PostPoems Be Artistic. Be Creative. Be Inspired!

البرد قارس…في ذلك المساء من شهر ديسمبر…..

اختبأ الجميع خلف ملابسهم الثقيلة…..

واحكموا إغلاق كل منافذ المنزل…..

فرض الصمت نفسه علي الأرجاء…..إلا من صوت قشعريرة جسد شقيقتي….

وذلك اللون الأزرق الذي ارتسم علي أناملها الصغيرة……

احتضنتها برفق….وطبعت قبله علي جبينها…..

بادرتني بابتسامة….سرعان ما اختفت…..حين انطفأ ضوء الشموع التي التففنا حولها…..

للحظة…تشبثت الصغيرة بي….والخوف يطل من عينيها…..

زاد تشبثها…حين اخترق صفير الرياح حاجز الصمت…..

وعلي إثره..قمت مسرعًا وأغلقت النافذة بإحكام….

توقفت برهة …..أتأمل…..

لقد بدأت تمطر…وفي السماء…انتشرت تلك الخيوط البيضاء الساطعة…

عاكسًة لونها علي وجهي….وعلي حدقة عيني…

لم أفكر كثيرًا…..ارتديت معطفي الأسود….وقفازي الذي يحمل اللون ذاته..

بحثت عن هاتفي…لم أجده…ولم ابذل مجهودًا في البحث عنه…..فربما اختبأ هو الآخر، من قسوة ما سيفعله صاحبه…..

دقائق…وكنت هناك….

أقف وحدي وسط الصخور….أمام البحر مباشرة…..

لا يفصلني عنه سوي أمتار…..

تتصارع الأمواج….حتى تصطدم بالحواجز الخرسانية…..

وترسل لي الرذاذ…ترحيبًا…

كأنني كنت اتحدي الرياح….واتحدي البشر….

تركتهم و جئت وحيدًا…..

أغمضت عيني….وتركت يداي ترتفعان حتى استقرا في مستوي كتفي….

رفعت وجهي قليلا….وآخذت شهيقا عميقًا…..

بكت السماء علي وجهي…..وأبكتني أيضا…..

ولكن…ضلت دموعي طريقها…بين الأمطار….

لم يعد يسمعني القمر….فهو لم يأت تلك الليلة….

ولم تعد دموعي…قادرةً علي الإقناع….

فالسماء تبكي أيضا…..

حتى أنت يا بحر…..تتصارع أمواجك…!