جريمة في الذاكرة





أفكار              أفكار             أفكار










الحديث عن المكتبات بالنسبة لي حديث ذو شجون



ففي الوقت الذي تغمرني فيه بهجة عند حديث كهذا – حيث المكتبة تعني كتباً ومخطوطات وأسراراً مودعة في



بطون الكتب وفكراً حياً – يشب في داخلي حريق يشابه ذاك الذي طال مكتبة الإسكندرية مرتين عبر التاريخ ..



والمكتبة الفاطمية ومكتبة طرابلس وبغداد كأمهات للمكتبات.



وأتخيل ذاك الذعر في عيني الغازي -  وقد أتى أحياناً تحت اسم فاتح -  ليبتدئ أولاً بحرق المكتبة



لكأن الكتب شوكاً في الفراش يقض مضجعه ورجال تنهض من بين الورق متحدية حتى الموت



لأن الفكر يعني وعياً جماعياً يهدد العروش والمناصب ويطالب بإنسانية من مصلحة الحاكم أن تبقى غافية



وأتساءل : هل تقل جريمة حرق مكتبة بشاعة عن مجزرة جماعية



وهل يقل وحشية قاتل النفس عن قاتل الفكر



حريقي يطفئ ناره إيمان بأن الفكر لا يموت



من الرماد يطل برأسه ولو بعد قرون



إنما هو تعطيل لمسيرته وعرقلة لتطوره ليس أكثر



إيمان بأن التاريخ – ولو طال الزمن -  سيقاضي كل من أتلف كتاباً بحجة الحرص على أخلاق ودين أمة .



*ثناء درويش*










View thanaa's Full Portfolio