الظل الرابع
صفية
للربيع العشرين على التوالي، آتيك يا شجرة الأمنيات لأعقد بكل إيمان شريطة توقي لطفل، على غصن من غصونك الذي بدأ ماء الحياة يدبّ فيه ،ليتفتّق عن براعم ورق غضة فتية .
اخترت هذا العام شريطة بيضاء قصصتها من فستان عرسي كأعزّ ممتلكاتي و أكثرها حميمية و رمزية عندي.
لأني بهذا الفستان قبل ربع قرن أعلنت للدنيا عن رغبتي في أن أكون أماً ، و ما ظننت لحظة أن السماء قد تهب كلبة جراءً صغيرة و تحرمني .
السنين الخمس الأولى مرت في مراوحة مرّة بين أملي و إجماع الأطباء أن لي رحم طفلة ضامر محال أن يحمل.. و عينا زوجي اللتان صارت نظرتهما أكثر جرأة في إعرابها عن رغبة تحولت لقرار ذات ليلة .. سأتزوج يا صفية رغم حبي لك .. لا سلطان لي على دمي يريد وريثا يحمل جيناته و اسم عائلتي.. ولك أن تبقي عزيزة مكرمة أو ترحلي.
بعدها .. أتيتك يا شجرتي الحبيبة أتمسّح بجذعك فما رأيت في الكون أقرب منك ومن قلبي للسماء..
أتيتك بيقيني أتوسل ككل مرة : "يا باثق الوجود من العدم .. اجعلني معجزتك .. لأني لا أصدق أني عاقر وها زوجي تزوج لأكثر من مرة .. لكنه ما زال يبكي كطفل على صدري حنينا لأبوة لم تتحقق" .
أنا لا أدري ما الفرق بين ربيع هذا العام وكل نيروز مرّ قبله.
و لا أدري هل هناك مسافة تفصل صوت الابتهال عن السماء و زمن يلزم ليتحول الدعاء لحقيقة .
هل هناك لحظات تتفتح بها أبواب التلبية .. من قبل سلطان مقتدر يمنح و يمنع.. ثم تغلق عمراً
هل تُجرى دراساتٌ مطولة تستغرق ربع قرن ليأتي الرد بالإيجاب ..
"لقد وصل توسلك بحق كل هذه الآهات التي ذرفتها و ستوهبين طفلك المنتظر.. لكنه لن يكون سويا كباقي الأطفال .. و ستحيين باقي عمرك حبيسة دموعك .. تلعقين في صمت سؤالاً لا إجابة له .. لماذا أثمر صبري صباراً؟!"