قصة قصيرة....... كُليزار أنور
واحة السراب
كانَ الحب سفينتي في بحر الحياة، ونحتها _هي بالذات_ حمامة بيضاء في مقدمتها، تحمل غصن زيتونٍ أخضر. على الرغم من أنها زميلتي وفي مرحلتي الدراسية نفسها إلاّ أني كنتُ أراها بعيدة.. بعيدة.. وكأنها نجمة في السماء!
فتاة تلتزم الصمت دائماً، لا تتكلم إلاّ عندما تسألها.. وكلما هممتُ بالاقتراب منها أشعر وكأنَ آلافاً من الأجراس ذات الرنين الصافي تتحرك حولي فأعود أدراجي مؤجلاً ما أُريد قوله إلى مرةٍ أخرى. ما أصعب الصمت حينَ يكون الفم طافحاً بالكلام!
بدأت حياتي معها صعوداً سيزيفياً لجبلٍ شامخٍ اسمهُ (حبها)! أراها جميلة للغاية.. جمال متميز، هادئ، ناعم فيهِ الكثير من الكياسة والوقار.. قلبي لا يتمالك نفسه عن الابتسام والشعور بالرضا كلما نظرتُ إلى براءة ملامحها.. انطبعت صورتها في ذهني أكثر من غيرها ، ودامت.. فلم أجد العالم جميلاً إلاّ في عينيها!
عينان هادئتان من الصعب أن أقرأ فيهما أي شيء بخصوصي. ماذا يفيد؟! نظرتها إليّ تبدو بريئة، وأستطيع أن أجزم اني بالنسبة إليها ليسَ سوى زميل! فهي من النوع الذي لا يهتم بأحد. كنتُ أُشبهها بالقمر.. تتصرف بكبرياء.. تنظر إلى الناس من عليائها بهيبة وعذوبة.. وكلنا نحب القمر.. نكتبُ فيه الشعر ونؤلف عنهُ الكتب.. لكن، متى اهتم القمر بأحد!
دخلتُ قاعة المحاضرات، فوجدتُ الطلاب والطالبات يهنئونها.. اقتربت لأرى، ولأعرف السبب.. لم أسمع غير كلمة (مبارك) تتناقلها الشفاه.. كدموعٍ تتقاطر في مسامعي انسابت تلك الكلمة.. استوقفتني عيناها.. فابتسمت.. تقدمتُ منها ومددتُ يدي.. حاولتُ أن أكونَ متوازناً ، مشدود الأعصاب أمامها ، فقلت مع ابتسامةٍ صغيرة متزنة رسمتها بصعوبة على شفتيّ:
_ مبارك.
نطقتها بدون صوت! بكفي المرتجفة ضممتُ يدها التي مدتها لي.. وأدهشني ما كانَ فيها من دفء وبرودة في كفي!
كيفَ لي أن أُبارك لها؟! تصورت ما أنا فيه ليسَ إلاّ حلماً أو كابوساً سينتهي.. شعرتُ كأنَ شيئاً حاداً مزقَ دواخلي.. كنتُ صامتاً أصغي .. وقلبي يصرخ.. عندها انفرط العنقود من يدي، وكل الورود الزاهية ذبلت أمامي.. وتلاشى كل شيء في لحظةٍ واحدة ولم يخلف سوى قبضة رماد!
إذنْ، لقد رسمت طريق مصيرها.. ارتبطت. وصفتهُ بالعبقرية قبل أن أعرفهُ.. كيفَ استطاع أن يصطاد القمر؟! واكتشفت بعد أيام ان هذا العبقري هو (جاري) وانهُ كانَ مرتبطاً بها بعلاقةِ حبٍ دامت ثلاث سنوات. رغم ألمي فقد تقبلتُ الأمر واحترمت اختيارهما.. وأقنعتُ نفسي بأن سر البقاء يكمن بتحمل الإنسان الفشل بروح رياضية عالية.. فالحقيقة _دائماً_ قاسية، ومرة، وغير متوقعة لمن جُرحت أحاسيسهم.. حاولتُ أن أدفن شعوري كي أنساها.. وسجنتُ الحب في مساحةِ ماضٍ انتهى!
الشمس تحاول مغادرة الأُفق.. والمساء الرمادي تسرب إلى المكان محملاً بنسماته الباردة.. أظلمت الدنيا.. وأقبلَ الليل.. فاليوم انتقلت إلى حينا.. أصبحت جارتي.. أقسى ليلة عشتها هي ليلة زفافها..عيناي تغزلان الأُفق البعيد.. تبحث عن شيء لم يعد موجوداً.. الهواء يحرك الأشجار.. أسمع خشخشة الأوراق اليابسة.. بدأ النسيم يحركها.. فالخريف يحتضر منذ أيام.. ولادة الشتاء جاءت مبكرة هذا العام.. أنظر من خلال النافذة.. أُتابع تطاير بقايا الأوراق.. أحاطت بي برودة جافة بعثت فيّ شعوراً رهيباً من الألم.. ما لقلبي يبكي.. هل أمطرت الدنيا شجوناً؟!
تزوجتُ من امرأةٍ اختارتها أُمي.. قلت: ربما تستطيع غيرها أن تُنسيني حبها! زوجتي إنسانة طيبة.. استطاعت أن تدخل بيتي وحياتي.. إلاّ قلبي! وهي تعرف بحكايتي.. لكنها مطمئنة.. وليسَ مني.. بل من جارتها، التي لا تفكر بأحد سوى زوجها وبيتها!
بقي حبي لها عميقاً، مطلقاً، خالياً من كل آثار الأنانية. وهي بالنسبة إليّ كالشمس.. أستطيع أن أراها كل يوم.. لكن، من المستحيل أن ألمسها!
لي نظرية غريبة في الحب _ربما يخالفني البعض فيها_ لكني مقتنع تماماً بها ((ان الحب الحقيقي هو الذي يعيش في قلوبنا لا الحب الذي يعيش في قلوب غيرنا)).
أتأمل كل مساء منزلها.. أعرف حتى عدد المصابيح التي تُضيء شرفاتها.. ولا أتوانى عن مساعدتها متى احتاجت ودونَ أن تطلب مني.. أُحب أطفالها كأطفالي.. وأُحاول _قدر الإمكان_ أن أكونَ معها في كل شيء.. وتتصور ما أفعلهُ وفاءً مني لسنيّ الدراسة!
مجرد ابتسامتها البسيطة (ابتسامة جارة) التي تمنحني إياها كلما التقينا مصادفةً، أراها كافية لتبقيني على قيد الحياة!
www.postpoems.com/members/gulizaranwar
here is afzal shauq ... a poet from afghan region and my poetry has translated whole in english... i love your poems and good ideas and you did very well..be in touch and see my poems too in postpoems and comment
yours
afzal shauq
afzalshauq@yahoo.com