الظل التاسع عشر / مريام

Folder: 
ظلال

 

 


جلست مريام مستوية على سوقها في أول جلسة تأمل جماعية تمارسها، مدت ذراعيها كغصنين فتشابكا مع ذراعين مجاورين. 

أغمضت عينيها كحال الجميعِ، و بدأ المعلم الروحي بترانيم عذبة سماوية تشوّق النفس لمبدئها و منتهاها، فبدأت الأجساد تتمايل و بدت مستغرقة في "الحال" كأنها لا تمت لطين الأرض بصلة .

هل قلت كان اسمها مريام....... 

لست متأكدة تماما، فلعل أي اسم منكنّ كان اسما لها، فالأسماء تمحى و تبلى ، كما الدموع التي راحت تنهمر بغزارة من عينيها و هي تستشعر خفة جسدها و ارتفاعه شيئا فشيئا. 

ثم فجأة.....  

المعلم الذي رفعها، أعادها بسوط كلماته للواقع قائلا

إن الدموع ليست دليلا على طهارة النفس، إنها تحريك خلوي لا أكثر. 

التفتت لترى المشهد حولها ، هل احد معني بالغمز سواها.. ومن غيرها أبكاه القصيد، فلم تجد إلا جمع يتهامس حول عدم إحساسهم بأية خفة. 

لم يكن المعلم ليفهم ان دموعها ذروة التعب..  هي حكاية درب وعر سلكته خطوة خطوة بالصبر و الصمت.. لا مجرد ردة فعل.

 أما هي فقد فهمت تماما مقصده........

يوم سماها مرتدة حين أعلنت خروجها عن طرق التصوف. 

- للمعلم  وحده أن يمنح هكذا حق للمريد !؟

المريد كالميت بين يدي الغسال. 


لكنني كنت ذلك الميت

لسنوات أخدم بكل رضا

فلما غنيت موالي

تساوى حتى أهل التصوف في التكفير. 


صمتا يا مريام

دعي القوم نيام

View thanaa's Full Portfolio