تهويد القدس
النكبة الكبرى للشعب الفلسطيني
بقلم / سري القدوة
مما لا شك فيه بأن النكبة الكبرى للشعب الفلسطيني اليوم هي تهويد القدس التي تتعرض للتهويد والاستيطان ينتهكها من جميع الجهات, و أن الحرب ضد الأقصى والقدس هي حرب دينية حضارية، أثرية، تاريخية، جغرافية، تعليمية، اجتماعية، أخلاقية، أو بمعنى آخر حرب شاملة وشرسة , وهذا الاحتلال الذي يزعم احترامه لحرية العبادة يمنع المسلمين والمسيحيين من الوصول إلى مقدساتهم وإقامة شعائرهم الدينية, كما يقوم الاحتلال وعبر أجهزة مخابراته بتدمير المحتوي الاجتماعي للمدينة المقدسة , كما وتعمل جماعاتهم المتطرفة من المستوطنين علي تدنيس المسجد الأقصى من خلال محولاتها المس به والسيطرة عليه حيث حصلت بعض الجماعات اليهودية على موافقة من قبل المحكمة العليا في إسرائيل للصلاة داخل المسجد الأقصى, لكن هذه الموافقة ربطت بموافقة الجانب ألامني الإسرائيلي, وهو بحد ذاته أمر خطير, ومن الواضح أن الجماعات اليهودية المتطرفة التي تحاول الدخول واقتحام المسجد بين الحين والآخر, أو الإساءة والاستفزاز, هذه الجماعات لا تخفي حقدها ونيتها تدمير المسجد وإقامة الهيكل, وقد تعرض المسجد لمئات الاعتداءات من قبل هؤلاء منذ الاحتلال تمثلت في إحراق المسجد واقتحامه وإطلاق في باحته النار وقتل وجرح المصلين , وفي ظل هذا الدمار تواصل حكومة الاحتلال مخططها المتمثل في عمليات البحث والتنقيب والحفريات بشكل ممنهح ومدروس أسفل ومحاذاة المسجد الأقصى, ومنذ الاحتلال لم يتوقف البحث والتنقيب رغم أن كل ما عثروا عليه يدل على وجود آثار أسلامية وبعضها من العهد البيزنطي الروماني, لكن إطماعهم وتزويرهم للتاريخ دفعهم إلى الحفر أسفل العقارات الإسلامية والمسجد الأقصى, كما حدث في افتتاح إسرائيل للنفق والذي يبلغ طوله 440 مترا, وينتهي مخرجه تحت درج المدرسة العمرية في شارع الآلام, وهو النفق الذي اضر بالعديد من العقارات الإسلامية وأصابها بالتصدع .
ولا يخفى على أحد بأن المدينة المقدسة كانت ولا تزال مطمعا للغزاة والمحتلين منذ فجر التاريخ وحتى الآن .
إن حكومة الاحتلال الإسرائيلي تتحمل المسؤولية تجاه أيّ تداعيات تتسبّب بها التهديدات العدوانية التي تطلقها جماعات إسرائيلية متطرّفة تجاه المسجد الأقصى المبارك في القدس الشريف، طبقاً لقواعد القانون الدولي واتفاقية جنيف الرابعة لعام 1949 حيث يتحمل مجلس الأمن الدولي، كافة المسؤوليات التي تقع على عاتقه، ويجب التحرك فورا واتّخاذ الإجراءات اللازمة لحماية المسجد الأقصى المبارك والمقدسات الإسلامية والمسيحية في فلسطين المحتلة , وهنا لا بد من المجتمع الدولي التعامل الجاد إزاء التهديدات العدوانية المتواصلة التي تتبناها جماعات إسرائيلية متطرّفة ضد المسجد الأقصى المبارك، لما تمثّله تلك التهديدات من خطورة بالغة بالمساس بأحد أهمّ المقدسات الإسلامية، وما ستشكّله تلك التهديدات من عقبات في مسيرة السلم على المستوى الإقليمي والدولي، واستثارة مشاعر الشعوب العربية والإسلامية في جميع أنحاء العالم .
إن أكبر مخطط يستهدف مدينة القدس تمارسه الآن العصابات الإسرائيلية حيث الأخطار التي تحدق بالمسجد الأقصى ومحاولة السيطرة عليه من قبل إسرائيل, تهويدا لمدينة القدس .
و لمواجهة المخاطر التي تلحق بمدينة القدس اليوم لا بد من وقفة جماعية وجهود مشتركة لحماية المدينة من الأخطار والمخططات التي تستهدفها, وهناك حاجة وطنية ملحة لإعادة تفعيل المؤسسات الفلسطينية العاملة بالقدس وإعادة الحيوية لها وضخ دماء جديدة فيها, ولا يجوز أن تبقى المدينة على حالها, مغيبة عربيا وإسلاميا دون أن تتحمل الدول العربية والإسلامية المسؤولية تجاه ما تعانيه المدينة من مخاطر تستهدف الوجود الفلسطيني فيها ودون أن تتحمل أي جهة المسؤوليات تجاه المدينة المقدسة التي تئن تحت سطوة الاحتلال وسياسته العنصرية .
أن المسؤولية تقع على العرب والمسلمين، فالقدس ليست للفلسطينيين بل للمسلمين جميعهم, وهي أمانة في أعناقهم لا يجوز التفريط فيها, وأن الصمت العربي والإسلامي والدولي أضر بالمدينة وفتح المجال لتهويدها والاستيلاء عليها .
أن معركة القدس هي المعركة الكبرى, والقدس أكبر من الجميع و لا يمكن لمن كان أن يتجاهل المدينة المقدسة و نحن بحاجة إلى تجميع الجهود وتوحيد الطاقات لدعم الصمود الفلسطيني بالقدس والمحافظة على المقدسات الإسلامية والمسيحية، من أجل الحيلولة دون تسريب أية ممتلكات مقدسية لأيدي المحتلين، ومحاربة جدار الضم والفصل العنصري، الذي تقيمه إسرائيل في عمق الأراضي الفلسطينية، والعمل عل السماح للمواطنين بالوصول إلى القدس.
والمسؤولية بهذا المجال تقع علي عاتق السلطة الوطنية الفلسطينية، فيجب دعم صمود أبناء شعبنا ومؤسساتنا العاملة بالقدس لتوحيد الإمكانيات في مواجهة سياسة الاحتلال التصفوية والتي تستهدف تهويد المدينة واتخاذ موقف عربي وإسلامي جاد وحازم، للحفاظ على عروبة وإسلامية القدس والأقصى .