عزف منفرد
قصة: طارق البكري
"من المؤسف أن تحاور من يظن نفسه عالماً في مضماره عميقاً في مجاله، وتكتشف فيما بعد عكس ما يقول، والذي يؤسف له أكثر أن تحاول مجموعة من الناس لا تفقه عن الفن شيئاً العزف في جوقة واحدة ومن ثم اقناعك بأن عزف الجوقة يضاهي عزف جوقات بيتهوفن وموزارت وزياد الرحباني.. ، مع أن هذا العزف نشاز في نشاز."
هذا ما كان يردده دائما أمام أصدقائه وخصومه، ومن المؤكد أن الأخيرين كانوا أكثر من الأولين، ومع ذلك لم يكن يعبأ بهؤلاء ولا بهؤلاء..
حواره لا يخلو من طرافة، لا يتردد عن التصريح بما يختلج صدره وما يريد طالما يعتقد بصوابية الرأي، مع أن الآخرين طبعاً كانوا هم أيضاً معتقدين بصوابية آرائهم, ولكنه بلا سلطة وهم سلطويو الطبع سليطو اللسان، أيديهم واصلة، وكان لا يهتم بغير القول والحجج وإن لم تكن مقنعة، لأن الحكم عليه قد صدر ولم يلاق من ينجده سوى قله من المبصرين لا حول لها ولا قوة.
كان يسكن مدينة مكتظة، الناس فيها يبحثون عن حياة، كان واحداً منهم، حتى اصطدم بسلطويتهم، فصدمهم، و"ماذا تفعل سيارات سياحية أمام مدرعات ثقيلة؟".
مضى من أمامهم: " الحكمة في التراجع".
على ضفة أخرى من العالم صدف مثلهم، وعلى ضفة أخرى تراءت له أسرابهم، وعلى ثالثة وسابعة....
تقمص شبابه وتنكر، قرر وضع قناع على وجهه، صفق له الأولون والآخرون، كاد التصفيق يخرق أعماق أذنيه،، تنحى جانباً ونزع القناع ليمسح وجهه، لمحته مرآة على حائط يقابله، لم يعرف هذا الوجة المرئي، كان الوجه قناعاً آخر، تذكر كل العازفين النشاز، قرر الانتساب لكل جوقات النشاذ في العالم، بعث أوراقه الرسمية، المعترف بها وغير المعترف بها، الى كل سفارات العالم، كانت أبواب العالم مصقولة أمامه لكنها موصدة.
عاد باحثا عن قناع جديد مناسب، كانت كل الأقنعة قد نفدت، وباتت أشكالها معروفة.
اعترف بخسارة المعركة، قرر الانسحاب منها.
لم يصدق أحد أنه اعتزل، تسللوا اليه في ليل بهيم، حشروا أنفه داخل قطعة خشبية، خيطوا قطعة أخرى طويلة على كتفيه محمولة بالعرض، حلقوا شعر رأسه..... "ليكن عبرة لمن يعتبر".
لم يخرج بعد ذلك من بيته، الباب ضيق فكيف يخرج منه من "يحمل السلم بالعرض"؟
خطط للنزول من نافذة عريضة تطل على الشارع الرئيسي..
في اليوم التالي نشر خبر:
مختل عقلياً ينتحر....
عالم عجيب..
لم يجد المحقق دليلاً على جريمة، لم يسأل عن سبب السقوط ولا عن القطعة الخشبية..
شيء لا يعنيه، هكذا هم "معظم الناس يهملون من لا يُسأل عنه!" أو بالأصح من لا يجد له قوة تسانده..!
ألم تنشر الصحافة قبل فترة وجيزة خبر اختفاء شخص تحت تراب خفيف لمدة أيام طويلة دون أن تكلف الشرطة نفسها عناء البحث عنه ودون أن يسمحوا لأسرته بالبحث عنه...؟ والمكان معروف والزمان المعروف والمفقود معروف؟!
حملوه وفي التراب دسوه ثم عادوا يحتفلون!
فرح كثيرون بموته، لقد كان مزعجاً، و"ما أكثر المزعجين، حبذا لو يموتون جميعهم".
ما أغربها من أمنية..
"حتى عندما يتزيون بزي الفضلاء ينسون غسل أثوابهم الملطخة بالدنس"..
كانت كلمة من كلمات خطها على حائط غرفته الصغيرة..
قال بعض جيرانه: " ضيع نفسه"، قال آخر: "مجنون وانتهى"، قال ثالث: "عاطل"....
ما أغربها من أحكام.. لقد كان يعزف منفرداً...
well what can i say about such a powerful ironic piece of work. people should always criticize the disadvantages in life through art and u r a good example though i didn't get ur piont of view exactly but the meaning behind it hit the target every one in this world is playing solo while we ought to stik together to overcome this hard times of corruption we r against hope u'll go on in this road
thankx ..... carty girl