الفصل الأول
كانت ليلة باردة مظلمة......
فتحت جهينة الباب بهدوء تام، خشية أن يفضحها صدأ الأيام على مفاصله، فيئزّ متواطئاً مع جبروت أخيها و ضعف امها، وحتى مع حطام الأحلام.
أحكمت ربط حجابها، فيما عجز معطفها عن كبح اجتياح الرجفة في عظامها، فالأدرينالين الليلة في ذروته خوفاً وغضباً و برداً.
الإنارة الضعيفة لعمود الكهرباء العجوز، مكّنتها من تجاوز الحيّ بسلام، لتلقى نفسها أمام متاهة، دروبها تضيق و تضيق لتكتم على أنفاسها...
لابد أن أحد هذه الدروب مفتوح يتسع لمرور ذؤابة روح في جسد هزيل، لكنها أعجز عن الاستدلال بمقولة الخير فيما اختاره الله.
هل اختار الله لها.....
هل يده التي دفعتها بقوة لتتحرر من فرعون و جنده، أم هي يد خفية تتربص بها شرا
وما يدريها لعل الأرض كلها مرتعا للشياطين بيدهم مفاتيح الرضا و السخط.. القبول و الرفض.. الاستعباد او الاستعباد.
بدأت تنوء بالحقيبة التي استودعتها تفاهاتها، والتي عجزت عن الاتساع لكون قلبها ومدارات الألم.
ليس للغريب وطن ولا بيت و لا سقف يحميه.
لكن له إرادة تكفيه و تغنيه ......
صعدت آخر حافلة تغادر، و رمت نفسها متهالكة في مقعد اللاعودة.
تروي فصول الرواية اللاحقة عن جهينة، شهادات لا ندري الحق فيها من
الزّور ممن عرفوها أو عاصروها، و لا أيها عنده الخبر اليقين.