شهادة عابر الحافلة
ليلتها، ما زلت أذكر تماماً، أنها كانت الأنثى الوحيدة بين الركّاب.
لفتت انتباهي من لحظة صعودها الحافلة، و تبيّنت رغم النور الشحيح كدمات زرقاء في وجهها ، فقد صادف أن مقعدها قبالة مقعدي.
جلست منكمشة تنضح تقاسيمها بالألم و كنت من حين لآخر أسترق النظر بلمحة خاطفة فأرى انسكاب الدمع من تحت ستائر الأهداب المسبلة.
لم يكن الفضول ما يحرك مشاعري بل تعاطفي الإنساني نحوها، فمما لاشك فيه أنها قد تعرضت لأذى جسديّ و نفسيّ و إلا ما سافرت للعاصمة وحدها في هذه الساعة من الليل.
قلبي مضطرب النبضات لساعات، و حواسي كلها مستنفرة كقطيع أيل نحو هذه الغريبة، و الكتاب بين يديّ أقلّب صفحاته و أدّعي القراءة، فيما عقلي يستهزئ من كل الحروف أمام ألم امرأة.
أتساءل بعد هذا الزمن ، هل كان عليّ أن أعرض مساعدتي عليها..
ولماذا آثرت أن أدعها غارقة في نسك أحزانها .
أتساءل أيضا.......
هل كان سيخطر ببالي ، أنني يوماً ، بعد تلك الليلة بكثير، سأميّز وجهها من غير حجاب عبر لقاء على الشاشة الصغيرة.