يحكى أن يحكى أن يحكى أن الأثير يبوح بالأسرار كلنا يعرف الخفّاش .. ولكن لا أحد منّا يعرف حكايته الحزينة .. ولا سرّ ابتعاده عن العمران .. وسُكناه الخراب . الأثير وحده يعرف .. لأنّه مستودعٌ لكلّ أسرار الكون منذ الأزل وإلى الأبد يحفظها دون تغيير أو تزوير . ولقد باح لي بالسرّ يوماً .. لمّا أبديت تلهّفاً وشوقاً للمعرفة .. ورغبة في إزالة الحجب والأستار .. عن غوامض الخلق .. ومبهم الأفكار .. فقال : أيتها المسافرة في عوالم المجهول .. أيتها الظمآنة التي لا ترتوي .. بيد الشوق طرقت بابي .. وكلّ الأبواب تُفتح لمن يطرقها بيد الشوق . وإليّ جئت تلحّين بالسؤال .. وردّ السائل خطيئة كبرى . سأحكي لك الحكاية .. فاقرأي ما بين السطور .. كي تبلغي البيت المعمور في زمنٍ قديمٍ .. قديم .. بعدما أتمّ الله الخلق .. وصعد إلى سمائه السابعة ليدبر الأمر بدأت الكائنات تميل لتكوين جماعات متعايشة فيما بينها توحّدها مجموعة من الصفات . أحبّ الخفّاش كغيره أن ينتمي إلى عائلة ما .. وأن تكون له هويّةٌ ونسب . في الواقع .. لم يكن يعرف إلى أين يمضي .. إلى أن سمع رأياً يقول : إنّهم يصنّفون المخلوقات حسب شكلها وحركتها وأنت تطير بجناحين كبيرين .. فاذهب إلى أهلك في عالم الطيور . قصد الخفّاش عالم الطيور مستبشراً .. بحياة قادمة يحياها مع الجماعة وكلّه أمل أن تُقبل أوراقه عندهم لم يطل انتظاره كثيرا .. فقد أدخلوه بعد دقائق إلى - الهدهد- المرجع الأساسي للطيور في معضلات الأمور وبعد أن ألقى عليه نظرة ثاقبة .. ونقّل الطرف في جسمه العاري من الريش ورأسه الشبيه برأس الثعلب سأله عدة أسئلة دقيقة و محرجة .. ثم اعتذر منه بلباقة : ( يا بني .. ليس الشكل هو المقياس الوحيد في التصنيف والصورة حكمٌ ناقص في نسب الكائن إلى مجموعة كم من إنسان .. له انتصاب القامة .. لكنه كالأنعام .. بل أضل سبيلا وأنت كما ترى تتكاثر بالولادة ..لا بالبيض . وترضع صغارك من أثدائك بدل أن تزقّهم الطعام بالمنقار .. يلتصقون بك في تحليقك وهبوطك وهذه صفات جذرية تجعلك من عائلة الثدييات فامض إليهم وقدّم حججك الدامغة ودافع عن انتسابك إليهم ) شكر الخفّاش الهدهد وغبط الطيور على وجود مثل هذا الرأس المدبّر بينهم . فمن كان بدون رأس أضحى ذنباً أُكرهت الثدييات على قبول الخفّاش بينها .. لحججه المنطقية لكن غربته عنهم كانت تزداد يوماً بعد يوم . سيّما وهو يرى الامتعاض والتذمّر باديين على وجوههم .. وربما كان ذلك حسداً لأنه الوحيد بينهم الذي له القدرة على الطيران. أخيراً اتخذ قراره الحاسم الذي غيّر مسيرة حياته كلّها لقد قرر أن يهجر العمران إلى الخراب .. ويتخذ الكهوف وطناً له وله في ذلك رأي مقنع .. إنه يرى أن الكهف ليس أشدّ وحشة من جماعة أنت فيها غريب . لقد أنس بالوحدة ورأى بالخراب نعيماً .. فكان ينام نهاراً ويخرج ليلاً باحثاً عن رزقه . ومع مرور الوقت فقد بصره لعدم الحاجة إليه .. وأصبحت عيناه لتمييز الليل عن النهار فقط وما كان الله ليتركه بدون دليل بعد أن حُرم من نور الشمس.. فوهبه السمع المرهف .. وجهاز أشبه بالرادار في دماغه فهو يطلق صيحات حادّة تصطدم بالعائق فتنعكس الأمواج الصوتية ليسمعها ويهتدي لقصده بسرعة فائقة وما زال الخفّاش منذ ذلك الوقت معتكفاً في الأماكن المهجورة .. يسعى لرزقه ليلاً بعينين فقدتا النور وما زال الناس يتشاءمون منه ويخافون صيحاته التّي تدوّي في الظلام وتقلق أمانهم الكاذب ختم الأثير بوحه قائلاً : لم تكن صيحات الخفّاش إلاّ استنكارا لقوانين الخلق الجائرة .. وصرخة حق في زمن الباطل ولكن كيف لعقول البشر أن تفهم إلا ما يوافق هواها ومعتقداتها .. تتوارثه جيلاً بعد آخر .. فيغدو قانوناً حاسماً غير قابل للطعن فيه . *ثناء درويش* View thanaa's Full Portfolio Login to post comments 265 reads Tweet last updated 12 October 2010 - 4:57am ©25 February 2005 - 11:22am — Thanaa Free Membership Username or e-mail: * Password: * Request new password Who's online There are currently 1 user and 385 guests online.Online usersTeytonon Who's new Savvart arielle SilverDawn simon EllaF LornaRJ