قصة قصيرة جدا جدا
طارق البكري
"أخرجوا لا تقاوموا"
قالها الجندي بعربية مكسرة مدمرة
اشتدت صيحاته وزمجراته.. تفاءل الجنود: "أخيرا وجدنا ما نبحث عنه"
خلعوا الأبواب.. وجدوا أكوام الأطفال تحيط بشيء ما..والأم تتصدى لهم بصدرها..
ضربوها بكعاب البنادق
رفسوا الصغار بأحذيتهم العسكرية..
وبعدما فكوا الحصار ومزقوا عباءة الأم.. اكتشفوا ما يبحثون عنه..
رضيعا ملفوفا بخرقة بالية..
وللأسف لم ينشروا هذا الاكتشاف في الـ"سيء دم دم"
يناير 2004
أخي الغالي د. طارق
أشكر لك تعليقك الانفعالي وأستطيع أن أقدّر حجم ما تصوّره لكم وسائل الإعلام، والطغمة المدعومة من أمريكا وفرنسا و (إسرائيل) التي تضعنا نحن الأخوة العرب في موقع الأعداء.!؟ فهل هذا ما تريد أن تتحدث عنه.؟
يا صديقي دعنا نتذكّر معاً بأننا كوجبة من المثقفين حاربنا وما زلنا نحارب سيئا الذكر سايكس وبيكو.. أم ترانا نسيناهما.؟
الآن في المشهد من هو أكثر منهما شراسة وقدرة على التقطيع، ومتى صرنا فتاتاً كيف يمكن أن يتصوّر لك الحال.؟
أنت تعلم من هو المستفيد دائماً من حالة تشرذمنا، وتعلم أيضاً بأن لبنان كلن مستهدفاً دائماً من جهات كثيرة، وكان دائماً بوّابة لاستهداف سورية، من هنا أقول بأن الحال أكبر من مساءلة من قال ومن اتهم ومن هدد.. وعندي أيضاً أمثلة أكثر عما قيل ويقال في لبنان بما يخرج حتى عن مأدبة الأخلاق ويقع في مرتبة الخيانة.؟
لبنان بلد عربي نعتز به وهو في نسيج واحد مع سورية فهل يرضيك الحال الآن.؟
لو نزلت إلى شوارع بيروت ومدن وقرى لبنان وتلمّست معاناة البسطاء من جراء تلك القطيعة لأدركت يا صديقي بأن الأمر أكبر من أي كلمة تؤجج نار حقد أو ضغينة.
أتحدث عن مشروعنا الثقافي يا أخي، فهل حقاً أنا أهدد أمن لبنان القومي حتى أقع في المنع والحظر.؟
وهل سفراء وجنرالات وجواسيس وعملاء الأعداء "بكل ما تحمل هذه الكلمة من معنى" لهم في لبنان أكثر مما لي ولك.؟
أما عن تلفزيون العالم.. أنا لم أسمع منه مثلاً بأنهم مقبلون على إعدامي.؟ أو ترحيلي إلى غابات أستراليا.؟ أو إلغاء هويتي ومعتقدي.؟
لا أدافع عن تلفزيون العالم لكنني أقيم خيط عدل ليس أكثر
أخيراً صديقي.. أستطيع أن أتفهّم مشاعرك، ولكنني أناشد فيك النبض القومي، فهل من المعقول أن أتنكّر لمساحة من أرض بلدي وألغيها من خارطتي فقط كي أفتح جبهة مسعورة على بلد أخ لي.؟
وهل من المعقول أن أتنكّر للمقاومة في جنوب لبنان وهي التي وضعت نجمة عزّ على جبين الأمّة كلها.؟
وهل أضع قادة في وطني هم أنفسهم من غاصوا في دمي.؟
الأمر أكبر بكثير يا أخي من حالات فردية سببت بعض ألم وبعض معاناة وهذه حقيقة لا أنكرها.. لكنّه الوطن يا صديقي.. والأمّة، والهويّة.. إنها ببساطة في أن نكون أو لا نكون
تحياتي
ع.ك