الفصل السادس
تراه مبدعي .. "حضرة الأديب" .. يتقمّص هواجسي و رهاب الأقوى و الأعلى؟!
أم ان الخوف هو طاعون هذه الأمة المستشري و المعدي ولو عبر النظرة و الكلمة؟!
مسكين انت يا صديقي الأديب، رغم الحبوب المهدئة كنت أرقب تقلّبك في فراشك و أنفاسك غير المنتظمة.
وكم وددت لو أنهض عن الكرسي الذي تركتني عليه و أغادرك إلى غير رجعة، لأكتشف فجأة خيوط شبحية تربطني و إياك لا ينفع لقطعها مقاومة ولا استبسال.
هكذا اندسست تحت لحافنا المشترك كمصيرنا المشترك .. لعل الدفء يهبنا معا طمأنينة واهمة.
نام هو وبقيت عيناي تجوبان الفراغ بحثا عن جواب شاف لسؤالي الأزلي، عن دوافع الكتابة و التدوين ، و أزن بميزاني ما جرت الكتابة واللغة عموما على البشرية من ويلات.. مقابل ثورة حضارية و إبداعية.. فيخونني الميزان كل مرة دون أن أقدر أن أنحاز لكفة دون أخرى.
يا حصرم الألم ترفّق بي ، فعقلي عاجز عن فهم ما أقرأ.. من كشوفات رهيبة تقلب الموازين من أساسها......
على الألواح الأوغاريتية قصة آدم وحواء خطها أحد الأدباء قبل ثلاثة وثلاثين قرناً من الآن وقبل قرون عدّة من سفر التكوين اليهودي.
أما قصة الخلق في الأديان الإبراهيمية الثلاثة ، كم مثير للعجب و الطرافة ان تكون جاءت من إنوما إليش "ملحمة الخلق البابلية" .
و عبر الأسطورة بملحمة جلجامش يكون لخيال شين ئيقي ئونيني السبق بقصة نوح و الطوفان.
و يا لهول الاكتشاف لو صدقناه.. الإله الفرعوني حورس هو من تحدث عن الولادة من عذراء، الهروب، شفاء المرضى، عودة الأموات والمشي على الماء...
ثم في تراث كيميت الفرعوني قصة الصلب قبل الصلب بكثير.
ثم يذهلك الإله السوري بعل بقصة تحريم لحم الخنزير.
أما اسطورة آنزار الأمازيغية فتبهرك بقدم صلاة الإستسقاء...
و في تعاليم زرادشت تقف خاشعا
كل ما فيها يجعلك تقلب طاولة اللعب.. مقهقها .. لمسرحية مضحكة فصولها دموية سوداء.
لقد ضحكوا علينا يا كاتبي
اللغة برعت عبر تناقلها في التمويه .. ليصير النص سماويا مقدسا.
كلنا ضحايا التدوين وحتى المشافهة من فم لأذن عبر القرون.
انهض ايها الأديب.. و اكتبني بطلا
لكن حذار.. حذار
من ان تصبح أقوالي في روايتك بعد الف عام مقدسة.. و على أساسها تبنى اوهام جديدة.