سن الحكمة





أفكار              أفكار             أفكار











- تغيرت كثيراً



- قولي .. تغيرنا معاً .. وهذا أمر طبيعي .. طالما يحكمنا كغيرنا الزمن



- كنت تطوق جيدي بأزهار الياسمين



- لكنني لا أنسى اليوم أن أدلك ظهرك بعد يوم مرهق طويل



أو أدخل المطبخ بدلاً عنك حين أراك متعبة .. لا تقوى ساقاك على حملك



وأنت



كنت لا تنسين تقديم هدية لي في ذكرى مولدي



- معك حق .. غير أني أحرص على أن أدثرك كطفل عندما تنام خوفاً عليك من البرد .



يسود صمت قبل أن تستأنف :



- كنت تعود إلى البيت باكراً شوقاً إلي ورغبة بي .



- ما زلت أعود باكراً إنما يدفعني الآن  لذلك واجبي وإحساسي بأنك وحيدة  .



- هل تذكر كيف كانت الساعات تمر ونحن نثرثر دون أن نشعر بذلك .



_ ولكن هل تعتقدين أن ثرثرة أيام زمان كانت تجمعنا أكثر من صمت هذه الأيام .



- هل ما زلت تهواني

-

- بل أحبك .. والحب كما تعرفين غير الهوى

-

- كأننا صرنا نشبه بعضنا حتى بالشكل ..



وينتابني شعور أن بي منك كما بك مني الشيء الكثير





يضحكان



لأنهما يعرفان معاً أن  الحب يأخذ معنى آخر وشكلاً آخر .. بعد فترة من الزواج .



وأن لكل مرحلة من العمر بريقها الخاص ...... وتطلعاتها.*





حوار يدور بين كل زوجين بشكل أو بآخر .. لكنه يكون غالباً أكثر حدة ..



وينتهي بشكل أقل عقلانية .. وإن شئتم .. رومانسية



فبعد سنين من الزواج يتسرب الملل إلى النفس .. وتشكل الواجبات عبئاً .. خاصة ضمن حصار اجتماعي ..



سياسي .. اقتصادي   " يزيد الطين بلة "  .. وتكون النتيجة هروباً ….. وما أكثرها طرق الهروب .. التي تختلف



أشكالها بين المرأة والرجل .. تبعاً لموقع كل منهما في مجتمعنا الشرقي



فالمرأة على الأغلب .. التي أرهقها الإنجاب وتربية الأولاد والعمل داخل المنزل وأحياناً خارجه تصل في سن



الأربعين إلى مرحلة تشعر معها بالإفلاس .



جسدها وقد بدأ يفقد نضارته وما عاد نقطة فعالة تجذب الرجل ..



أولادها وقد كبروا وبدأوا يشقون طريقهم بأنفسهم .



زوجها وقد أخذ يبتعد وما عادت تمتلك نفساً مستمراً لجذبه إليها .



ولأنها أكثر من الرجل تعايشاً مع عالم الأحاسيس .. ستشعر فجأة بالوحدة وتصبح عرضة لخلل ما في توازنها



النفسي .. إن لم تجد من يقويها باستمرار .



أما الرجل .. فسيتأخر عنده الشعور بأنه ما عاد شاباً ..



وسيهرب من البيت إلى أصدقائه .. أو يغرق تماماً بعمله أو هوايته .. وربما يهرب الى امرأة أخرى – وهنا الكارثة -



ليغدو الزواج بعد فترة مؤسسة مقيتة .. وواجب كريه .. وما أقساه حين يكون الشريك مختلف تماماً عما يرغب .*





وأتأمل هنا .. لا فيما هو كائن .. بل فيما يجب أم يكون … كعادتي :



ذلك أنني أؤمن بما يؤمن به كل الحكماء أن :



سن الأربعين أساساً .. هو العمر الذي يترافق بهبوط الحكمة ولا فرق هنا بين رجل وامرأة



ومن أراد إثباتاً دينياً فليرجع إلى القرآن ويتأمل في السن الذي بعث فيه النبي برسالة أو أوتي حكمة



وطالما بقينا نصغي للغة الجسد وخطابه الذي يشدنا إلى الأسفل .. لن نفهم من دعوة الحكمة شيئاً ..



ولن نرى في هذا العمر الفاصل سوى جسداً يتراجع تدريجياً .. مسلوب القوى .



أما حين يعي الزوجان معاً هذه الحقيقة .. ويمضيان سوية على درب الحكمة الطويل الجميل - وربما لا يحصل



ذلك إلا لكل ذي حظ عظيم  - أستطيع أن أقول أنه " الزواج المثالي "



المشكلة أحياناً هي في اكتشاف أحد الطرفين لهذه الحقيقة ..  ودوره  أو لنقل جهاده في إيصال الطرف الآخر إليها



فإذا استحال ذلك سيكون صبره كصبر سقراط على زوجته الجاهلة .. وربما اكسبه هذا الصبر حكمة مضاعفة .

*ثناء درويش*












View thanaa's Full Portfolio