"ظلال"
الظل 16
مريم
أنا يا صديقتي لستُ لي
قبل الزواجِ كنتُ لأهلي
بعد الزواج صرتُ لأهلي وأولادي وبعلي
رغم أنهم لهم ما لهم وما لي
أنا لستُ لي .. عبَرَ عمري وليس لي مني شيء
لا وقتي .. ولا عملي
لا اهتمامي .. ولا مالي
حتى الربّ استوطن بدل قلبي عقلي...
وكنت كثور في عنقه نير أدور وأدور .. أفلح و أمنح ما بين خوفي و خجلي....
فجأة وكان الشيب قد غزا مفرقي، وصار لعظامي صرير باب صدئ تلفّتتُ حولي
وجدتني وحيدة حتى النخاع ولم تزل الأفواه و الأيدي تستنزف قولي وفعلي...
فصرخت .. أقيلوني من أنواتكم فلي أناي .. وسأغني ولو مرّة موالي..
هكذا خرجت من باب اللا عودة .. تشيعني عيون ذبحتني محبتها من الوريد للوريد..
أردت أن أختار مرة ما أريد..
وأن أقول للدنيا .. لن أمنحك بعد لا خدا أيمن ولا أيسر لتصفعيه بتسليمي ورضاي.
أن تكون مضحياً ، تلك سمة الأخيار الطيبين، حيث تفيض النفس فطرة بكرم سجاياها،
لكن المطبّ الأكبر أن يكتب عليك أن تكون دوماً كبش الفداء.. لأن كرمك سيقترن مع الزمن بتفضيل اولوياتهم على اولوياتك، وأن تمحق أناك لتكبر هالاتهم، فإذا ما فكرت يوما بذاتك غلّك خجل متجذر في النفس رضعته وتربيت عليه، فيصبح منحك فعلا لازم الوجوب لا فضل لك فيه.
وحين من سجف الصمت يخرج صوتك...
سيخرج ناشزاً غريباً كنكرة في محفل معاريف...
سينظرون إليك و كأنك جدار آيل للسقوط كانوا يظنونه حائط مبكى أو محجّ احتياجاتهم..
ولا تستغرب إذا ما نعتوك بالأنانية..
ستمضي في الدروب وحدك...
وأنت تعلم أنك الوحيد أنّا الدروب سلكت
ستحفر في الصخر وقد ولّى العمر
وتوسّع براحتيك الضيق .. وتجدّف بذراعيك وأنت الغريق
لن تستسلم.....
ستبدأ من جديد في ركنك القصيّ ببداية تليق بالنهاية ..
لأنك اخترت أن تكون الحرّ..
في فضاءات لا تأسرها رغبات البشر.