. لذلك يبدو لك الخطاب السياسي (من حيث العناصر والمقومات) في جوهر التكوين المعرفي للعقل أو اللوغوس. إن الماكينة التي تهدر من وراء عجلة النار ليس موضوعها (المتشابك مع رؤية قومية للمكان ومقاربة وطنية للنفس) ولا هي تقنيتها (التي تتأسس على متوازيات في الضمائر، بين أنا مذكر وهي مؤنث، ومن غير أية إحالات جنسانية)، ولكنها الصيغة، وهذه عندي تعني البنية المفكر بها، أو رسالة الخطاب، على اعتبار أن لكل خطاب معنى، إذا عبرت عنه صوريا يصبح رسالة. وإن المفردات الأساسية في هذه الصيغة هي بين العبارات الاسمية التي لها هم وجودي صعد بعد الحرب العالمية الثانية (ح ع 2) مع سارتر و دي بوفوار، ثم وصل إلينا بعد نكسة حزيران. على يد هاني الراهب مؤلف المدينة الفاضلة و شرخ في تاريخ طويل، و سواه. من فوق هذا الحاجز تقفز ( عجلة النار) بجيادها، لتؤكد أن الموت و الهزيمة و الدمار و اليأس هي الغيبوبة الحقيقية (في عالم الإنسان)، و هي مقتل المدن التراجيدية (في الاستطرادات الجيوسياسية) كليزار أنور كاتبة معاصرة و لها جذور بعيدة تجدها في الحضارة و بداية التاريخ...

View gulizaranwar's Full Portfolio