بدأ الوقت ينزف من أصابعي ليرسم أجمل لوحة وداع لحب لم يولد بعد هذا الحب الذي رُوي في الأساطير و دُوّن في قصص ألف ليلة و ليلة حبّ لم يعرف طعم الغزل و لا لقيا النظر و لا حتى رائحة العناق حبّاً لم يرَ نوراً و لا حتى ظلام لم يعرف طعم شوق الغياب و لا حلاوة اللقاء و مع كل نلك فقد كان هناك يزين المكان و ينثر عبيراً فاتناً في الجو و رذاذاً على وردة لم تسقى منذ زمن تمتم جنين الحب في أذني ليقول بأنه لا يريد أن يولد الآن و لا يريد أن يرى النور لأنه يخشى قسوة الحياة و ظلمها و بأن رحم هذه الحياة لم يعد يتسع لجنين بهذا الحجم.. و أنه سيموت حتماً بولادة مبكرة... بكى كثيراً و قال لي: دعيني أتسلل أعماقك لأهرب مما أنا فيه فأكون دمك و اكتبي بي على أوراقك لأحيا هناك و فقط هناك قلت له: ألا تخشى بأن تحيا هناك؟ قال: كلا.. لأن حياتي هناك تعني بقائي و تعني أني لا بدّ عائد من جديد بعد أن يؤمن بي من يريد أن يؤمن و من ثم يصلون لأجلي فأعود فأولد من جديد. قلت له: و ماذا عني؟ فهل ستتخلى عني و تتركني وحيدة بينما تقبع أنت بين أوراقي نائماً أو صاحياً؟ و ما ذنبي أنا إن كانت ولادتك مبكرة؟ فهل أفقدك للأبد بعد طول انتظار؟ صمت طويلاً و هرب من نظرة عينيي المعاتبة امتد صمته حتى قطعت هذا الصمت لأقول له: حسناً ما عليك, دع الحياة تلدك مبكراً أو حتى متأخراً و لكن تأكد أني سأكون أول المهنئين بولادتك , و ليس هذا فحسب, بل تأكد من أني من سيعمل على إنعاشك و تقويتك حتى تكون كأي وليد. و لكن لا تظن بأني سأخلّد وهماً بين أوراقي, و لكني سأكون من يكتب شهادة ميلادك.. .. يارا محمد 11/10/2008 12:00 AM London
View yaramo's Full Portfolio
|