حوار أم جدال





أفكار              أفكار             أفكار










أخي .. من جديد أرسل إليك رسالة محبة .. فإذا لم يصلك حبي مع كل كلمة تقرأها



اعتبرها كأنها لم تكن .. واقبل اعتذاري .



أما أنا فسأظل أرسل حبي .. مع إشارات الاستفهام والتعجّب .. علّها تستوقفك يوماً



في خضمّ حياتك المتلاطم .



سأسألك من جديد .. لماذا ؟



لماذا كلّما قلتُ رأياً لا يناسبك .. أو يخالف رأيك .. اعتبرتني مخطئة .. وأني لا أرى



الحقيقة .. ووحدك من تراها ؟



ويرتفع صوتك محاولاً إقناعي بما عندك .. كأنك بالصوت العالي ستقنعني .  فإذا



صمتتُ تجنباً لتأزيم الموقف اعتبرت سكوتي ضعفاً .. وهزيمة .. وابتسمت منتصراً



لماذا تأخذ حواراتنا شكل التحدّي وإثبات الوجود .. وتكون أبعد ما تكون عن الهدف



الأسمى وهو الوصول إلى فكرة مشتركة أو الخروج بجديد يخالف ما يحمله كلانا .



ليس حواراً ما نتبادله .. وإنما جدل عقيم يزيدنا غربة عن بعضنا .. وتشنّجاً



وانكماشاً ..



ذلك أننا نأتي مع كامل أسلحتنا .. كأننا قادمون إلى حرب .. لا إلى مجلس حب .



ونرتّب مسبقاً ما علينا قوله .. وبما نجيب إذا حوصرنا -  بخانة اليَكْ- كما يقال .



لأننا جدلاً مؤمنون بسلامة ما عندنا .. وخطأ ما عندهم .



نوهم الآخر أننا نستمع إليه .. بينما نحن نحيك في ظلمة فكرنا ما يجب أن نردّ به



والأشطر من امتلك حضوراً .. بطريقة جلوسه .. وطريقة إلقائه .. وحتى طريقة



صمته .



لماذا .. يا أخي .. نتقن جميعا .. تعلّم الفصاحة والبيان .. ونعجز أن نتقن فنّ



الإصغاء والاستماع .. وقد قيل : ليس الفضيلة في لسان فصيح ولكن في أذن



واعية .



وإذا حدث وغيّر أحدنا منهجه الفكري .. باقتناع . . بعد حوار وتأمل .. اعتبر



متذبذباً .. وهل يمكن الوصول الى السكينة إلا عبر الحركة . وحتى هذا يبقى نسبياً



إذ لا سكينة مطلقة في عالم التجدد والتبدل .



وبعد .. أقول إذا ما رأيتني أميل إلى الصمت في حياتي .. لا تعتبر ذلك سلبية وضعفا



لأنني أفضل ألف مرّة سلامة النفس في الصمت .. على تشويشها في نقاشات لا



طائل منها .. سوى إثبات الذات .. والدعوة إلى – الأنا -  فينا .. تحت وهم مناصرة



الحقيقة ..



وأقول الصدق .. إنني ألمح طيف الحقيقة .. في كلّ حلقة حوار .. ترتفع أصوات



أفرادها .. وكلٌ يناضل لإثبات ما عنده .. وأراها تنظر بعين الرثاء والشفقة لمن



باسمها يتصارعون وهم لا يمتّون إليها بصلة .. وتهمس :  ( عمّا قريب يزاح



الستار ويذهل الجميع .. فما كانوا لي يدعون ولكن لذواتهم من حيث لا يشعرون )





*ثناء درويش*








View thana-darwish's Full Portfolio