أدب الكوارث.
يتطور الأدب والفنون عامة والشعر خاصة مع تطور حياة الامة ويواكب رقيها رقية، فهو مرآة صادقة لذوقها ورقيها وسموها، أي انحراف فيه له صدى أو هو صدى لشيء ما في سلوكها أو طريقة تفكيرها أو أي شيء آخر.
ويصاحب الفن والشعر أمته في أفراحها فيفرح معها وأحزانها فيبكي ويواسي دون أن يخرج عن صورته أو تركيبه أو بنيته.
ويحدث أن تمر أمة ما بنكبة تهدد كيانها/ فإذا صمدت وحافظت على تراثها وصورتها وطرائق تفكيرها، ونظمها ورؤيتها للجمالإ فإن الفن والشعر يحافظان على تماسكهما وصورتهما، أما إذا خرجت الأمة من نكبتها مهزومة فإما أن يكون فنها مهزوما خاضعا للمنتصر أو مقاوما حافزا لها على القيام والثورة.
وهناك في التاريخ الانساني تعرضت أجزاء من العالم الانساني أو مجموعة من الأمم لكارثة كبرى جماعية أثرت في طرق التفكير والقوانين سواء السياسية أم الأدبية والمقومات الجمالية والمقاييس التي تحكمها، أي أنها أحدثت طفرة كفاجئة خلال فترة زمانية قصيرة غير كافية لأن يتخذ الفن له شكلا أو يتطور طبيعيا على أسس مدروسة، فهو يصبح استماتة أو ناتجا للكارثة فلا يصلح إلا أن يسمى بأدب الكارثة... وأكثر ما يتمثل فيه أدب الكوارث هو الآداب والفنون الرقيقة فسالفها يختلف كليا عن ناتج الكارثة حتى يكاد يقال أن لا علاقة بين هذا وذاك.
ومن أمثلة الكوارث الحربين العالميتين أو المجازر والابادات العالمية الكبرى، ورغم أننا نقبل التطور والتجديد إلا أننا نقبله وفق شروط، أهمها: أن يكون تطورا طبيعيا لا تطورا مرضيا ناتجا عن كارثة وأن لا يكون طفرة .
وناتج الكوارث لا يصح إن أتى فيه فارق كبير عما كان قبل الكارثة، أن ينسب إلى ما كان قبلا، فهو إما نوعا جديدا يقبل أو يرفض باعتباره الجديد دون مقارنته بما قبل الكارثة أو هو تطور مرضي مرفوض إذا نسب لأصل جيد كان مثل الكارثة وخالفه وإن تشابه فيهما جزء ما.
أما شروط التطور والتجديد فستذكر لاحقا، أما المعايير التي تحكم كون الفن مقبولا فهي كما قيل سابقا، الأصول والمفاهيم التي تطورت تطورا طبيعيا، ولا حرج من البحث والإضافة لها شرط عدم خروج المضافات عن الأول والقواعد العريضة للفن أو الأدب أو الشعر، وما يخرج عم مسماه الذي عرف فيه، وتداول الناس أزمانا طويلة.