الظل 18
رحيل
غرفة التحقيق ، كانت على قدّي ممدّدا ، و بارتفاعي لو جلست.
مجرد زجّي في الزنزانة المنفردة ، بكفنٍ أبيضٍ مخادعٍ - لم يقنع الديدان بالكفّ عن مشروعها البيئوي التنمويّ - ابتدأ التحقيق..
ما اسمك؟!
ما دينك؟!
ما مذهبك؟!
من رسولك؟!
من إمامك؟!
و كنت من هول المشهد لو سهوت ، تنهال عليّ مقامع الحديد ، يتناوب عليها "ملاكا" العذاب "أنكر و نكير".
هنا لا يحقّ لك أن تسأل ، فقط أمهلت سنيّ عمرك لجعجعة الأسئلة و احتمالات الجواب.
هنا لا يمكنك أن تكذب.. و أنكر و نكير كفيلان بإنطاق الحجر، و هما نصيرا كلّ طائفة و مذهب.. يتبنيان معتقد المعتقل المتوارث.
يقال أنه من هول طرق التعذيب و جدوا أحدهم جالساً و الآخر مكبّا على وجهه.
السؤال الذي إجابته أكيدة.. هو :
لأي فرع تحقيق رهيب تتبع هذه الغرف المغلقة على أفانين تعذيبها؟!
الجواب.. واضح.. و جليّ :
للرحمن الرحيم..
الطريف أن الملاكين حين عرفا أنني "مقشّط" .. بلا مذهب أو دين اختفيا من ضيق مضجعي.. و يئسا من إرعابي، فلست "بنظرهما".. سوى جثة هامدة ستعيدها الجراثيم المفككك بأمانة لأمها الطبيعة.