الظل الثاني
ليلى
لا تكتبي عني يا أمُّ ، بل دعيني أتدفق على سطورك دمعاً و توقاً و لياليَ سهد.
لعلك قد بكيتِ عمراً من تعب أو قلق أو ألم أو خيبة، لكن دموعك لم يكن لها يوماً طعم الحرمان من الضنا.
"الضنا" .. يا للكلمة المعبرة جداً عن تعب وعذاب الأولاد المحبب العذب ، للأمّ والأب، فيمضيان التعب لهاثاً لأجلهم قبل مجيئهم و بعده.
مثلك أنا تزوجت وبدهية أن أنجب لا يخامرها شك أبداً .
الشهور الأولى من الزواج تمر بالانشغال ثم يبدأ القلق يتململ ، و سؤال كلما دفناه أطل برأسه مضطرباً في نظرة العين وارتعاشة الأنامل و نشيج القلوب لما يستكين كلّ حبيب لحبيبه
"ماذا لو .....؟! "
و تخرس الحروف بعدها ، فالنفس أضعف من أن تتخيل حرماناً بهذا الحجم ، و قسوة من القدر بما يعادل عدم الإنجاب كأي كائن حيّ على هذه الأرض.
إلى أين تهرب عيناك بعيداً عني ، و كيف لك أن تكتم صراخ الأبوة في صلبك لا يمنع هديره من الوصول لقلبي كلّ جدران الكون.
يا من قاسمتني حتى شهقة الفرح وزفرة الألم ، ألم تصغي كل ليلة كيف أموء كهرة في حضنك ، و أنت أعجز عن فتح مغاليق السماء لتهبني طفلاً له لون بشرتك وعينا حلمي.
ويمضي العمر............
لا ..لا تكتبي عني
محال أن تكوني عشت تفاصيل انتظاري و أملي و خيبتي و تمردي على رحم لا ينجب و ثدي لا يرضع ، و تفكيري بالبدائل كفكرة التبني ، و تقليب الفكرة بين أخذ و رد ، ثم خاطر طفل الأنبوب ، و ... و ,,,,,,
وصولاً لاحتضاني نفسي بعد احتضار طويل لقيامة و بعث.
لأقول لزوجي في ابتسامة صلح مع قهرنا المشترك و الحرمان :
"سأفتح دار حضانة ..... "
صديقتي التي لا تكبر أبداً تضمني كطفلة لتخبرني :
"تجتاحني المشااااااعر ...وتخذلني الكلمات
لأمومتك الأولى حكاية ...ولأمومتي حكايات
حمل رحمك طفلة ....وحمل قلبي أطفالاً
أرضعتِ من ثديك ....وأرضعتُ من روحي
قبلتها ..حضنتها ..غمرتها..فكانت لها رائحتها
قبلتهم...حضنتهم...غمرتهم فكانت لهم روائح توحدت في مشمّي
كبرت تحت جناحيك وبقيت ...كبروا بين اضلعي .....ورحلوا وتركوا في قلبي نبضات تزيد قلبي شغفا للحياة ..
أحبهم من كانوا ...وكيفما كانوا ...طالما هذا القلب قيد الخفقان...."