بعثرة الأسئلة الملونة في ديوان "مؤقتاً تحت غيمة/ خلود س





بعثرة الاسئلة الملونة / خلود سفر جريده الوطن        






















"بعثرة الأسئلة الملونة في ديوان "مؤقتاً تحت غيمة/ خلود سفر









  

بعثرة الأسئلة الملونة في ديوان "مؤقتاً تحت غيمة"





خلود سفر الحارثي*

"مؤقتاً... تحت غيمة".... مجموعة للشاعر محمد خضر الغامدي صادرة عن دار أزمنة للنشر والتوزيع في عمان.

يضعنا الشاعر في مواجهة الوقت منذ البداية وعلى الغلاف ومن خلال العنوان، الوقت هنا لا يمتد ولا يعرف متى ينتهي "مؤقتاً" فقط.

وعلى القارئ أن يقتنص هذا المؤقت وخاصة أنه تحت غيمة.

أية غيمة؟... الشاعر هنا يغري القارئ بالغيمة كرمز لمطر ربما هطل وربما عبرت الغيمة ولم تفصح.

ولستَ تدري من الذي تحت الغيمة بالضبط هل هو الشاعر أم النص أم القارئ أم الجميع؟، ومن الذي سيحدد هذا الزمن المؤقت هل هو الكائن تحت الغيمة أم هي الغيمة السائرة ؟. وهنا يدخلنا الشاعر في إشكالية الزمان والمكان.

بكل هذه الأسئلة يواجهك غلاف المجموعة ببياض يتوسطه شكل إنسان مكون من أرض وسماء مختصراً للطبيعة في الإنسان وهي من تصميم الفنان "إلياس فركوخ".

والمجموعة تتكون من ستة عشر نصاً أولها لم يعنون - و ذلك إمعاناً من الشاعر في مخالفة النمطي والسائد- إلا في الفهرس وقد عنون بعنوان المجموعة.

وهو كنص افتتاحي يخبرنا بـ"في جيبي قصائد لا تفيق "ص5، ليكمل بعثرة الأسئلة، فالقصائد في جيبه أي هو مالكها وهي تحت تصرفه لكنها لا تفيق فما معنى ألا تفيق القصائد وما معنى أن تفيق؟.

ويتعلق الشاعر بالطبيعة كثيرا فيقول:"أحب الجبال...هذه التضاريس خبز وماء ص5/مرة تسلقت شجرة، مرة تسلقتني شجرة ص9 "وأحياناً يتحدث عن تماهي الطبيعة ببعضها:"مرت الريح ببحر هائج سألته الصمت حتى تحتويه ص64/ هذا الصباح البكر أهدى الشمس برتقالة ص 61".

ويدخل الشاعر منطقة الحياة اليومية فيعبر عما يمر بها من الحديث عن الطقس إلى الحديث الفلسفي عن الوجودية:"مرة ونحن نتكلم عن حالة الطقس والوجودية، سقطت ثلوج حكيمة "ص18، وعن حوار الحضارات: "نبحر في المد والجزر نبدأ حوار الحضارات "ص41، وعن العولمة:"التوحد الالتحام المبارك بالدم والزيت والبخور مرادنا الجديد "ص41، والحضارة والقبيلة:"وحضارتنا المسحوقة برائحة القبيلة "ص1 ويتطرق للقضايا القومية:"...غضب عارم خلف كل حجر، سنعد ما نستطيع، من رباط الخيل، والخطب العصماء، واللاء الخجولة، ثم نمضي لتحرير أنفسنا، من "فوبيا" الآخر، والانقياد للمرعى "ص21.

والعنصرية:"مر زمن بعيد، قبل أن نرى الصبي الأسود، يمر من هنا، منذ أن مر مبتسماً، فأضاء في دواخلنا، أسئلة الألوان، وبشاعة الأشخاص الملتفين بالبياض "ص64.

ويرى الشاعر المرأة ندا للطبيعة:"يقولون ماؤهن سر الحياة....يمتزجن بالرمل، يغشاهن منه شيء ص50 / يا أيها الضوء الذي يأتي على شكل امرأة... ص48 ".

وتلمح لديه هاجس الفناء والبقاء:"قالت:هل بدأت القصيدة؟ قلت لن أبدأ شيئاً يفنى ص10 / أن أزرع الآن، مملكة جديدة،...،...سأبدأ... وحبري قليل ص26/ هل مارست التسكع، لكتابة نص لا يموت ص61".

وهو دائم البحث عن خيار آخر:"لنرحل خلف التخوم، التي لم ينلها أحد، لنبحث عن توتة ناضجة، وصراط حميد "ص41.

أما اللغة فهي لديه ليست مجرد كلمات بل فعل خلود:"هل مارست التسكع، لكتابة نص لا يموت ص61 "، وتتناص لغته مع القرآن الكريم كثيراً:"رباط الخيل ص21/لا تذروها الرياح ص38 /ثمارك دانية /سدرة منتهى الكلام ص46 /آنية من فضة ص51".

وللشاعر مع الضمائر لعبة مثيرة فهو يجمع ويفرد في التفات متقن فانظر له حين يقول:"اليوم قطفنا خلاصة الحياة، تذوقتها برأس لساني، كانت الأرض قد رضيت عني "ص59، وانظر إليه وهو يقدم التضحية على الشجاعة حين تكلم عن العدو:"حلفت لن أكتب عنك شيئاً إلا بدمي أو بدمك "ص95.

ويدخل في حروف شعره ألفاظا غير تقليدية في الشعر مثل:"فوبيا /كلورفيل /جينفر لوبيز /الموناليزا / بيكاسو ".

إن أول شيء تفعله عندما تنتهي من قراءة نص من هذه المجموعة هو إعادة قراءته مرة ثانية وربما ثالثة لتتأمل تلك الأسئلة الملونة التي يبعثرها النص بين يديك.



* ناقدة سعودية







2004




















View alghamdi's Full Portfolio