حوار أجراه (عبد الحسين بريسم) لجريدة الصباح العراقية

حوار أجراه (عبد الحسين بريسم) لجريدة الصباح العراقية

• من هو محمد الأحمد؟

• عراقي أغترب طويلا داخل وطنه، وخاصة بين أهله وذويه... عصفت به حروب العراق، وخلفتهُ الأحلام المرتجلة على الورق كاتباً متواصلاً مع أجيالٍ شهدها المشهد الثقافي العراقي، ولكن دون أن ينصفه المصنف الجيلي، فهناك من يصنف الأجيال وفق أول نشر في مجلة مختصة، وكنت قد نشرت قصة "عندما يعود الصيف" عام 1978م في مجلة الطليعة الأدبية، وربما مصنف آخر يعتمد مقياس الظهور على الساحة الأدبية في الأمسيات و الاصبوحات الثقافية وفي بقية مرافق الثقافة كالمهرجانات والاحتفاليات وما أكثرها، فكنت احضر أغلبها دون أية دعوة من أحد، فلم تتخذ الطابع الرسمي، وآخر يقول بأنه قد قرأ لي شيئاً مهما في السنة العلانية، أو حسب السنة التي ظهر فيها نقدا حول احد كتبي.. المهم باني كنت اكتب القصة القصيرة وأزاحم بها كل الصحف المختصة، وكنت أيضاً اكتب عن اغلب الكتب التي تثيرني وما أكثرها.. كنت الكاتب الذي استسهل النشر في الصحف العربية لأنها تبحث عمن لا تعطيه، وصرت اسماً كأني أتيت من الفضاء الخارجي فعرفتني الصحف المحلية، وصرت اكتب لها قراءة بعد قراءة في الكتب التي ابتهج بها واقترحها على من يحب القراءة.

• أنت خارج –الأجيال- فكيف ترى قضية التجييّل؟.

• نحنُ من عراق واحد عصفت به رياح التغيرات المصيرية، وصادرت منه العمر والحساب الزمني لأية سنة من سنوات عمره، فانا قد اسمي جيلي بأسماء الكوارث الساحقة الماحقة التي أهلكته وخلفته عصفا مأكولا لا يدري من أين تؤكل (الباذنجانة)..وأنا هنا لست ساخرا إن قلت بان (الباذنجانة) تصلح أن تكون اسم جيل عراقي خاض حرب الخليج الأولى (القادسية المجيدة) وكانت فاكهته الدائمة الحضور في معظم وجباته.. أو جيل (البطاطا) لكونها حضرت بكثافة أثناء حرب الخليج الثانية (أم المعارك الخالدة).. لا أؤمن أبدا بهذه التجيّلات آنفة الذكر، أؤمن فقط بان انجازك هو هويتك التي تفخر بك قبل أن تفخر بها.  

• أنت غزير الإنتاج... متى تقرأ؟

• أنت غزير .. تقول؛ بمعنى باني متفاعل مع الثقافة، ودائما أعطيها جديدا، ولا اعني جيدا. فالجديد ليس بالضرورة أن يكون غنيا بالجودة. أما الشطر الثاني من السؤال؛ فاكشف لك باني تعودت على القراءة مبكرا، يومها استدللت على مكتبة المدرسة الابتدائية وقد عرفت فيها الكثير من القصص والروايات التي كانت بين أيدي معلمين فذّين صارمين حرصوا معي بكل إخلاص على أن أتدرج بالكتب وفق إشرافهم الأبوي العظيم، وقد وجدت في ما بعد بان كل مرحلة دراسية أصلها كتبها، الهائلة التي محورت شخصي لأجل أن أكون قارئا لا همّ له سوى القراءة. فالمراهقة ارتبطت بقصص البوليسية المشوقة، وبعدها قصص العاطفة فكم من قصة كنت أنا بطلها وابكي بكاء إبطالها ومن ثم حطت يدي على القصص العربية البليغة التي نهمت منها ثرائها اللغوي قبل أن أفكر من يكون كاتبها، وتخيل كيف صارت عندي متوالية افرغ من كتاب وادخل في عمق كتاب آخر بعده. حتى رأيت نفسي اكتب قصة، اخترعتها، هكذا أخبرت مدرس مادة درس الإنشاء من بعد أن خيرنا لأجل أن نكتب قصة سمعناها أو قرءنا ها.. تلك هي الكلمة التي جعلت مدرس اللغة العربية يجعلني التفت إلى الأسماء التي كنت اقرأ لها، بل ودخلت معترك الإتيان على كتب (فلان الفلاني) بحرص لأنه من إعلام الأدب وخصوصا القصة والنثر.. هكذا وجدت نفسي معنيا بالقراءة أكثر كلما عرفت علما يجررني إلى بقية كتبه، وكنت فخورا معتدا بنفسي لان لي ما يميزني عن إقراني باني الوحيد الذي امتاز بحمل الكتب الكبيرة، واللعب بها، ولم استطع أن احمل (طابة) في يوم من الأيام. وفي خدمة العلم الإجباري التي امتدت أكثر من ثمان سنوات، كنت احمل الكتب إلى هناك أكثر من حملي للطعام والملابس، وفي الوظيفة كذلك كنت أكثر إخلاصا للكتاب من القيام بأي واجب، وفي دراستي المسائية في كلية الأعلام كنت أحب مادة تلخيص الكتب وعرضها، واغلب الكتب فيها كانت تستهويني إلى حد العشق، فما بين قراءتها وعرضها درسا تقويمياً في التمرن على القراءة (البطينة) أي قراءة ما بين السطور، فالإعلام كما تعرف مادة ذكية غير محدودة تقوم عليها الحروب الباردة والساخنة وتشتعل مدن وتفرغ حتى الأنهر من محتواها. القراءة كانت مطلوبة كدرس يومي وكنت أنا استفيد من الدرس في الكتب اجمع.. بعد ذلك كنت بحاجة إلى مورد مالي يقويني ويسد رمقي، فكنت انشر القراءة من بعد تعديل طفيف فكانت مادة صالحة ليومها استحق عيها الأجر. وصرت اليوم امتلك مكتبة غنية بالروايات والقصص والدراسات عنها، إضافة إلى كتب التخصص في مادة الإعلام. أما الآن فانا تعودت القراءة على صفحات الويب وصرت حاضرا المواقع الأدبية أجمعها، وصرت معروفا أكثر لأني اكتب مباشرة من حاسبتي الشخصية، ودون تأخير.. ارتجل الأجوبة مباشرة، دون مراجعة، فجاءت كتابتي الأخيرة متخصصة في الإعلام أكثر منها متخصصة في الأدب. لأننا في ظرف حرج يشكو ضيق الوقت فالكهرباء تهددك بالانقطاع والتوقف عند حرف الجر، أو اهتزاز يُساقِطُ عليك ما هو ابعد من الخوف.. باتت الكلمة مهددة قبل أن تكتب، وخائبة أمام وصف هذه الانزياحات العظيمة.

• نراك في اغلب الأحيان مثابرا مجتهدا وتثار حولك الأسئلة. لماذا؟ والى أين تصل بالإبداع؟

• أن تكون حاضرا في النشر لا يعني سوى انك ترسل رسالتك للآخرين بأنك تحيا رغم كل شيء، وكل شيء هذه تعني للعراقي معناها الحقيقي الواضح بأنك تحيا بقدر ضئيل من مستحقاتك كانسان حاضر العصر التكنولوجي العاجل. ولان معظم المثقفين العراقيين يرفضون أي تدجين فان بعضهم يتفانى من اجل الإيقاع بصاحبه، كأنه يعلن للملأ بأن وحده العراقي بهذه البعقة ليس المغبون فلا بد أن يغبن صاحبه حتى يساويه غبنا... أردت أن أقول لك بما قاله (حمزاتوف) - (بان العراك للديكة).

• نبذة عن مجمل منجزك؟

• منجزي القصصي استطعت فيه أن اثبت باني صاحب رؤية خاصة في كتابة القصة القصيرة والرواية.. لم اكرر تجربة احد من اللذين سبقوني.. بدأت واقفا على قدميّ وكانت بدايتي خطوة صحيحة أوصلتني إلى إصدار أربع مجامع قصصية، وروايتين، ونصوص كثيرة لا استطيع تجنيسها.. أضف إلى ذلك قرأت مئات الكتب ونشرت اغلبها في الصحف والمواقع الأدبية المتخصصة.



‏الجمعة‏، 10‏ شباط‏، 2006

View alahmed's Full Portfolio
tags: