اللغة روح قومها، ونتاج فكرهم وتعاملاتهم، وبها توثق عاداتهم وأخلاقهم وآدابهم فهي صورة لحياتهم.
والشعر روح اللغة وروح الأمة.
وحين يتم معنى ما في لغة ما ويقال شعرا، فإنه يبقى تاما في موسيقاه التي وضع فيها وصورته الأم، أما إذا نقل المعنى لألفاظ أخرى من لغة أخرى فإنه يفقد شيئا من جماله بالنسبة لأهل لغته الأم، أما بالنسبة لأهل اللغة الأخرى فإنهم يحسون بغربته مهما بلغت درجة براعة من نقله لأن الوزن الجديد الذي سيوضع فيه البيت يختلف عن أصله، كما أن بعض المعاني التي تعجب قوما لا تعجب آخرين، هذا بالإضافة إلى اختلاف طرائق تعبير الناس عن أنفسهم بين قوم وقوم.
إلا أن الطريقة الوحيدة لترجمة أو نقل شعر من لغة إلى أخرى هو أن يكون الناقل عالما بأنسب الأوزان التي سينقل الشعر إليها من لغة الأم إلى اللغة الجديدة، ليس فقط للوزن الأصلي أنما للمعنى أكثر، فمفردان اللغة تختلف عن اللغة الأخرى، ثم أن يعيد الناقل وهو شاعر على أغلب الأحيان، صياغة المعنى من جديد في ألفاظ جديدة بغض النظر عن ألفاظه الأم، ويراعي موسيقى الألفاظ الجديدة ومناسبتها للمعنى، فيكون له فضل الاختيار وفضل الصياغة والأسلوب والنقل ويفي بذلك المعنى حقه والشعر حقه، وينقل صورة مشرفة عن أصل الشعر.
على أن ما يركز عليه الناقل هو المعنى أثناء عملية النقل من لغة إلى الأخرى فينقل كما هو أما الصورة الشعرية فتنقل أن كانت تلقى ما تلقى في لغتها وقومها، وتترك إن كانت لا تلقى رواجا بين القوم الأخرين.