الظل الثالث / فرات

Folder: 
ظلال

 


الظل الثالث

فرات


أحبك جداً، يشهد الله أن روايتك ومنذ استهلالها الأول تروي ظمأي و تعطشي للحياة بكل فصولها.

أحبك جداً ،رغم أني لم ألتقيك إلا كلمات و صوراً و فيض شعور يحفر مجراه في أعماق نفسي.

أحبك جداً ،ولكن أرجوك .. أرجوك .. لملمي حروفك عن الأمومة و صورها الباذخة جمالاً و كمالاً ، و انذري كمريم صوماً ، كُرمى لجرح أمومتي الغائر النازف أبداً.

أنا الأم التي خلع أولادها بقسوتهم صولجان مجدها لتلعن كل لحظة صلباً استودع نطاف شهوته في رحم كم شحذ من الحياة لحظة حب فلم تهبه إلا صليل الرغبات العابرة.

لملمي قصصك و اصمتي في حرم ألمي.

فمن حملت بهم وهناً على وهن كلهم رحلوا .. من أنجبتهم بالألم أغلقوا سرداب أمومتي و رموا المفتاح للحياة الساحرة تتفنن باستعراض بهلوانيتها على رحمي الدامي .. من أرضعتهم حليبي الطيب صار في دمهم ماء حيناً عذباً و حيناً آسناً .. لكنه في الحالين ماء.

رحلوا طوعاً أو كرهاً ، ولم يلتفتوا مرة ، لقلبي يتفتت رمالا تذروه رياح القدر في عبثية القهر.

رحلوا لأوهامهم الجميلة المسلية، و تركوني في واقعيتي العلقم أتجرعها مكرهة في درب لم أختر بدايته ، و نهايته يسدها مكر أهل الدنيا كلما حاولت الخروج للنور.. أو شيطان سلمه الله ناصية الأمور ليتحكم بمصائرنا بكل شرّ.

من يصمت هذا الطنين الأبدي بأذني .. مردداً لحناً ساخراً للحياة..

من يسلخ هذه القسوة جلداً بعد آخر عن روح أبنائي و يعيدهم أطفالاً لحضني.

من يخبرهم أني لا أريد ما وهبتهم من مال أو ما قنصوه مني .. ولا طاقة شبابي التي استنزفوها حتى آخر نبض.

أريد فقط أن أشمّ ريح الماضي في ثيابهم.

أريد أن أموت و حول سريري وجوه غبت كي تشرق.


 

View thana-darwish's Full Portfolio